أسطورة “شعب واحد في بلدين” (1)


جاد الكريم الجباعيجاد الكريم الجباعي

مفكر سوري من مواليد 1945. له عدد من الكتب والمؤلفات منها: طريق إلى الديمقراطية، وردة في صليب الحاضر، قضايا النهضة، جدلية المعرفة والسياسة، من الرعوية إلى المواطنة

بقلم .

تنطوي مقولة “شعب واحد في بلدين” على نفي وجود دولتين مستقلتين، هما الدولة السورية والدولة اللبنانية، لأنّه لا يعقل أن يكون لشعب واحد دولتان، مثلما لا يعقل أن يكون شعبان في دولة واحدة، إذا أخذنا بالدلالات الحديثة لمفهوم الشعب، باعتباره مفهوماً سياسياً، واعتبار الدولة وحدة سياسية وأخلاقية من  أرض وشعب وسلطة عليا سيدة، يفترض أنّ مصدر هذه السلطة وموئل سيادتها هو الشعب، وعلى اعتبار مفهوم الشعب مقترناً بمفهوم المجتمع المدني سوسيولوجيا،ً وبمفهوم الأمة العلماني – الديمقراطي الحديث، ثقافياً وأخلاقياً.

 ولعلّ المضمر السوري هو عدم الاعتراف بوجود دولة لبنانية، لتسهيل استلحاق الشعب اللبناني بالشعب السوري وتثبيط قواه الاجتماعية والسياسية والثقافية والسيطرة على مقدراته.

نموذج التفكير الخرافي

نفي وجود دولة لبنانية مستقلة أو دولتين مستقلتين لا يدل على التباس فكرة الشعب وفكرة الدولة وخوائهما، في ثقافتنا، فقط، بل يدل قبل ذلك على نموذج من نماذج التفكير الأسطوري، إن لم نقل الخرافي، الذي يكون الشعب بموجبه خلقاً من الفكر، على نحو ما خلق “الفكر القومي” والأحزاب القومية “المجتمع العربي” و”الأمة العربية” و”الشعب العربي” و”التاريخ العربي” و”التراث العربي” … هكذا خُلق شعب واحد في بلدين، لا يمت للوجود العياني للشعبين السوري واللبناني بأيّ صلة.

شعب السلطة!

وإذا تحرّينا الدقة أكثر يمكن الحديث عن “شعب السلطة”، أي الشعب الذي تملكه السلطة، التي تملك الدولة ملكية خاصة، وهذا قابل لأن يكون في عدّة بلدان، لا في بلدين فقط. هكذا حال العلاقات السورية اللبنانية والأردنية والفلسطينية والعراقية. شعب السلطة هو زبائنها والموالون لها ولاء خالصاً، لأيّ سبب من الأسباب. على هذا الأساس يكون الشعب الواحد شبكة من المحاسيب والزبائن الموالين حزبياً وأيديولوجياً أو طائفياً أو إثنياً أو نفعياً، بالمعنى الفظ للكلمة. لعلّ الحرب الدائرة، منذ عام 2011، ترجِّح هذا التأويل.

الواقع شيء والأساطير شيء آخر، على صعيد الواقع، جاءت “معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق”، التي أبرمت بعد اتفاق الطائف 1991، لتكشف عمَّا في الأسطورة من أوهام. معاهدة بين حكومتين، يفترض أنّهما حكومتا دولتين، تتشاركان الرؤية نفسها لمبادئ السياسة ومبادئ الحق والأخلاق. ولكنها، أيّ المعاهدة معاهدة أخوَّة، تنطوي على الوفاء للأسطورة؛ كأنّ الأخوة في حاجة إلى معاهدة لكي يكونوا أخوة أو لكي يظلّوا كذلك، وإن كانوا في حاجة إلى التعاهد على التعاون والتنسيق. الدلالة الرمزية للأخوَّة تحيل على مبادئ السياسة وأشكال ممارستها، التي تتشاركها الحكومتان، على اعتبارهما ناتجتين من هذه المبادئ نفسها، العائلية (البطركية) والطائفية والإثنية، القائمة كلها على الغلبة والقهر والأمر والطاعة وتسلّط الكبير على الصغير والقوي على الضعيف والغني على الفقير والرجال على النساء.

