هدنة ثماني الساعات في حلب حجة روسية جديدة


صبحي فرنجية

دخلت حلب ساعات “الهدنة” الروسية المتمثلة بإيقاف روسيا والنظام إطلاق النار لثماني ساعات يُسمح خلالها للمرضى والمدنيين والمقاتلين بالخروج من حلب الشرقية، في الوقت الذي تتقدم فيه سفن روسية حربية نحو المشاركة في معركة حلب في حال رفضت المعارضة السورية المسلحة الخروج من المدينة.

وعلى الرغم من دخول المدينة حيز وقف إطلاق النار، إلا أن المرصد السوري لحقوق الإنسان سجل خرقًا عند معبر بستان القصر الذي يفترض أن يكون مخرجًا للمدنيين، وهو الذي يفصل المدينة إلى شطرين، كما ذكرت وكالة (فرانس برس) سماع إطلاق نار في الساعات الأولى للهدنة التي بدأت اليوم.

وكان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قد قال يوم الأربعاء، بعد اجتماع مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في برلين: إن موسكو على “استعداد لتمديد وقف الغارات في سورية، والتهدئة الإنسانية في حلب قدر الإمكان”، مقترحًا باسم بلاده أن يتم “الإسراع بتبني دستور جديد في سورية؛ لتسهيل الانتخابات المستقبلية”.

من الملفت للنظر أن النظام غائب تمامًا عن المعادلة السياسية “التصريحاتية” الخاصة بحلب، حيث أن الروس هم من قالوا يوم الثلاثاء أن طائراتهم، وتلك التابعة للنظام، ستوقف غاراتها في حلب بدءًا بيوم الثلاثاء الماضي، كما أنها هي التي أعلنت عن وقف إطلاق نار في حلب مدته ثماني ساعات، يبدأ سريانه من صباح اليوم الخميس.

يقول أسامة، محامي مقيم في دمشق، لـ (جيرون): إن النظام اليوم “فَقَدَ كل هيبته أمام الشعب، السوريون اليوم يتحدثون عن أنه قالت روسيا كذا، وصرحت روسيا أنها ستقوم بكذا”، موضحًا بالقول: حتى “بعض شبيحة النظام باتوا يتابعون المواقع والقنوات التلفزيونية الروسية، الناطقة باللغة العربية، أكثر من متابعتهم مواقع وتلفزيونات النظام”.

وأضاف “ما يقوم به الروس اليوم، وليس النظام، هو تفعيل لمبدأ المصالحات الداخلية، وذلك من أجل إرسال رسالة إلى العالم أن الشعب والنظام قادران على حل مشكلاتهم، دون أجندات دولية؛ وليقول أيضًا: إن المعارضة هي التي تقف عائقًا بين النظام والسوريين”.

وعدّ هذا السلوك الروسي “افتراء على الواقع، ومحاولة تلاعب بالمجتمع الدولي، الروس والنظام أجبروا بعض المناطق على المصالحات، من خلال إمطارها بالبراميل المتفجرة والأسلحة المحرمة دوليًا؛ لكي يسلبوا منهم أي أمل بالحياة، ما لم يرضخوا لقواعد اللعب الروسية”.

من جهته، قال عضو الائتلاف، حواس خليل، خلال حديثه لـ (جيرون): “لا تؤدي الهدن المحلية إلى نتائج أساسية، نحن نرى أن أي هدنة يجب أن تكون في سورية بأسرها، وليس في منطقة معينة، أما ما يقوم به النظام والروس من هدن محلية، فتؤدي -في الحقيقة- إلى تهجير وتغيير ديموغرافي في المناطق التي تحصل فيها هذه الهدن”.

وأضاف هذه الهدن المحلية “تؤدي إلى ترهيب السكان، وليس كما يظن بعضهم أنه تُحل السلام، حيث أنه يتم زرع الشبيحة والمليشيات القادمة من خارج سورية داخل هذه المناطق. النظام هو المستفيد الأول والوحيد من هذه الهدن المحلية”.

وأكد أن “ما تطلبه المعارضة دومًا هو الالتزام بالقرارات الدولية، وتحديدًا قرار مجلس الأمن 2256، وهو الذي يقر بوضوح أن الهدنة يجب أن تكون على مستوى سورية عامة، ووفق شروط وأجندات محددة”، موضحًا أن “ما قامت به روسيا من إعلان وقف إطلاق نار لساعات محددة، ليس كافيًا؛ حيث أن خروج المرضى والمصابين بحاجة إلى ضمانات بأنه لن يُستهدفوا أو يتعرضوا لأذى”.

وأشار إلى أن “المجتمع الدولي على ما يبدوعاجز تمامًا، حتى في تنفيذ خطط دي مستورا، الخطة التي نرفضها أصلًا؛ لأن هناك تورط واضح للأمم المتحدة في موضوع المساومات مع النظام، بشكل أو بآخر، وبالتالي؛ هذا الموضوع يحتاج إلى تحقيق دولي، وخاصة ضمن المعطيات الجديدة، وتغيير الأمين العام للأمم المتحدة”.

بالتزامن مع الجهد الدولي لإيجاد حل سياسي في سورية، يوقف القتل والدمار، وعلى الرغم من أن الروس يدعون أنهم يقودون هذا الجهد، قال مصدر دبلوماسي كبير في حلف شمال الأطلسي (الناتو): إن سفنًا حربية روسية قبالة ساحل النرويج، تحمل قاذفات مقاتلة، يُعتقد أنها ستُستخدم لتعزيز هجوم نهائي على شرقي حلب خلال أسبوعين.

وأضاف الدبلوماسي أن الروس “ينشرون كل أسطول الشمال وجزءًا كبيرًا من أسطول البلطيق، في أكبر انتشار بحري منذ نهاية الحرب الباردة”، وأكد أن هذه السفن لا تقوم بـ “زيارة ودية”، بل سنرى “خلال أسبوعين تصعيدًا في الهجمات الجوية على حلب، في إطار استراتيجية روسيا لإعلان النصر هناك”، وفق ما نقلت عنه وكالة (رويترز).

من المرجح أن تكون الهدنة الموقتة في حلب، حجة روسية لتبرير مزيد من القتل والدمار في حلب مستقبلًا، حيث عدم خروج المعارضة من حلب، وهو الأمر الحتمي بالنسبة للمعارضة- سيسوق على لسان الروس جملًا، مثل أنهم أعطوا المعارضة فرصة؛ للحفاظ على أرواح المدنيين، لكنها رفضت.

يرى خليل أن الروس لم تتوقف وحشيتهم على مدار العام الماضي، روسيا تحولت إلى دولة محتلة لسورية، والحاكم الحقيقي الذي يدير النظام في سورية هم الروس والإيرانيون، الجرائم التي ترتكبها روسيا يوميًا، في أكثر من منطقة من سورية، واضحة بالنسبة للجميع”.

وختم قائلًا: “كل ما يمكن أن نتخيله هو أمر متوقع بالنسبة للروس. الروس اليوم جزء من المشكلة، وهم الاحتلال الحقيقي في سورية، وهم مستمرون في إجرامهم، وجلب الروس للأسلحة وتحريكها لكثير من قواعدها في سورية يأتي في هذا الإطار”.




المصدر