عراقيّون في مخيم الهول بالحسكة يحلمون بالعودة إلى الموصل


فريد إدوار

يبدو الوضع أكثر أمانًا بالنسبة لـ “أم عبد الله”، التي وصلت -أخيرًا- إلى مخيم “الهول” في محافظة الحسكة شمال شرقي سورية، مع مئات الهاربين من مدينة الموصل العراقية التي تشهد قتالًا عنيفًا بين القوات العراقية وميليشياتها من جهة، وتنظيم الدولة الإسلامية الذي يُسيطر على المدينة منذ عام 2014، من جهة أخرى.

ترفض “عائشة/ أم عبد الله” الكشف عن وجهها، في أثناء الحديث مع (جيرون) عن مأساتها، في ظل سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على الموصل، وتقول، وهي تهزّ يديها اللتين تحملان طفلًا لم يبلغ بعد عامًا واحدًا: “هذا ما تسببه عناصر التنظيم، بعد أن اعتقلوني وعشرات النساء، تعرّضتُ للاغتصاب مراتٍ عدة من رجالٍ مختلفين، والنتيجة كان هذا الطفل الذي وُلِدَ دون أب”.

تمكّن نحو 6500 عراقي من الوصول إلى مخيم “الهول” الواقع على بعد 40 كم جنوب شرق مدينة الحسكة السورية، بعد أن تحمّلوا مشقة الفرار من مدينة “الموصل”، مشيًا على الأقدام في رحلةٍ مصيرية استمرت بضعة أيام، هربًا من الموت في المدينة، بينما بقي مئات المدنيين في المدينة بانتظار مصير مجهول.

قرية “رجم صليبي” النقطة الفاصلة بين سورية والعراق، كانت بمنزلة الملاذ الآمن لأبناء الموصل الذين افترشوا العراء بانتظار جهد المنظمات الإنسانية لتقديم المساعدة والدعم المناسبين لهم، في ظلّ محاولات ما يسمى بـ (الإدارة الذاتية) الكردية المُعلنة في مناطق شمال شرقي سورية، تقديم خدمات أساسية لهم؛ كتأمين مياه الشرب ووجبات غذائية وتأمين الحماية، وتقول “بيريفان حسين”، مديرة العلاقات في مخيم “الهول” لـ (جيرون): إنها “تأتي ضمن إمكانياتهم المحدودة، في ظل تأخّر تقديم المساعدة من جانب المنظمات الدولية”.

إلى ذلك، توقّعت مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة فرار نحو مئة ألف عراقي إلى سورية وتركيا؛ هربًا من القتال الذي تشهده مدينة الموصل العراقية التي يسكنها مليون ونصف المليون نسمة.

في وقتٍ لم تُخفِ الأمم المتحدة خشيتها على مصير أكثر من مليون شخص يعيشون في الموصل، ثاني أكبر مدينة عراقية من حيث عدد السكان بعد بغداد، والتي تقطنها غالبيةٌ من العرب المسلمين السنة، إلى جانب الأكراد والمسيحيين والتركمان والشبك.

وكانت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في العراق، ليزا غراندي، قد حذّرت في وقتٍ سابق، من استخدام الأسلحة الكيماوية في المعركة أو استخدام المدنيين دروعًا بشرية.

أطفالٌ صغار لا يعلمون عن حروب الكبار شيئًا، كانوا من بين جموع الفارين إلى “الهول”، يلعبون ويتراشقون بالحصى، وكأنهم في أحياء الموصل ولم يتغير عليهم شيء، مع ذلك لم تخلُ نظراتهم من الرعب والخوف اللذين زرعتهما ممارسات تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بحق أهاليهم.

يقول قحطان الفارس (15 عامًا) لـ (جيرون): “شاهدتُ عشرات الإعدامات الميدانية التي نفّذها التنظيم في المدينة بحق أشخاصٍ كنت على معرفة بهم، كان عناصر داعش يُجبرون الأهالي على حضور تنفيذ عقوباته لزرع الخوف فيهم”.

تزايدت ممارسات التنظيم بحق المدنيين، و”استخدامهم دروعًا بشرية” مع اقتراب خطر القوات العراقية التي بدأت هجومها منذ 16 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، قبل أن تُعلن تلك القوات مقتل أكثر من 400 مسلح خلال الحملة التي تشارك فيها ميليشيا “البيشمركة” الكردية، وميليشيا الحشد الشعبي، بدعمٍ من طائرات التحالف الدولي.




المصدر