فارس الدمشقي: لا حل سياسي بدون نقاط قوة


حافظ قرقوط

أكّد فارس الدمشقي، المتحدث الرسمي باسم “اللواء الأول” التابع للجيش الحر في دمشق، أنه لا يمكن وجود حل سياسي ما لَم يكن للمعارضة مرتكزات قوة، تمنحها ضغطًا واسعًا على الأطراف الأخرى من الروس إلى الإيرانيين والنظام السوري، وشدد على أن لولا وجود نقاط قوة لهم في برزة بدمشق، لكان أصابهم ما أصاب بعض مناطق جنوب دمشق من تدمير وتهجير.

وحول الوضع العام بمنطقة برزة التي يتمركزون فيها في العاصمة دمشق، قال الدمشقي لـ (جيرون): “ربما أوقفنا إطلاق النار مع قوات النظام منذ مدّة ليست بقصيرة، لكننا أخذنا -حينئذ- في الحسبان ، مصلحة الغوطة من خلفنا، ومئات الآلاف من المُهجّرين من المدينة، الذين استطاعوا العودة إلى ديارهم، وأيضًا مصالح المنطقة اللوجستية والإنسانية”، وأضاف: “على الرغم من وجود الهدنة، لكن كثيرًا ما تتخللها مناوشات وتهديدات متبادلة، بمعنى أن نقاط القوة التي قد تتمتع بها المعارضة هي قوة مع وقف التنفيذ، لكن المشكلة التي تعترض القرار السياسي، أن الهيئات المشكّلة -تباعًا- لتمثيل الناس، ما زالت تحوي نفس الوجوه، وللأسف لا تخرّج إلا فسادًا إداريًا وماليًا، باتَ العالم كلّه على دراية به، ولذلك فإن أي عملية سياسية قبل توجيه البوصلة الثورية، ستجعلنا كثوار؛ الطرف الخاسر من المعادلة، ومن هنا علينا تخيّل كيفية تكوين الحلول السياسية التي تلوح في الأفق، دون الاستناد إلى نقاط القوة”.

من جانب آخر، أكّد الدمشقي أن النظام “استغل تشتت البوصلة الثورية غير المسبوق، وانشغال الفصائل -على كافة الأرض السورية- بمعارك سلطوية تخصّها، منَعتها من تحقيق أي إنجاز يُذكر، بل قدّمت على طبق من ذهب أراضٍ بالمجان للنظام، ابتداء من قرى المرج في الغوطة الشرقية، ومؤخرًا ريف حماة حيث استعاد النظام من الجند ما كان قد خسره”، وأوضح أيضًا أن تلك الصراعات الداخلية بين الفصائل “أعطت هذا النصر للنظام، واستَثمرها كثيرًا، وأصبحت معنوياته أفضل بسببها، بعد استعادته داريا ومن بعدها تسويات المعضمية، والوعر، وأخيرًا الهامة، مع التشديد على أننا نحترم ونُقدّر تضحيات الثوار في كل المناطق المذكورة، وخروجهم كان خروج المنتصر الذي لَم يعد بإمكانه فعل أكثر مما فعل في ظل التخاذل الدولي”.

وعن هذه التسويات في العاصمة وجوارها، قال: “هي سعي مستمر منه؛ لتأمين محيط العاصمة دمشق، من أي خطر قد يهدد مصالحه واستقراره، وهذا الأمر سيبقى مستمرًا، وسيمضي النظام فيه إلى الأمام، إن لم يُدقّ جرس الإنذار من الفصائل المتبقية حولها، والتي رأس حربتها الغوطة الشرقية، فإن استطاع النظام تأمين العاصمة دمشق، فإننا بلا شك فقدنا سببًا آخر من أسباب قوتنا وزادت احتمالات خسارتنا في أي معادلة تسوية مطروحة”.

