النفايات اللبنانية… صفقات مشبوهة..وخطر جديد يهدد اللاجئين السوريين في عرسال
28 سبتمبر، 2016
غابت أخبار أزمة “النفايات” التي شهدتها لبنان مؤخرا، بشكل تام عن الساحة الإعلامية، بعد أن خفت حدة التصريحات والحملات عبر وسائل الإعلام اللبنانية. يخفي هذا التجاهل الإعلامي الاتفاق بين الحكومة اللبنانية والنظام السوري حول تحويل سوريا لمكب للنفايات اللبنانية، بعد أن وصل إلى مرحلة التنفيذ بنقل النفايات اللبنانية إلى الأراضي السورية، مقابل بدل نقدي يحصل عليه النظام.
وبالمقابل، تتصاعد الانتهاكات التي تقوم بها السلطات اللبنانية بحق الشعب السوري، والتي لم تعد تقتصر على قصف المناطق القريبة من الحدود اللبنانية بحجة حماية الأراضي اللبنانية من تمدد “الإرهاب”، بل أُضيف إليها اليوم “النفايات” التي ستطال البيئة السورية في المستقبل، وصحة اللاجئين والنازحين السوريين في القلمون الغربي الحدودي وجرود عرسال اللبنانية في الوقت الحالي.
وقد عمد بعض رؤساء البلديات اللبنانية إلى إنشاء مكبات للنفايات السائلة (الصرف الصحي)، والنفايات الصلبة (القمامة)، بشكل مؤقت للمنطقة التي تخضع لها بلدياتهم، الأمر الذي جعل أحد رجال الأعمال اللبنانيين ينشئ مكباً للنفايات في جديدة يابوس السورية، العام الماضي، بمساحة 5 ملايين متر مربع، يستثمر لمدة عشر سنوات، مقابل دفع 90 دولار على الطن الواحد، باستثناء مصاريف النقل، تدفع للنظام السوري، بحسب ما ذكر موقع الديار.
طمر وحرق النفايات في جرود عرسال
تلجأ بلدية مدينة عرسال اللبنانية الحدودية مع القلمون الغربي السوري، لطمر وحرق النفايات، في جرود عرسال على بعد كيلومترات عن المخيمات المتوزعة هناك.
أبو حمزة، أحد سكان جرود فليطة، يعيش في تلك الجرود المتداخلة بين لبنان وسوريا، قال في حديث خاص لـ”صدى الشام”، أنه “إلى جانب تعرض المخيمات في جرود فليطة لقصف من قبل الجيش اللبناني، تعاني العائلات السورية المقيمة هناك، والتي يبلغ عدد أفرادها حوالي 6 آلاف سوري، والمحرومة من أبسط حقوقها في إدخال الطعام عبر عرسال، من انتشار مكبات النفايات ومكبات الصرف الصحي على مسافات قريبة من مخيمات جرود فليطة”.
تنتشر المطامر غير النظامية وغير الآمنة صحياً بالقرب من مخيمات جرود عرسال، كما تمر شاحنات وصهاريج نقل النفايات من داخل تلك المخيمات
وأضاف “قد تنشر هذه النفايات الأمراض مع مرور الوقت بين الناس في جرود فليطة، إضافة للاجئين في جرود عرسال، نظراً لعدم وجود مطامر نظامية، فهي مجرد حفر، ولا يوجد لدى الحكومة اللبنانية أي رقابة على طريقة كب النفايات أو ردمها”، واصفاً طريقة عملهم بـ”ألعشوائية”.
وأكد أبو حمزة أن “مكبات الصرف الصحي في جرود عرسال، تمر من المخيمات وتنشر رائحة كريهة، تكاد لا تحتمل”.
لا انكار بل تأكيد
لم ينفِ رئيس المجلس المحلي لمدينة عرسال اللبنانية “باسل الحجيري” وجود نفايات ومكبات على مقربة من مخيمات السوريين، حيث قال في حديث خاص: “تتجمع النفايات السائلة في جورة صحية، وبعدها يتم سحبها ونقلها بواسطة صهاريج، لتنقل إلى مكب بعيد عن المنطقة السكنية وتلقى في حفرة كبيرة على بعد 2 كم من مخيمات اللاجئين السوريين في جرود عرسال”.
الحكومة اللبنانية غائبة عن إتلاف النفايات
تمر شاحنات نقل النفايات وصهاريج سحب النفايات السائلة التي تتبع للمجلس المحلي لمدينة عرسال، عبر طريق المخيمات، بحسب ما ذكر لنا أحد المقيمين في مخيمات جرود عرسال، والذي طلب عدم ذكر اسمه، لتحرق أو توضع في حفر، الأمر الذي يخيف اللاجئيين من انتشار الأمراض فيما بينهم وتعرضهم للحشرات الضارة.