لذلك، لم تنتظم العلاقات السياسية السورية اللبنانية، منذ استقلال الدولتين في نظام العلاقات الدولية ومبادئها المعرفية والسياسية والأخلاقية، كالاعتراف المتبادل، والندية مع الاختلاف، أو تساوي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في السيادة وحق تقرير المصير، والتعامل بالمثل، والولاء الوطني للدولة القومية (= الوطنية) القائمة بالفعل، والسيادة الوطنية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، والتزام القانون الدولي والمعاهدات والاتفاقات البينية. فهي نوع من “العلاقات الأخوية” أكثر من كونها نوعاً خاصاً من علاقات دولية، لأسباب متعدّدة، منها التداخل/ التواصل الديمغرافي، وتغير الحدود الجيوسياسية، التي لم تستقر على حال، إلا بعد استقلال الدولتين ولم ترسم بعد بصورة قانونية. ومنها شعور النخب العربية بأنّ الكيانات التي أنشئت في سوريا الكبرى أو سوريا الطبيعية إنّما أنشأتها الدول الكبرى ورسمت حدودها وفقاً لاتفاقية سايكس بيكو (1916). بل إن القوميين العرب عامة، والبعثيين منهم خاصة، يعتبرون “التجزئة القومية” برمتها من فعل الاستعمار والقوى الإمبريالية، وينسبونها إلى “مؤامرة سايكس بيكو”. بل يذهب بعضهم إلى أنّ الجماعة العربية (= الأمة العربية) انتقلت من الوحدة إلى التشظي، إثر انهيار الإمبراطورية العثمانية وتبدّد “القومية الإسلامية”. ولذلك اعتبروا الوحدة العربية رافعة أساسية لنهضة العرب وتقدمهم، بل اعتبروها شرطاً لازماً لهذين النهوض والتقدم.

كاريكاتير للفنان جوان زيرو. المصدر: الصفحة الرسمية للفنان على الفيسبوك

كاريكاتير للفنان جوان زيرو. المصدر: الصفحة الرسمية للفنان على الفيسبوك

لكن اللافت أنّ الوحدة بين سورية ولبنان لم تكن على جدول أعمال هؤلاء القوميين أسوة بمصر، “الدولة المركز”، التي تقود الأمة، حسب نديم البيطار وياسين الحافظ وغيرهما، أو أسوة بالعراق وليبيا والسودان، إما لأنهم يعتبرون وحدة سوريا ولبنان من تحصيل الحاصل، وإما لأنهم لا يرون في لبنان سوى “محافظة سورية” أصغر من محافظة حمص، وإما لأنّ الدولة اللبنانية “دولة رجعية”، كالمملكة الأردنية الهاشمية ودول الخليج، يجب تقويض أركانها من الداخل، وفقاً للمشروع القومي الذي يهدف إلى “القضاء على الاستعمار والإمبريالية والصهيونية والرجعية العربية”، وتحرير فلسطين من البحر إلى النهر، ورمي اليهود في البحر، تمهيداً لإقامة “المجتمع العربي الاشتراكي الموحد”، بالإرادة الثورية وحدها. تجدر الإشارة هنا إلى أنه لم يكن ثمة تبادل دبلوماسي بين البلدين قبل عام 2008.

غير أن العلاقات السورية اللبنانية لا تستنفد في العلاقات السياسية ذات البعد العسكري – الأمني، بل تتعداها إلى العلاقات الاجتماعية والإنسانية والاقتصادية والثقافية، وهذه لا تجري وفق المعايير التي تحكم العلاقات السياسية والدبلوماسية، وإن كانت تتأثر بها، إلى هذا الحد أو ذاك، وتؤثر فيها أيضاً. وكذلك شعب السلطة لا يستنفد الشعب السوري أو اللبناني أوغيرهما. فالعلاقات الدولية حقل معرفي فائق الغنى والتعقيد، لأنه يمكن أن يكشف عن طابع العلاقات الاجتماعية – الاقتصادية ومضامينها الثقافية والأخلاقية، التي تشكل السلطة وتعين أشكال ممارستها، وتكشف عن طبيعة الحقل السياسي، بما هو صورة الحياة الأخلاقية للشعب.

“السياسة السورية” ضد السياسة!

