ثلاجات القادة والتمسح بالفقر .. ماذا عن ثلاجات السوريين ؟!

30 أكتوبر، 2016

ناصر علي – ميكروسيريا

كل فقراء العالم العربي حلموا بالثلاجات والبرادات والتلفزيونات .. وكل كهربائيات الراحة والحضارة. وهكذا حتى بدأ انفتاح الأسواق الاشتراكية خصوصاً في تلك الاقتصادات المغلقة، وسرت حمى الخصخصة، والاستيراد من الامبريالية العالمية الصناعية، وتم الافراج عن الأسواق الشريفة لصالح الأسواق العميلة، التي تبيع الشعب أدوات راحته، وتأخذ منه مدخرات عمره القليلة.

في سورية، سيطرت مافيا النظام وضباط الجيش على التهريب من دول الجوار ،في محاولة لإنعاش جيوبهم ، التي كانت تعتمد على الراتب الشهري وما يسرقونه من وحداتهم، ومن ثم فتح دخول قوات الردع الباب للصوص لكي يسرقوا محلات اللبنانيين، لتبدأ أولى دفعات التلفزيونات بدخول سورية كمنجزات استراتيجية لسرايا الدفاع، وعناصر الفرقة العاشرة.

وهكذا صعد التهريب بديلاً عن الصناعة الوطنية بل نافسها ثم دمرها بأيدي المهربين، وصار براد بردى (ما بيعبي العين)، وكذلك الغسالات اليدوية، وتلفزيون سيرونيكس..والمهم أننا دخلنا فيما بعد اطوار السيرفرات والدشات والموبايلات الرهيبة، على يد الجيل الثاني من المهربين أبناء العسكر كـ “رامي مخلوف” و”شيوخ الجبل والوادي”، وما بقي من فلول القوات المسلحة، وصولاً إلى الابتزاز الكبير، الذي أتاحته أحلام المويايل والخلوي حيث بيع الخط في أول مزاداته بـ 60000 ليرة حتى انهار إلى (البلاش) وعلى خطاه سارت الأجهزة من نوكيا (الشحاطة) بـ 20000 إلى أن صار في يد الأطفال بـ 200 ليرة.

في القصة الأهم حكاية “براد السيسي” والمناكفات السياسية حول تصريحه الأخير(ثلاجة الماء) إلى دخولها “مهترك” السياسة، وانتقلت من كونها إحدى السقطات التي تميز الرئيس المصري، لتكون عتبة اشتباك سياسي بين مؤيدي سياسته في الداخل والخارج.

نائب رئيس شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان لا يمكن أن يمرر حادثة كهذه دون أن يمد اصبعه إلى وسطها فغرد قائلا: “سخر الساخرون من الرئيس السيسي عندما قال إن ثلاجته لعشر سنوات ليس فيها إلا الماء… الفقر ليس عيباً… أمضيت عشرين سنة ليس عندي ثلاجة في البيت”.

بين ثلاجات الزعماء الذين يتمسحون بالفقر يعيش العرب أقسى هزائمهم التاريخية، وذروة انحطاطهم الأخلاقي، وفي سورية البرادات التي تركت في البيوت صارت في أسواق الشبيحة (أسواق السنّة) المنتشرة من السومرية إلى مساكن برزة إلى آخر القرى في الساحل الكبير.

لم تكن برادات السوريين الشعب الأكثر عملاً  في هذا العالم العربي الرديء “فارغة”، بل كانت مونة السوريين مثالاً يضرب بين الشعوب العربية البليدة في أننا شعب يعرف كيف يأكل، ويمّون لشتائه، ويُبدع حتى في المذاق إلا أن جاءت قوافل المرتزقة من الداخل والخارج لتحاصر قراهم وتسرق براداتهم، وتصبح (مضايا- المعضمية- الرستن- الحولة) وكل القرى صارت جائعة…سحقاً لكم لبراداتكم وثلاجاتكم الفارغة.