‘شاركوا في انتخابات تشمل الأسد ولن نقاتل عنكم.. في تسريب صوتي هذا ما قاله وزير الخارجية الأمريكي لمعارضين سوريين’

1 تشرين الأول (أكتوبر)، 2016
6 minutes

شرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، الجمعة 30 سبتمبر/ أيلول 2016، تسجيلات صوتية مسربة لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري، خلال لقائه بعدد من أعضاء المعارضة السورية ودبلوماسين من دول أخرى، متحدثاً فيها عن استياءه من إدارة الرئيس باراك أوباما حيال التعامل مع القضية السورية.

وبلغ عدد المقاطع الصوتية التي نشرتها الصحيفة 8، وامتد اللقاء إلى 40 دقيقة على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في مدينة نيويورك بأمريكا، والتي شهدت حينها ما يشبه “حرباً كلامية” بين وزيري الخارجية الأمريكي كيري، والروسي سيرغي لافروف، وكلاهما حمل الآخر مسؤولية فشل “التهدئة” في سورية.

وبدا من خلال كلام كيري وجود عدم رغبة أمريكية في التدخل بقوة بالملف السوري، وحاولة كيري أن يشرح للحاضرين أن بلاده “لا تملك مبرراً قانونياً لمهاجمة حكومة الأسد، في الوقت الذي تلقت فيه روسيا دعوةً للتدخل من قبل النظام السوري”.

ووفقا لتقرير الصحيفة الذي نشرت ترجمته وسائل إعلام عدة بينها وكالة “تاس” الروسية، ومجلة “العصر”، فقد عبر الوزير الأميركي عن عجزه إزاء العمليات العسكرية الروسية في سورية، وعدم قدرته على إقناع واشنطن للتدخل بقوة أكبر.

ولم يخفِ كيري سر وجود خلافات كبيرة دخل إدارة أوباما، ورأى أن “الروس فاقوه دهاءً”، معرباً عن عدم اتفاقه مع بعض قرارات أوباما السياسية، مشيراً إلى أن الكونغرس لن يوافق البتة على استخدام القوة.

وأضاف كيري في التسجيل: “نحن نحاول مواصلة الجهود الدبلوماسية، وأنا أتفهم أن الأمر محبط، لكنكم لن تجدوا أحداً أكثر إحباطاً مني”. وأشارت “نيويورك تايمز” إلى أن العديد من المشاركين غادروا الاجتماع محبطين، مع قناعة بأن إدارة أوباما لن تقدم لهم مساعدات إضافية.

وقالت الصحيفة نقلاً عن مصطفى السيوفي، وهو مهندس مدني، أن كيري أبلغ المعارضة السورية حرفياً: “عليكم أن تقاتلوا من أجلنا، لكننا لن نقاتل عنكم”.

وخلال الاجتماع ذاته، حاول السيوفي ورفاقه الضغط على كيري بلطف، ولكن من دون كلل، بخصوص ما اعتبره “تناقضات في السياسة الأميركية”. ومع تأكيد وزير الخارجية الأميركي أن “محادثات” تجري داخل أروقة الإدارة بعد حملة القصف المكثفة على حلب، وانهيار المحادثات مع روسيا، عاد واستدرك قائلاً إن أي جهد أميركي لتسليح المعارضة أو الانضمام إلى القتال قد يأتي بنتائج عكسية.

وبحسب ما ورد في التسجيل، قال كيري: “المشكلة، كما تعلمون، هي أنه حينما نحرك بعض القوات هناك، فسيرفع الجميع الرهان، أليس كذلك؟ روسيا ستضع المزيد من الجنود، ومثلها ستفعل إيران، وحزب الله، وجبهة النصرة، بينما ستضع تركيا والسعودية كل ما لديهما من أموال، وحينئذ الخراب سيشملكم جميعاً”.