السياسة ممارسة ليس غير. لذلك لا يمكن فصل علاقة السلطة بالشعب في أيّ دولة عن علاقاتها الخارجية. فالسياسة السورية، منذ استولى العسكر وواجهتهم المدنية على السلطة بانقلاب الثامن من آذار 1963، لا تنتمي إلى نسق السياسة الحديثة ومبادئها المعرفية والحقوقية والأخلاقية، للأسباب الآتية:

أولاً، لأنّها نتاج علاقات اجتماعية بطركية وبطركية محدثة (مهجَّنة ببعض الأفكار والشعارات والتقنيات الحديثة، ولا سيما الثورية منها)، لا يمكن أن تَنتُج منها سوى سلطات شخصية، وتنظيمات ومؤسسات تقليدية وتقليدية محدثة، ولا يمكن أن تفضي إلى تشكل مجتمع مدني ودولة وطنية. فلا تختلف بنية النقابة والحزب السياسي، علاوة على “المنظمات الشعبية”، ولا تختلف بنية المؤسسة الحكومية أيضاً عن بنية العشيرة أو الطائفة المذهبية، بحكم الرابطة العقائدية، التي تشدّها، نعني عقيدة حزب البعث العربي الاشتراكي، والعلاقات التقليدية التي تخترقها. وقد تطوّرت هذه السياسة، منذ أواسط سبعينات القرن الماضي إلى سياسة تسلطية أو توتاليتارية، تبعاً لتحوّل الدولة إلى “دولة البعث”، وسوريا إلى “سوريا الأسد”. وليس مصادفة أن يتزامن هذا التطوّر مع التدخل العسكري السوري في لبنان، “لوقف الحرب الأهلية”، بل لإدارتها. ومن ثم، فإنّ ممارسة السلطة السورية في لبنان لا تختلف عنها في سوريا.

ثانياً، لأنّ من طبيعة السياسة ما قبل المدنية، وما قبل الوطنية، أنّها تقوم على شراء الولاءات بالامتيازات، على الصعيد الداخلي، وشرائها بالحماية والمؤازرة، على الصعيد الخارجي. القاسم المشترك بين هذه وتلك هو شراء الولاءات، أو شراء الذمم، بحيث لا يتبقى لمن يبيع أيّ ملمح من ملامح الاستقلال الكياني الذاتي، وأيّ ملمح من ملامح الكرامة. لذلك ندّعي أنّ السياسة السورية في لبنان قامت على مبدأ شراء الولاءات بالحماية والمؤازرة، حماية أفراد وجماعات ومؤازرتهم، لا حماية لبنان مجتمعاً وشعباً ودولة ومؤازرته. بل لعلّ السياسة السورية في لبنان كانت حائلاً إضافياً دون تشكّل دولة وطنية لبنانية.

وحين ضعفت السياسة السورية في الداخل والخارج، بعد عام 2005 خاصة، تحوّل بعض الموالين لها، في لبنان، إلى شركاء، وفي مقدمهم حزب الله، وغدت العلاقة بين السلطة السورية وحزب الله  وحلفائه من قوى 8 آذار، هي محور العلاقات السورية اللبنانية، اتساقاً مع العلاقات السورية الإيرانية. وغدا هذا الحزب وكيل سوريا في لبنان، بصورة أساسية، وخارج لبنان بصورة ثانوية، لأنّ ولاءه للجمهورية الإسلامية الإيرانية أقوى بما لا يقاس من ولائه للنظام السوري أو ولائه للبنان.

لوحة للفنان محمود سلامة ....المصدر: صفحة محمود سلامة غرافيك عالفيسبوك

لوحة للفنان محمود سلامة تصور مأساة اللاجئ في الخيام، حيث يظهر خيمة تحترق، في إشارة الى خيام اللاجئين السوريين التي حرقت من جراء القصف عليها في مدينة عرسال اللبنانية من قبل الجيش اللبناني. المصدر: الصفحة الرسمية للفنان على الفيسبوك/ تاريخ التوفر على الأنترنت: 8/8/2014.

