"قتيل درجة أولى وثانية".. سخط بين المؤيدين للأسد بسبب المساعدات الإغاثية.. وهذا ما يجري بـ"مؤسسات" النظام


تعم حالة من الغضب بين عائلات قتلى قوات نظام بشار الأسد، بسبب التمييز في معاملتهم لدى مؤسسات النظام، والاهتمام بقتلى قوات الأمن أكثر من الذين يسقطون من "الجيش" أو الميليشيات المحلية، وما يتبع ذلك من تفريق واضح في الامتيازات التي يحصلون عليها خصوصاً المساعدات الغذائية.

مظاهر الغضب بين المؤيدين للأسد لم يُكشف عنها فقط على وسائل التواصل الاجتماعي، بل تعدى الأمر حصول مشاجرات اندلعت مراراً بين أهالي القتلى وموظفي مؤسسات النظام أثناء توزيع المساعدات الغذائية، لا سيما وأن النظام قسم قتلاه إلى شرائح يهتم بإحداها ويهمل الأخرى.

تمييز بالمعاملة

أبو وحيد كما يريد أن يذكر اسمه يعمل في مركز لتوزيع السلل الغذائية في أحد الأحياء التي تسيطر عليها قوات النظام في حمص، ويقول في تصريح خاص لـ"السورية نت" إنه "تعرض مرتين للضرب من أشخاص لم يتقبلوا حقيقة أنهم لن يحصلوا على مساعدات إغاثية رغم أن ابنهم قتل في المعارك".

وأشار إلى أن عائلة القتيل لم يُدرج اسمها على لوائح التوزيع الحالية، مشيراً أنه لم يستطع إخبارهم بهذا الأمر ومسؤولية النظام عنه، ما عرضه لهجوم من العائلة، ويلفت إلى أن توزيع الإعانات تذهب بالدرجة الأولى لقتلى قوات الأمن ثم "الجيش"، في وقت تُهمل فيه عوائل قتلى الميليشيات.

شرائح القتلى

وبحسب المعلومات التي حصلت عليها "السورية نت" فإن مؤسسات نظام الأسد تقسم القتلى إلى "شهيد درجة أولى"، ويقصد بهؤلاء العناصر الذين لقوا مصرعهم خلال المواجهات، و"شهيد درجة ثانية"، ويشمل الذين قتلوا في التفجيرات التي تضرب المناطق التي يسيطر عليها النظام.

وأثار الاختلاف في التعامل مع قتلى النظام سخط حاضنته الشعبية، واللافت أن الأجهزة الأمنية تلعب دوراً كبيراً عبر سلطتها للحصول على حصة الأسد من المساعدات و"الميزات" المقدمة لقتلى النظام.

ويقول "أبو وحيد" إنه يمارس وظيفته ليس حباً به، بل من أجل المال، ويشكو من الضغوط التي يتعرض لها من عوائل القتلى وأهالي عناصر الميليشيات، لكون هؤلاء يمتلكون شبكة من العلاقات مع الأفرع الأمنية لدى نظام الأسد، ويمتلكون صلاحية واسعة في التصرف ضد الآخرين كما يحلو لهم.

ويشير إلى أنه يتقبل الإهانات بصمت، فلا يجرؤ على تقديم بلاغات ضد عائلات قتلى النظام خوفاً من العواقب.

الأمن والهلال الأحمر

وفيما يعد الهلال الأحمر السوري جهة رئيسية تتولى مهمة توزيع المساعدات في سورية، فلدى أجهزة الأمن سطوة كبيرة عليها، وفقاً لما أكدته إحدى العاملات في الهلال لـ"السورية نت"، وطلبت التعريف عن نفسها بـ ف. ب.

وقالت إن "أجهزة الأمن تسيطر على فرع الهلال  الأحمر، وتقوم بتسيره وفق ما يحلو لها، حتى أنها تتدخل في آليات التوزيع وغالباً ما يكون لها متطوعين في فرع الهلال وشعبه ينسقون معها سراً وعلناً ويوجهون قرار الفرع كما يريدون".

وتشرح ف.ب جانباً من التمييز في التعامل مع قتلى النظام، وأشارت في تصريحها لـ"السورية نت" أن "قتلى الأفرع الأمنية  يتم زيارتهم وتقديم مساعدات دورية لهم وحتى المصابين ومنهم الإعاقات يتم تقديم كل ما يحتاجون وبأفضل وتيرة دون تقصير".

وتضيف أن مؤسسات النظام "تسهل لهم العقبات بينما نجد العكس عندما نتعامل مع مصاب للجيش أو مصاب عادي من الذين يسقطون في التفجيرات الانتحارية حيث نقوم بالعمل وفق اللوائح والخطط مع هؤلاء، بينما إذا كان الشخص من الأفرع الأمنية يتم التجاوز و الالتفاف على القرارات الرسمية والشيء المتعارف عليه".

فساد كبير

هذا التمييز في التعامل، أخرج موالين عن صمتهم وانتقدوا صراحة وعلانيةً نظام الأسد، وتقول بعض العائلات إن أبناءهم ذهبوا ضحية للدفاع عن غيرهم دون جدوى.

فعلى سبيل المثال، تضج صفحتي "منتدى شباب حمص"، و"صفحة بصمة حمص" على موقع "فيس بوك" بعشرات الانتقادات لنظام الأسد، ويشرف على الصفحتين فريق من الموالين للنظام يعملون على خدمة المصابين في قوات الأسد.

ويتحدث هؤلاء عن ظاهرة فساد ومحسوبيات في مؤسسات النظام، ولم تخلوا انتقاداتهم من اتهامات بالتحرش الجنسي بنساء القتلى، أو استغلالهن من أجل الحصول على المساعدات.

لماذا التمييز؟

ويعكس هذا التمييز في قتلى النظام، زيادة في أعدادهم وضغطاً اقتصادياً هائلاً يواجهه نظام الأسد في التعامل مع عوائل قتلاه، لا سيما وأن النظام يعاني انهياراً كبيراً في سعر الليرة والموارد ما يجعله عاجزاً عن تقديم المساعدات للجميع.

ومن أبرز الأسباب الأخرى، رغبة النظام في إحكام السيطرة على أكبر جزء ممكن من قواته، فالميليشيات المنتشرة في مناطق تواجد النظام، غالباً ما يفقد الأخير السيطرة عليها، خصوصاً تلك المرتبطة بإيران.

ووفقاً لما حصلت عليه "السورية نت" من معلومات، تسعى أجهزة النظام إلى دفع المقاتلين للانضواء في صفوف قوات الأمن بدلاً من الميليشيات التي تحولت إلى عصابات للسلب والنهب ومصدر خوف في مناطق النظام التي لم تنجوا من أفعالها.

ويرغب موالون للنظام في الانضواء بصفوف الميليشيات لكون مقاتليها ليسوا دائماً على خطوط الجبهات، وغالباً ما تنحصر مهامهم داخل المدن التي ينحدرون منها، كما أن لهم سلطة تجعلهم بعيدين عن المحاسبة لأية أعمال يرتكبونها.

ووفرت هذه الميليشيات فرصة عمل للعاطلين في مناطق النظام، حيث توفر رواتب مغرية، وتغريهم أيضاً بالتهرب من الالتحاق بصفوف ما تبقى من جيش للنظام الذي يخوض معارك شرسة في جبهات عدة بسورية.




المصدر