كيف ظهرت المجموعات المرتبطة بـ (داعش) في درعا؟


image-1

مضر الزعبي: المصدر

كانت المناطق المحررة في الجنوب السوري مختلفة عن مثيلاتها في الشمال السوري، حيث تأخر ظهور المجموعات المرتبطة بتنظيم “داعش” لمدة عامين من تاريخ الإعلان عن ولادة التنظيم في شهر نيسان/أبريل من العام 2013، فكانت أولى عمليات الجماعات المرتبطة بالتنظيم في شهر نيسان/أبريل من العام 2015.

ومنذ ذلك التاريخ ماتزال المعارك مستمرة في الجنوب السوري، ووصل عدد الضحايا لقرابة ألف شخص، بحسب ناشطي المنطقة، وكان لعمل المجموعات المتهمة بالارتباط بتنظيم “داعش” في محافظة درعا عدة مراحل.

ظهور الجماعات

أواخر شهر نيسان/أبريل من العام 2015 وأثناء تحضير تشكيلات الثوار في محافظتي درعا والقنيطرة لشن هجوم على مواقع قوات النظام في ريف القنيطرة الشمالي بهدف فتح الطريق نحو غوطة دمشق الغربية، شنت المجموعات المرتبطة بالتنظيم أولى عملياتها.

وقال الناشط عبد السلام الجولاني لـ “المصدر” إن جماعة (سرايا الجهاد) بقيادة أبو مصعب الفنوصي، وأثناء التحضير لمعركة مدينة البعث أكبر قلاع الميلشيات وقوات النظام في محافظة القنيطرة، نصبت كميناً لمجموعة من مقاتلي فرقة أحرار نوى بريف القنيطرة الشمالي، مما تسبب بمقتل قائد عملية تحرير مدينة البعث النقيب (سامر السويدان) مع مجموعة من مقاتلي فرقة أحرار نوى.

وأضاف بأن تشكيلات الثوار انتقلت بشكل مباشر عقب العملية من معركة مدينة البعث لمهاجمة مواقع جماعة الفنوصي (سرايا الجهاد) في ريف القنيطرة الشمالي، وبعد أيام سيطرت تشكيلات الثوار على مواقع الجماعة في مدينة القنيطرة المهدمة ومحيطها.

وأشار إلى أنه لواء شهداء اليرموك الذي كان يعمل على أساس أنه يتبع للجيش الحر، هاجم في نفس الوقت مواقع لحركة أحرار الشام وجبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا)، في كل من بلدتي سحم الجولان وحيط غربي درعا، ليبدأ إثر الهجوم اقتتال في حوض اليرموك، بعد اتهام لواء شهداء اليرموك بالتبعية لتنظيم “داعش”.

وقررت تشكيلات الجيش الحر ممثلة بالجبهة الجنوبية عقب استئصال جماعة الفنوصي أن تعتزل معارك حوض اليرموك لتستمر المعارك هناك بين جيش فتح في الجنوب من جهة ولواء شهداء اليرموك وما تبقى من جماعة (سرايا الجهاد) من جهة أخرى.

وفي هذه الأثناء، ومع استمرار المعارك، كان هناك مواقف ملفتة، ومنها موقف حركة المثنى الإسلامية التي رفضت الدخول في الاقتتال إلى جانب أي طرف من الأطراف طيلة ستة أشهر.

اغتيال مؤسس لواء شهداء اليرموك

وكانت عملية اغتيال مؤسس لواء شهداء اليرموك أبو علي البريدي الملقب بـ (الخال) منتصف شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي علامة فارقة بالنسبة للمجموعات المتهة بالارتباط بتنظيم “داعش”.

وبهذا الخصوص، قال الناشط أحمد الديري لـ “المصدر” إن المجموعات المقربة من لواء شهداء اليرموك، وعقب اغتيال قائد لواء شهداء اليرموك على يد جبهة فتح الشام، بدأت بالعمل بشكل نشط، فحركة المثنى أقدمت على اغتيال رئيس محكمة دار العدل في حوران الشيخ أسامة اليتيم أواخر العام الماضي، لدوره في تشجيع التشكيلات على قتال الجماعات المرتبطة بتنظيم “داعش”.

وأضاف بأن عمليات الاغتيال ازدادت في نفس الفترة، بالإضافة لعدد من عمليات الاختطاف لعدد من قادة الحراك الثوري في محافظة درعا، ومطلع العام الجاري حاولت حركة المثنى السيطرة على أحد أهم معاقل الجيش الحر في محافظة درعا، وهي بلدة نصيب، وذلك من خلال شن هجوم راح ضحيته أربعة من مقاتلي جيش اليرموك، ليكون هذا الهجوم بداية للقتال بين حركة المثنى وتشكيلات الجيش الحر، بعد أكثر من ثمانية أشهر، كانت تعمل الحركة سراً ولا تتخذ أي موقف علني.

ضرب الخلايا

وأشار الديري إلى أنه تم طرد حركة المثنى من ريف درعا الشرقي في شهر شباط/فبراير من العام الجاري، لينتقل الصراع إلى الريف الغربي، مع تمدد لعدد من المجموعات التابعة للتنظيم في الريف الغربي، وفي 17 آذار/مارس الماضي، كانت عملية اغتيال رئيس المجلس المحلي في مدينة انخل المهندس بشار الدوخي علامة فارقة، فتشكيلات الجيش الحر بدأت بعملية واسعة لاستئصال جماعة (أنصار الأقصى) المتهمة بالوقوف خلف عملية الاغتيال التي راح ضحيتها أربعة أشخاص، والمتهمة بالارتباط بتنظيم “داعش”، وتمكنت تشكيلات الجيش الحر من استئصال الجماعة وقتل متزعمها مالك الفيصل.