وحول مؤسسات الدولة في العاصمة في حال رحل أو سقط النظام، قال الدمشقي: “ينخر الفساد بعض تلك المؤسسات بالأساس، وعلينا الانتباه إلى أن المحافظة على الفاسدة منها هي محافظة على كيان النظام الفاسد نفسه، وتركه يتمدد من جديد في جسد الدولة الجديدة، وبالمقابل لدى السوريين تجارب ناجحة، قامت بها بعض المجالس المحلية والمنظمات الوليدة، التي تأسست في أوضاع استثنائية وقاسية، وأثبتت وجودها، وستكون حريصة على مؤسسات الدولة التي تُعدّ ملكًا للشعب، فمثلًا أصحاب الخوذ البيضاء، الذين يعملون في أقسى الأحوال؛ لتخفيف المعاناة، هؤلاء يمثلون البديل المنطقي، لإدارة بعض مؤسسات الدولة، بمعنى أننا نمتلك الكفاءات التي تستطيع من خلالها إعادة تكوين مؤسسات الدولة، بما يتناسب مع قيمنا ومبادئنا الأخلاقية”.

وأكّد الدمشقي على أن سورية المستقبل “ليست بدعة”، وقال: “نحن كسورين، تعايشنا منذ مئات السنين بكل طوائفنا واختلاف أفكارنا، واستطعنا المضي قُدمًا، وقدّمنا تجربة ديمقراطية برلمانية من أقدم التجارب العربية، كان فيها الكردي والمسيحي والسني مسؤولاً بأعلى المراتب في الدولة دون أن يرفض أحد ذلك، واستطعنا تقديم تجربة ديمقراطية، قبل انقلاب البعث وانتهاكه حقوق الشعب، ويُدخل سورية في مستنقع أمني لنصف قرن”، ولا نخاف على تكوين المجتمع السوري وإعادة اندماجه، ففي بداية الثورة كنّا نمسك بيد من يقف في التظاهرات إلى جانبنا بغض النظر عن انتمائه؛ وبالتالي، فإن ثورتنا ثورة شعب، وثورة للجميع، ومن حق الجميع أن ينعموا بمواطنتهم على الأرض السورية، إلا من حمل وزر الدم السوري من ميليشيا النظام”، وأضاف: “نحن لا نتحدث عن نعرات طائفية تجاه الطائفة التي يهيمن عليها النظام السوري، لأننا نرى أن هناك العديد من الشرفاء والعقلاء من الجميع، وهؤلاء كفيلون بتحييد من يريد استغلال هذه النعرات؛ ليضرب نسيج المجتمع السوري، دون التنازل عن محاسبة كل من تورط في الدم السوري مهما كان انتماؤه”.

وأشار الدمشقي إلى السلبيات التي يمكن أن تحملها عسكرة الدول في سورية المستقبل، مشيرًا إلى تجربة النظام العسكرية، وتجربة الانقلاب العسكري المصرية، وقال: “كقائد عسكري، أرى أن العسكرة هي شيء منفصل تمامًا عن العمل المدني والسياسي، وعلى العسكريين فهم ذلك، وترك عجلة العمل المدني تسير بيد المنظمات المدنية، وكذلك ترك الخطة السياسية تُرسم بأقلام السياسيين، بمعنى أنه يجب على العسكريين أن يكونوا محايدين، وهمهم أن يحموا الشعب، وهذا هو شغلهم الشاغل، وتحدد علاقتهم بالمؤسسات المدنية والسياسية بمحددات وظائف كل جهة، بما يحدد تنفيذ الخطة العامة التي تهدف -أخيرًا- لحماية المواطن السوري وتأمين حاجاته”.

وشدد -في النهاية- على أن أي نقاط قوة “يجب أن تكون بيد المعارضة على الأرض، وليست في غرف أي دولة أخرى، لا أميركا ولا روسيا ولا السعودية أو تركيا أو غيرهم، فإن امتلكنا عناصر قوتنا وحافظنا عليها، سنصل إلى هدفنا حكمًا”. وفق قوله.




المصدر