ازدواجية

وأظهرت أجوبة كيري على أسئلة المعارضين السوريين، تبايناً صارخاً وازدواجية كبيرة من الإدارة الأمريكية بين التعامل مع الجماعات المقاتلة في سورية، وبين حلفاء الأسد.

وقال كيري إن “أمريكا تريد من المعارضة مساعدتها على محاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) والقاعدة، لأنهما أعلنا الحرب علانية على الولايات المتحدة”.

أما في الحديث عن ميليشيا “حزب الله” اللبناني – الذي تدعمه إيران في سورية –  حسم كيري موقف بلاده بالقول: “هو لا يخطط ضدنا”، رغمَ أنه يندرج ضمن قوائم الإرهاب الأمريكية كذلك. وعلى هذا، أبلغ كيري المجتمعين أن واشنطن تريد من المعارضة قتال “داعش والقاعدة لأنهما أعلنا الحرب على الولايات المتحدة لكن حزب الله لم يقم بذلك”.

التدخل العسكري

وفي خضم النقاش، واصل كيري حديثه عن العقبات التي تواجهه في أميركا، وهي تتعلق تحديداً بعدم استعداد الكونغرس لتشريع استخدام القوة. عندها رد أحد المشاركين السوريين قائلاً: “لا أحد يطلب تدخلاً عسكرياً”، وأصر على أن المعارضة تحتاج المزيد من المساعدة.

وقال كيري: “الكونغرس لن يوافق على استخدام القوة نظرا لمعارضة الكثير من الأمريكيين إرسال شبابنا إلى سورية ليقتلوا هناك”. وادعى أن “ثلاث شخصيات فقط في الإدارة الأمريكية طالب باستخدام القوة، الأمر الذي انعكس عليّ خسارة في الجدل حول استخدام القوة في سوريا من عدمه”، بحسب “نيويورك تايمز”.

لكن الوزير الأميركي، ومع احتدام النقاش، أبلغ السوريين بشكل مباشر أن أفضل أمل بالنسبة لهم هو القبول بحل سياسي لإشراك المعارضة في حكومة انتقالية، مضيفاً: “حينها ستصبح أمامكم الانتخابات، ولتتركوا الشعب السوري يقرر من الذي يريد”.

عند هذه النقطة تحديداً، فاجأ كيري السوريين الحاضرين، حينما اقترح مشاركتهم في انتخابات تشمل بشار الأسد، وذلك بعد خمس سنوات من مطالبة أوباما بتنحي الأخير.

ما حقيقة التسجيل؟

تسريب تسجيل ما أقر به كيري للمعارضة  السورية فتح تساؤولات عدة، حول من سرب التسجيل؟، وما هو موقف الإدارة الأمريكية بعد نشره؟

تجيب صحيفة “نيويورك تايمز” تايمز بالقول إن “السوريين الذين اجتمع بهم كيري ليسوا متورطين في تسريب التسجيل، وأنهم أكدوا صحته”، ولفتت النظر كذلك إلى أن جون كيربي الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية، لم ينف هو الآخر صحة التسجيل.

ونقلت الصحيفة عن كيربي قوله بهذا الصدد: “لقد عقد وزير خارجيتنا لقاء غير رسمي مع معارضين سوريين للاستماع إليهم، “والتأكيد لهم أن إنهاء الحرب الأهلية في سورية لا يزال يتوسط اهتمامات” السلطات الأمريكية.

وأضاف كيربي: “لقد حضر الاجتماع زهاء عشرين شخصا بمن فيهم عدد من الدبلوماسيين من ثلاثة أو أربع دول”.

ويشار إلى أن الاجتماع عُقد في في مقر البعثة الهولندية للأمم المتحدة في 22 سبتمبر، وضم 20 شخصاً ممثلين عن أربع مجموعات سورية تقدم خدمات تتعلق بالتعليم والإنقاذ والخدمات الطبية في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، بالإضافة إلى عدد من الدبلوماسيين.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]