وفتحت عملية إنخل الطريق لباقي التشكيلات في ريف درعا الغربي لضرب الخلايا المتهمة بالانتماء لتنظيم “داعش”، ففي 21 آذار/مارس بدأت التشكيلات هجوماً على مواقع كتيبة حمزة أسد الله في مدينة طفس، إثر خطف 7 من عناصر فرقة شباب السنة، وبعدها انتقلت المعارك إلى معظم مناطق ريف درعا الغربي، وبدأت بعدها المعارك بين التشكيلات وحركة المثنى التي انتقلت إلى ريف درعا الغربي.

وقال الناشط محمود الخالدي لـ “المصدر” إن لواء شهداء اليرموك، وفي أواخر شهر آذار/مارس، ومع اشداد وتيرة المعارك، تحرك وشن هجوماً على بلدة تسيل وسيطر عليها، وبعدها سيطر على بلدة حيط بهدف إيقاف تقدم تشكيلات الجيش الحر، ومطلع شهر أبريل/نيسان طردت التشكيلات حركة المثنى من جميع مقارها في ريف درعا الغربي، ومنها (الشيخ سعد – المزيرعة – الطيرة – جلين – مساكن جلين)، وبعدها استعادت السيطرة على كل من بلدة تسيل وحيط.

تشكيل جيش خالد

في منتصف شهر نيسان/أبريل الماضي انتقلت معظم المجموعات المتهمة بالانتماء لتنظيم “داعش” إلى منطقة حوض اليرموك، وهي (لواء شهداء اليرموك – سرايا الجهاد – حركة المثنى – كتيبة حمزة أسد الله – أنصار الأقصى)، وعلى الرغم من سيطرة لواء شهداء اليرموك على منطقة حوض اليرموك لم تندمج المجموعات ضمن اللواء، حتى منتصف شهر أيار/مايو، حين تم الإعلان عن تشكيل جيش خالد بن الوليد، الذي ضم مختلف المجموعات في حوض اليرموك، تحت قيادة “أبو عثمان الإدلبي”.

الناشط سامر الأحمد قال إن الإعلان عن تشكيل جيش خالد كان نقلة في عمل المجموعات المتهمة بالارتباط بتنظيم “داعش”، فوكالة أعماق المقربة من التنظيم بدأت بنقل جميع أخبار التشكيل الجديد الذي لم يصدر أي بيان ينص على انضمامه للتنظيم.

وأوضح الأحمد بأن التباينات ضمن التشكيل الجديد بدأت تظهر بعد فترة من إعلانه، وكان من أبرزها مقتل عدد من قادة حركة المثنى في منطقة حوض اليرموك بظروف غامضة، ومن أبرزهم القيادي في حركة المثنى زكريا المصري، القائد العسكري للحركة، وذلك بعد أسبوع من تشكيل جيش خالد، حيث قضى بتفجير في بلدة (الشجرة) بحوض اليرموك، بينما فر عدد من قادة الحركة باتجاه الشمالي السوري، ومنهم شرعي الحركة أبو اليمان الشمسي (محمد المسالمة)، وخلال هذه الفترة استمرت محاولات كل من تشكيلات الجبهة الجنوبية  حركة أحرار الشام التقدم في منطقة حوض اليرموك، فتم شن أكثر من عشر محاولات للسيطرة على مواقع جيش خالد بن الوليد.

وأشار إلى أن المفخخات والعمليات الانتحارية بدأت في نفس الفترة، حيث أقدم جيش خالد بن الوليد على عدد من العمليات في كل من بلدات (طفس – انخل – الحارة – جاسم – نوى – نصيب – صيدا – معربة – السهوة)، كان من أبرزها تفجير منزل بمدينة انخل أثناء اجتماع عدد من قادة الجيش الحر، بالإضافة لتفجير أحد مقار جيش المعتز بمدينة طفس، وتفجر مستودع الدبابات لجيش الأبابيل بمدينة جاسم، إضافة لعدد من عمليات الاغتيال.

داعش يتبنى عملية في درعا

وعلى الرغم من استمرار الاقتتال بين الثوار والمجموعات المتهمة بالانتماء لتنظيم “داعش”، لقرابة عام ونصف، ومقتل قرابة 1000 شخص من الطرفين، لم تعلن المجموعات عن ارتباطها بتنظيم “داعش”، كما أن التنظيم لم يكن يتبنى عمليات هذه المجموعات بشكل رسمي.

ولكن تفجير مدينة انخل بتاريخ 22 أيلول/سبتمبر الجاري كان علامة فارقة، فالتنظيم للمرة الأولى تبنى العملية التي أسفرت عن مقتل 13 شخصا، من ضمنهم وزير الإدارة المحلية يعقوب العمار ونائب وزير الخدمات المهندس جمال العمارين، بالإضافة لتسعة من قادة فرقة الحمزة، ومنفذ العملية هو أحد مقاتلي حركة المثنى ويدعى (عبد المعطي الراضي)، ليبقى مصير جيش خالد بن الوليد مجهولاً عقب تبنى التنظيم الأم لعملية قام بها أحد عناصر المجموعات التابعة لجيش خالد بن الوليد.



المصدر