بوتين فرض شروطه .. بشار الأسد يبقى


راجح الخوري
بعدما استعملت موسكو الفيتو للمرة الخامسة دفاعاً عن النظام السوري، وأسقطت مشروع القرار الفرنسي الإسباني الذي يدعو الى وقف النار، لست أدري ماذا يمكن الإجتماعين اللذين سيعقدان اليوم في لوزان وغداً في لندن، ان يغيّرا من المسار الواضح الذي قرره فلاديمير بوتين، أي إستعجال الحسم في حلب قبل وصول الإدارة الأميركية الجديدة الى البيت الأبيض.
إجتماع لوزان اليوم سيكون مراوحة أو بالأحرى مراوغة داخل الدائرة المفرغة، يقدمها الثنائي جون كيري وسيرغي لافروف امام عدد من وزراء خارجية دول المنطقة المهتمة بالأزمة السورية، لكن هذا في النهاية لن يغيّر شيئاً من الواقع في حلب، والحديث عن مقاربة متعددة الطرف لوقف النار وإستئناف توزيع المساعدات الإنسانية وحل النزاع، يأتي في سياق الأمنيات التي لن تتحقق، والدليل ان النظام السوري أكد أمس استثناء أحياء حلب الشرقية من وصول المساعدات.
أهم من كل هذا ان محاولات واشنطن الحديث عن بدائل من الحل الديبلوماسي والتلويح الشكلي بقصف مناطق النظام، جبهت بتصعيد التدمير الروسي في حلب وبتهديدات صريحة بأن هذا يمكن ان يزلزل المنطقة وبالإسراع في نصب صواريخ “أس ٣٠٠” في طرطوس، ولأن النظام يتقدم في حلب من الطبيعي ان يلتف لافروف على أي محاولة لوقف هذا الزخم خوفاً من إعادة المعارضين ترتيب وضعهم في حلب.
ولأن الكلمة في حلب للميدان ستكون الكلمة في لوزان للافروف، بمعنى ان يكون أي اتفاق لوقف النار مشروطاً بتنفيذ اتفاق جنيف وفق الأجندة الروسية التي لا تتمسك ببقاء بشار الاسد في السلطة فحسب بل تتيح له الإشتراك في الانتخابات المقبلة، وهذا المخرج يلقى بالطبع تأييداً ايرانياً.
قياساً بالتسجيل الصوتي الذي بُثّ على موقع صحيفة “النيويورك تايمس” في ٣٠ ايلول، والذي كشف ان جون كيري اجتمع مع ٢٠ شخصية من المعارضة في ٢٢ أيلول الماضي، في مقر البعثة الهولندية في الأمم المتحدة، وأبلغهم حرفياً “ان أميركا لن تتدخل عسكرياً لأن الكونغرس يعارض هذا، وأنه اذا تدخلت بشكل أكبر سيرتفع سقف المراهنات وسيتم القضاء على المعارضة جميعها، وان أفضل أمل للسوريين القبول بخوض إنتخابات يشارك فيها الأسد وترك القرار للشعب السوري”، قد يكون إجتماع اليوم مقدمة لوضع الدول الإقليمية وخصوصاً السعودية وتركيا وقطر في هذا الجو، وقد يكون اجتماع كيري غداً مع نظرائه الأوروبيين للغرض عينه.
ليس في هذا الإفتراض أي مبالغة، يكفي التأمل في تراجع الموقف الأميركي من التلويح العسكري الى لحس التهديد في خلال يومين، ويكفي أيضاً ان نتأمل في هذا المسلسل الطويل والفاضح من لهاث كيري وراء لافروف، لكأننا امام طوم وجيري يركضان على جثث السوريين!
“النهار”