ثالثاً، لأنّ من طبيعة سلطة مركزية ما قبل مدنية، أن تقوم على مبدأ “فرق تسد”. وقد كان هذا ديدن السلطة في سوريا، وديدن علاقاتها بالقوى اللبنانية المختلفة والمتخالفة. فقد غدت العلاقة بالنظام السوري معياراً للعلاقات اللبنانية الداخلية، وعامل انقسام عمودي وتصدّع داخلي يصعب رأبه، على الرغم من خروج الجيش السوري وأجهزته الأمنية من لبنان عام 2005. خرج جيش النظام السوري من لبنان، لكن “حلفاءه” النظام وزبائنه لم يخرجوا من دائرة “الوصاية السورية”، التي ألفوها على مدى ثلاثة عقود متصلة، لشدة حاجتهم إلى الوصاية.

رابعاً، لأنّ من طبيعة السلطة الموصوفة أعلاه أن مرجعها الأخير والوحيد هو القوة العارية، القوة العسكرية والأمنية، باعتبار هذه السلطة نفسها نتاج مبدأ القوة والغلبة. لذلك كان لا بد أن تفرض سيطرتها في الداخل السوري وفي لبنان بالقوة العسكرية والأمنية العارية، وأن تهمّش القوى الاجتماعية والسياسية اللبنانية مثلما همّشت القوى الاجتماعية والسياسية السورية وحوّلتها إلى بنى موازية لأجهزتها الأمنية.

علاقة أفراد وعائلات لا علاقة دول

 في ضوء ما تقدم، يمكن القول: إن العلاقات السورية اللبنانية، وفقاً لمعيار العلاقات العابرة لحدود الدول، هي علاقات بين أفراد وعائلات وطوائف ومنظمات سياسية وشركات وجماعات ضغط، إضافة إلى سائر المبادلات التي تعبر الحدود، لا علاقات بين دولتين وحكومتين، وفقاً لمعيار العلاقات بين الدول والحكومات. كما أنّ مبدأ عدم التدخل في شؤون دولة أخرى منقوض أساساً بوجود أحزاب سياسية مراكزها في دمشق ولها فروع او امتدادات في لبنان أو العكس، ربما لهذه الأسباب لا يشعر السوريون واللبنانيون بأهمية أن تكون العلاقة بين سوريا ولبنان علاقة دولة سيدة ومستقلة بنظيرتها، إلا على الحدود. فلا يستقيم النظر إلى العلاقات السورية اللبنانية لا من منظور نسق العلاقات الدولية ولا من منظور العلاقات الاجتماعية العابرة للحدود، لوجود سلطة مركزية تنظم هذا العبور، الذي أشرنا إليه، وتتحكم فيه، وإن تكن هذه السلطة ليست سلطة دولة بالمعنى الحديث للدولة، ولذلك تظل العلاقات السورية اللبنانية مضطربة وتتأرجح بين مد وجزر. أحد أسباب هذين الاضطراب والتأرجح ضعف المجتمع المدني ونقص الدولة وتآكلها في البلدين كليهما. وعدم تبلور وطنية سورية ديمقراطية ووطنية لبنانية ديمقراطية. يترجم هذان الضعف والنقص العدم في مواقف النخب السياسية والثقافية في البلدين من سيطرة السلطة السورية على لبنان.

يبرّر رئيس المجلس السوري الأعلى اللبناني، نصري الخوري وجوب استمرار الهيمنة السورية على لبنان، بعد عام 2005، بـ “التحديات التي تواجه أمتنا في هذه المرحلة، والتي يمكن أن تكون أخطر من تلك التي عرفها شعبنا في ظل مؤامرة سايكس ـ بيكو. التحديات الراهنة وإن تعدّدت سياسياً وثقافياً واقتصادياً وعسكرياً إلا أنّها في جوهرها تشكل خطراً وجودياً على أمتنا وشعبنا ومصدر خطورتها الأول والأساسي يكمن في التزاوج غير المسبوق بين المشروع الإمبراطوري الأمريكي والمشروع الإمبراطوري الصهيوني، والتي تمت ترجمته عبر ما يسمى بمشروع الشرق الأوسط الكبير والهدف الرئيسي لهذا المشروع السعي لتفكيك أمتنا بنيوياً إلى مكوناتها الاجتماعية الأولى “[1].

