صدام مباشر بين درع الفرات ومشروع الإقليم الكردي شمال حلب


مع الانتصار الذي حققه الجيش السوري الحر في عملية درع الفرات المدعومة من تركيا على تنظيم الدولة والسيطرة على مساحات واسعة واستراتيجية تم ضرب المشروعين: الأول "مشروع تنظيم الدولة" والثاني "مشروع الأكراد في إقامة إقليم كردي".

إلا أن الأمور لم تعد كذلك خلال الـ72 ساعة الماضية وخاصة بعد التحرك الذي أجراه حزب الاتحاد الديمقراطي "PYD" والسيطرة على مناطق بريف حلب الشمالي مواجهة لمناطق سيطرته في ريف منبج.

تقدم الحزب يعيد إلى الواجهة سيناريو الإقليم الكردي ويخلق حزامًا حول مناطق نظام الأسد

حزب الاتحاد الديمقراطي سيطر في الأيام الماضية على عدة مناطق وهي "الحصية– حساجك – سموقة – قول سروج – سد الشهباء – الوردية – مزارع الغول – مزارع الحسينية – مركز سيرتيل" بحسب ما أعلن عنه جيش الثوار والذي يعمل تحت قيادة الحزب بريف حلب.

جميع المناطق التي تمت السيطرة عليها تقع على الطريق الواصل مع مدينة الباب من الشرق والتي يتجهز الجيش السوري الحر للتقدم إليها من جهة الشمال بغية طرد تنظيم الدولة منها.

بالمقابل ووفقًا لتحركات حزب الاتحاد الديمقراطي فإن محطته القادمة هي مدينة الباب والتي تتيح له في حال تمت السيطرة عليها إكمال مشروعه ووصل مناطقه الممتدة من  مدينة عين العرب شرقي حلب إلى عفرين شمالها.

تتمركز قوات سوريا الديمقراطية والتي يشكل الحزب عامودها الفقري بالقرب من قرية العريمة غربي مدينة منبج والتي تبعد نحو 14 كم عن مدينة الباب (المنطقة خالية من القرى)  فيما تبعد مناطق سيطرة الحزب شمال حلب عن مدينة الباب نحو 16 كم وتعد المدينة نقطة الوصل بين المنطقتين.

كما أنه في حال تمت السيطرة على المدينة ووصل مناطق الحزب الشمالية الشرقية مع الشمالية الغربية فستكون بمثابة حزام عازل بين قوات الجيش السوري الحر في أقصى الشمال وقوات النظام المتواجدة في المدينة الصناعية والشيخ نجار والقرى المحيطة بها.

الموقف التركي من تقدُّم الحزب

سارعت المدفعية التركية منذ يوم الأربعاء 19 تشرين الأول/ أكتوبر حتى اليوم إلى تكثيف ضرباتها على مواقع الحزب التي سيطرت عليها حديثًا واستهدفت قرى الحصية  وحساجك بريف حلب الشمالي، كما شنت المقاتلات التركية نحو عشر غارات جوية على مواقع الحزب بالقرب من مدينة مارع بريف حلب الشمالي، فيما استهدفت المدفعية التركية تجمعات عسكرية لـ"PYD" بالقرب من جنديرس بريف حلب.

مصادر تركية أكدت استهداف 18 هدفًا لميليشيا "PYD" وقتل ما بين 160 و200 عنصر، بتاريخ 20 تشرين الأول / أكتوبر بالمقابل لم يصدر أي رد فعل أو تصريح أمريكي على القصف التركي ضد الحزب المدعوم  من الولايات المتحدة بشكل مباشر.

كما أعلنت هيئة الأركان التركية: إن الجيش التركي استهدف، أمس الجمعة، 70 موقعًا لـ"pyd"، بقصف جوي ومدفعي، مضيفه أن القصف "أفقد التنظيم الإرهابي القدرة على التحرك في المنطقة

تضارب المصالح وتقاطعها

المعارك الأخيرة التي خاضها الحزب ضد تنظيم الدولة بريف حلب الشمالي لم تسجل أي دعم جوي سواء أمريكي أو روسي، إنما اعتمد الحزب على القوة البشرية التي يمتلكها خلال عملية التقدم.

روسيا كانت إحدى القوى الداعمة لمشروع الحزب؛ حيث عمدت على مساندته بشكل كبير جوًّا خلال معاركه ضد الثوار في مدينة تل رفعت خاصة ومنغ، كما أن الطيران الأمريكي كان له دور في دعم الحزب خلال معارك منبج.

ونتيجة التقارب الأخير بين الحكومتين التركية والروسية وتقارب مصالح البلدين فإن مصالح الحزب التي تعارض المصالح التركية في المنطقة باتت غير مقبولة لدى روسيا.

كما أن العمل العسكري لتركيا ضمن عملية درع الفرات والذي أثبت قدرته على إنهاء تنظيم الدولة في المنطقة أحرج -على ما يبدو- الولايات المتحدة الأمريكية وأرغمها على عدم مساندة الحزب خلال عمله العسكري يوم أمس.

يشار إلى أن أكراد سوريا يقطنون في الأجزاء الشمالية والشمالية الشرقية؛ حيث يجاورون الأكراد في تركيا في إقليم الجزيرة الفراتية (محافظة الحسكة) وينتشرون في مناطق (القامشلي والمالكية ورأس العين وعامودا والدرباسية ومعبدة وعلوانكي)، وفي منطقتَي عين العرب (كوباني) وعفرين (جبل حلب) في (محافظة حلب).

وكان مركز "ياسا" الكردي للدراسات والاستشارات القانونية، والذي يتخذ من مدينة "بون" الألمانية مقرًّا له أعد خريطة جغرافية لما أطلق عليه "إقليم كردستان سوريا" والذي يمتد من قرية "عين ديوار" التابعة لمدينة "ديريك" في محافظة الحسكة أقصى شمال شرقي سوريا، ويسير بمحاذاة الحدود التركية ليصل إلى أقصى الشمال الغربي عند لواء الإسكندرونة.

وفي الختام يجب الإشارة إلى أن المنطقة التي تشهد هجمات من قِبل حزب الاتحاد الديمقراطي على تنظيم الدولة كانت تعيش حالة من الهدوء بالرغم من وجود نقاط تماس طويلة، إلا أن الحزب استنفر قواته مع اقتراب درع الفرات إلى مدينة تل رفعت وبدأ بشن ضربات استباقية والسيطرة على عدد من القرى، والسؤال هنا هل ستشهد الأيام القادمة استمرار تمدد الحزب أم أن درع الفرات سيكون لها رأي آخر؟