بينما قال الحجيري: “تجمع النفايات الصلبة وتلقى بمكب ومن ثم تحرق، ليطال الدخان كل المنطقة، دون الحصول على على موافقة أو ترخيص من أي جهة حكومية”، مردفاً: “وضع الجور الصحية غير مريح صحياً، سواء بالنسبة للمخيمات او للمنازل، لكن الواقع فرض علينا هذا الأمر”.
الصهاريج اللبنانية لا تسلم من قصف الجيش اللبناني
يكثف الجيش اللبناني قصفه للمناطق الحدودية بحجة وجود عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية ووجود عناصر جبهة فتح الشام (جبهة النصرة)، معتبرا كل من يقطن في تلك الجرود “إرهابيا”، مما يدفعه لأن يمارس عليهم كافة أنواع القصف من طيران ومدفعية، وهو ما يهدد صهاريج النفايات اللبنانية بخطر القصف.
وقال الحجيري “تتعرض الصهاريج المخصصة لنقل النفايات أحيانا لقصف من قبل الجيش اللبناني، بالرغم من أن العاملين لبنانيون. ولكن الناس بحاجة لمصادر دخل ويعرضون أرواحهم للخطر، فالحاجة تجبرهم على العمل”، مضيفاً “بالرغم من وجود تنسيق بين الجيش اللبناني والمجلس المحلي، ولكن بعض حوادث تحدث بالخطأ أحياناً”.
النفايات لا تهدد بلدات حزب الله
تقع مدينة عرسال في قضاء بعلبك في محافظة “بعلبك الهرمل”، في محافظة البقاع، وهي محاطة بقرى شيعية موالية لحزب الله، ما يجعل أنظار الأخير تركز عليها باعتبارها البلدة السنية المناصرة بالكامل للثورة السورية. وبالرغم من كل ذلك لا تأثير لنفايات عرسال وحرقها في الجرود على قرى حزب الله المجاورة، وفق تأكيد رئيس بلديتها.
لا تتأثر قرى حزب الله بالنفايات وإتلافها في جرود فليطة، نظراً لبعدها عن المكان. بينما يتعرض سكان جرود عرسال بشكل عام إلى خطر التلوث وانتشار الأمراض والحشرات
وأكد الحجيري “لا تتأثر قرى حزب الله بهذه النفايات وإتلافها نظراً لبعدها عن المكان. فعرسال التي تبلغ مساحتها مع الجرود 450 كم، معزولة جغرافيا عن المحيط”.
تخوف من طمر نفايات بيروت في جرود عرسال
الصمت المفاجئ من قبل وسائل الإعلام، وقلة نسبة النفايات في بيروت، يجعل الأمر محدوداً بين زاويتين: فإما أن يكون نظام الأسد قد باع أراض سورية من جهة المصنع اللبناني لطمر النفايات اللبنانية، أو أن هناك بيع لنفايات بيروت في جرود عرسال لإتلافها وطمرها. وفي كلا الحالتين فسوريا هي المتضرر الأول.
وتخوف الحجيري من “وجود أيدٍ خفية قد تقوم ببيع النفايات من بيروت إلى الجرود”، معتبراً أن “عرسال غير قادرة على حمل نفاياتها لتقوم بحمل آلاف الأطنان من بيروت”.
وأوضح الحجيري أن هناك “دراسة مبدئية لإنشاء مطمر”، وأضاف: “تقوم سيارات البلدية بجمع النفايات الصلبة مجاناً، بينما تسحب سيارت البلدية المتعاقدة مع منظمات دولية من المخيمات، مياه المجارير من منازل أهالي عرسال على حساب صاحب البيت”.
المطامر اللبنانية ليست المعاناة الوحيدة للسوريين
معاناة المطامر غير الصحية وحفر الصرف الصحي والمكبات المنتشرة في جرود عرسال التي تؤثر على اللاجئين السوريين في الجرود اللبنانية والنازحين السوريين في الجرود السورية، ليست الأمر الوحيد الذي يعاني منه السوري على الشريط الحدودي السوري- اللبناني، لا سيما جرود فليطة، حيث يُمنع إدخال المواد الغذائية أو العلاج والإسعاف أو حتى تمرير ربطة خبز عبر الحواجز اللبنانية.
يُمنع إدخال المواد الغذائية أو العلاج والإسعاف أو حتى تمرير ربطة خبز عبر الحواجز اللبنانية باتجاه جرود فليطة التي يقطنها حوالي 6 آلاف سوري.
يُذكر أنه بعد أن كانت جرود فليطة مفتوحة على عرسال اللبنانية، تم بعد شهر آب عام 2014 إغلاق كافة المنافذ الرسمية وغير الرسمية، لتعتبر الحكومة اللبنانية كل شخص موجود خلف حاجز وادي حميد، أي في جرود فليطة، هو عبارة عن “إرهابي”.
[sociallocker] [/sociallocker]