ويتحسر المفكر السوري برهان غليون، ورئيس أول مجلس وطني سوري معارض، على خروج الجيش السوري من لبنان، (لأسباب قومية بالطبع) أو على طريقة خروجه المذلة بقوله: “دفع مقتل الحريري التراجيدي القسم الأكبر من قطاعات الرأي العام اللبناني، على اختلاف انتماءاتها الطائفية، إلى الالتحاق العفوي أو الواعي بالمعارضة اللبنانية والمطالبة بما يشبه الاستفتاء الشعبي العام على خروج القوات الأجنبية ووضع حد فوري للنفوذ السوري في لبنان. وقد ضاعت بذلك الفرصة التي كانت تراهن عليها قطاعات واسعة من الرأي العام العربي القومي والوطني، بما في ذلك في لبنان وسورية، للتفاهم السوري اللبناني المسبق الذي يجنب البلدين الانفصال الكارثي الذي يضر بمصالح سورية ومصالح لبنان وعلاقتهما المستقبلية معاً”.

صورة من على الحدود السورية اللبنانية لمخيمات اللاجئين السوريين....المصدر: عدسة عاصم حمشو

خيم للاجئين سوريين على الحدود السورية اللبنانية. المصدر: صفحة الناشط السوري عاصم حمشو/ 15/ 12/ 2013

ويضيف: “ليس هناك شك في أن مشروع إخراج سورية من لبنان يندرج أيضا في الخطة الأمريكية الجديدة لإعادة بناء علاقات المنطقة على أسس تشكل قطيعة مع الأسس التي قام عليها النظام الإقليمي السابق الذي سيطرت عليه النزعة القومية والتحالف الإقليمي العربي ضد إسرائيل والتضامن الشعبي لدعم الحقوق الفلسطينية والعربية عموما ومقاومة النفوذ الأجنبي. إنّ ما هو مطروح اليوم على المنطقة بعمومها هو حلف بغداد أمريكي جديد. وما هو مفروض على سورية هو إجراءات تفقدها تدريجياً هامش مناورتها الاستراتيجية والسياسية حتى تجبرها على الانصياع لهذا الحلف والدخول فيه والعمل إلى جانب إسرائيل لتحقيق أغراضه”[2].

وعلى الرغم هذا ذلك كله، يعامل السوريون اليوم على الحدود اللبنانية معاملة مهينة ومذلة، وتُحدّد إقاماتهم بحسب الحجوزات الفندقية أو البطاقات النقابية أو غيرها من الوثائق، سوى من يسلكون ما يسمّى “الطريق العسكري”، من دون أن تحرّك الحكومة السورية وسفارتها ببيروت ساكناً، ولا يعامل اللبنانيون على الحدود السورية بالمثل، ولا نريد بالطبع أن يعاملوا كما يعامل السوريون اليوم، لا من قبل الحكومة السورية ولا من قبل حكومتهم. والأخطر من ذك موقف بعض الفئات اللبنانية من اللاجئين السوريين، الذي يفتقر إلى الحد الأدنى من القيم الأخلاقية والشعور بالرابطة الإنسانية، ناهيكم عن سائر الروابط الأخرى.

 ولا عجب ما دام هؤلاء يشاركون النظام السوري في قتل السوريين وتدمير شروط حياتهم، بصور مباشرة وغير مباشرة. والمفارقة أن الذين يهينون السوريين ويعتدون عليهم علناً هم حلفاء النظام السوري، ولا سيما من يقاتلون إلى جانبه. ولا عجب مرة أخرى ما دام هؤلاء يعتبرون اللبنانيين رهائن لديهم، فضلاً  عن السوريين.

المراجع:

[1] – النص مقتبس حرفياً من مداخلة السيد نصري الخوري في ندوة أقامتها القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، بالتعاون مع جريدة البعث، بعيد حروج الجيش السوري من لبنان، عام 2005.

[2]  – برهان غليون أزمة العلاقات السورية اللبنانية، جريدة السفير، 2 / 4 / 2005. منشور أيضاً على الرابط: http://critique-sociale.blogspot.com/2005/03/blog-post_111109755828756812.html

( الصورة الرئيسية: اصطفاف اللاجئين أمام مركز تسجيل مفوضية الأمم المتحدة للاجئين في طرابلس – لبنان – 8/1/2014 (محمد الزاكر / البنك الدولي عبرCC BY-NC-ND 2.0 )




المصدر