200 صوت سوري على الشاشة السويديّة


200 صوت سوري على الشاشة السويدية. كل صوت يحكي قصة مريرة لأحد الناجين من المذبحة السورية. يسرد فيها اللاجئ ذكرياته وحنينه لأهله والمكان الذي ولد فيه، ويصف الحالة التي كان عليها قبل مغادرته البلاد والحال بعد وصوله الى السويد في انتظار حياة جديدة، متمنياً احتضاناً إنسانياً له فيها وتفهماً صحيحاً من أهلها للظروف القاهرة التي أجبرته على ترك بلاده.

المشروع التلفزيوني الأكبر لهذا العام، يهدف الى تحقيق جزء من تلك الأمنيات كما ورد في أجوبة قسم الأخبار التوضيحية المنشورة على «ويب» التلفزيون السويدي: «في الخريف الماضي، شهدت أوروبا أكبر موجة هجرة في تاريخها الحديث، وكثر من هؤلاء وصلوا الى السويد، نسبة كبيرة منهم كانت من السوريين. قمنا في قسم الأخبار بنقل حالة الفوضى التي عمت مراكز استقبالهم، ووثّقنا المبادرات الإنسانية لتوفير المستلزمات الضرورية لعيشهم، نحن نريد في هذا المشروع إتاحة الفرصة لهم ليسردوا حكايتهم بأنفسهم. أردنا منحهم صوتاً ووجهاً، حتى تتاح لمشاهدينا فرصة التعرف إليهم من قرب».

تم اختيار المشاركين من طريق وسائل التواصل الاجتماعي. «كما قمنا بزيارة الى معسكرات استقبال اللاجئين في عموم البلاد، أما المشاركة فكانت طوعية. وجّهنا إليهم أسئلة مفتوحة حول حياتهم في سورية، وطلبنا وصف رحلة هروبهم وأخرى حول وجودهم الحالي في السويد، ولأن الأسئلة موحدة فقد تمكّنا من جمع الأجوبة، التي سجلت بالكاميرا أو عبر التلفون في شريط تلفزيوني واحد». أما لماذا بالعربية؟ فلقناعتنا بأن التعبير باللغة الأم أفضل، و»بالنسبة الى أسمائهم، فبعضهم كتبها كما هي وآخرون طلبوا حجبها خوفاً من تعرّضهم للتهديد وغيره من الممارسات، وفي كل الأحوال اكتفينا في الغالب باسم واحد».

قسم من قصص السوريين تم تفريغه ونشره باللغة العربية على «ويب» التلفزيون السويدي الى جانب ترجمة له بالسويدية. معظم المشاركين كانوا من الرجال، والسبب «أن أكثر المهاجرين الواصلين الى البلاد هم من الرجال». المشترك بين كل الحكايات، الحزن والمرارة التي تفيض بها. فاللاجئون ما زالوا يتذكرون جيداً تفاصيل رحلتهم وحياتهم في سورية بحلوها ومرها، مثل المهندسة الشابة «سارة». تقول: «قبل الحرب، كنت أعيش حياة جيدة محاطة بأصدقائي. كنت أمضي أيامي بالدراسة والعمل، بدأت الأمور بالتغير عندما بدأ بعض الأصدقاء بالنأي بأنفسهم عني بسبب اختلاف آرائنا. تجربتي لم تكن صعبة مقارنة بتجارب الآخرين. انتقلت الى تركيا، أما القسم الأصعب فكان مع وصولي الى السويد. الحياة هنا صعبة والتفكير بمتابعة الدراسة والحصول على عمل متعب جداً». أما «عمر» فسرد تجربة سجنه وتعذيبه في سجون النظام. «قاموا بضربنا بهراوات خشبية ومعدنية، بعد ذلك قاموا بالتبول على رؤوسنا وفي أفواهنا». في حين لم تقلّ قصة «جميل»، والد أنس، بشاعة عن قصص غيره ممنّ تعرّض لنكبات: «علمت أن ابني قد توفي تحت التعذيب. لم يتم تسليم جثته لي». أما قصة فادي (44 سنة) فتلخّص حال آلاف الآباء والأمهات السوريين، فهو ما زال يتذكر كيف غادر القارب الشواطئ التركية عبر المياه المعتمة. كل ما فكر فيه حينها هو رغبته في الوصول الى الطرف الثاني من أجل أطفاله».

200 قصة، سماعها يوجع القلب لكنها تدعو الى التعاطف مع سارديها، والى تفهّم الدوافع التي أجبرتهم على الرحيل والوصول الى السويد مرغمين. مساهمة مهمة وجدت انعكاساتها الإيجابية بعد يوم واحد من نشرها، ما يشير الى تحقيق جزء من غايتها.



صدى الشام