يسألونك عن البنزين

19 تشرين الأول (أكتوبر)، 2016

4 minutes

فوزات رزق

يا أيها المواطنون السوريون! هل أدلّكم على وسيلة ناجحة تريحكم، وتريح أولادكم من عذاب التفكير في تأمين مادة البنزين؟ تؤمنون بالله ورسوله، وباليوم الآخر والقضاء والقدر، وبأن الله يرزق البنزين لمن يشاء، ويمنعه عمن يشاء إنه العلي القدير.

أنكم تنظرون -بعين الحسد- إلى البلاد التي يتوافر فيها البنزين على حدود بلادكم، مع أنها بلاد ليس فيها بئر نفطي واحد. والمثل الشعبي يقول “عين الحاسد تبلى بالعمى، والحسود لا يسود”. أما سمعتم بمن يقول: “يا ناظري نظرة حسد أشكيك لواحد أحد؟”. فلماذا هذا الحسد وهذا الضجيج الذي لا معنى له، والحكومة أبصر بمصلحة عبادها!

من جانب آخر أيها السوريون، لماذا هذا الإصرار على طلب البنزين من أجل سياراتكم، أليس بإمكانكم أن تفعلوا كما كان يفعل آباؤكم من قبلكم لعلكم تعلمون؛ كانوا “يدقون” الطريق سيرًا على الأقدام من مناطقهم إلى المدن البعيدة، وبالعكس، يقودون قوافلهم المحمّلة بالخيرات، ولم نسمع أن أحدًا منهم مات من كثرة المشي، أو من قلة البنزين، ثم هل سمعتم أن أحدًا قد قضى نحبه لأن سيارته باتت بلا بنزين.

ألا تعلمون أيها السوريون أن رب ضارة نافعة، وأن الحكومة لا تفعل أمرًا دون أن تراعي مصلحة المواطن، وإن تعدّوا نعمة الحكومة فلن تحصوها.

فأنتم توفرون الأموال التي تحرقونها في شراء البنزين؛ من أجل تسفير أبنائكم إلى بلاد الله الواسعة؛ كيلا يموتوا جوعًا في بلادهم.

وأنتم تزاولون رياضة المشي، ورياضة المشي هي خير رياضة لو كنتم تذكرون.

والأهم من ذلك فإنكم تساهمون في توفير الأمن للحكومة في تسفير أولادكم، فالشباب أينما وجدوا هم مصدر شغب وإزعاج للحكومة الساهرة على مصالحكم.

لقد حدث وانفلت عقال الشباب في بداية الأحداث في البلاد؛ فماذا كانت النتيجة. لقد فقدت الحكومة أعصابها، واضطرت مرغمة إلى استخدام السلاح لمنع الشباب من تقويض الأمن الذي كنتم تنعمون في ظلاله، دون أن ينغّص عيشكم شيء ما، عدا وقوفكم في طوابير طويلة؛ لاستلام أرزاقكم التي تمنحها لكم الحكومة الرشيدة.

دعونا من هذا الأمر، ولنعد إلى حكاية البنزين الذي يقض مضاجعكم ليل نهار. هل سألتم أنفسكم كيف ستتحرك مئات السيارات في أجهزة الأمن؛ لملاحقة العصابات المسلحة؛ فيما لو نفد البنزين من المحطات بسبب سياراتكم التي تحركونها على الطالع والنازل؟ وهل حسبتم كم تحتاج سيارات الحكومة من بنزين؛ لتغطية ملاحقتها للعصابات المسلحة.

ومن أجل أن يهدأ روعكم يجب أن تعلموا أن في البلاد ما لا يحصى ولا يعد من أجهزة الأمن. وكل جهاز يحتاج إلى ما فتح ورزق من السيارات، عدا تلك السيارات التي يستخدمها ضباط الجيش العربي السوري الباسل، في مهماتهم الوطنية في قمع المتظاهرين. وإذا علمنا أن كل سيارة من هذه السيارات لديها قسائم مفتوحة لاستهلاك البنزين -بروح من المسؤولية الوطنية- فكيف تريدون بعد هذه الوقائع أن تؤمن لكم الحكومة بنزينًا لسياراتكم التي تستخدمونها لأغراض شخصية، لا علاقة لها بالشأن العام، ولا بالأمن الوطني. وتبقى سيارات الحكومة واقفة، وعند ذلك يبدأ الذي له لسان، والذي ليس له لسان -من بلاد الله الواسعة- بالحديث والنيل من هيبة الحكومة السورية التي لا تستطيع تأمين بنزين لسياراتها، وكما تعلمون فإن هيبة الشعب من هيبة الحكومة.

جعل الله كل أيامكم بنزينًا

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]