on
السائحون الروس يبحثون عن وجهة شتوية بديلة لمصر
مع بدء الموسم الشتوي والتأكد من عدم استئناف الرحلات السياحية، إلى المنتجعات المصرية قبل نهاية العام الجاري، لم يعد أمام مئات الآلاف من الروس خيار سوى البحث عن وجهات شتوية بديلة لقضاء إجازات رأس السنة وعيد الميلاد.
وبحسب فالينتينا ماتفيينكو، رئيسة مجلس الاتحاد الروسي، فإن حركة الطيران بين روسيا ومصر قد تستأنف إما في نهاية العام الجاري أو في بداية عام 2017. وحتى في حال استئناف الرحلات في نهاية العام، فإنه بحلول هذا الموعد سيكون جميع السائحين الروس تقريبا قد حسموا خياراتهم لوجهات أخرى.
يقول دميتري غورين، نائب رئيس اتحاد الشركات السياحية الروسية، إن استمرار حظر الرحلات إلى مصر أسفر عن زيادة الطلب على الرحلات إلى الوجهات الشتوية التقليدية مثل تايلاند وفيتنام والإمارات العربية المتحدة وجمهورية الدومينيكان ودول أوروبية، مشيرا إلى أن الشركات السياحية والسياح يترقبون العودة إلى مصر.
ويضيف غورين لـ”العربي الجديد”: “كان وضع الحجوزات سيئاً جداً العام الماضي 2015 بسبب الأزمة الاقتصادية في روسيا، ولكنه تحسن كثيراً هذا العام بفضل استقرار سعر صرف الروبل والطلب المؤجل، إلا أننا لم نستعد مستوى ما قبل الأزمة بعد”.
ووسط الأزمة الاقتصادية التي تعيشها روسيا، بسبب تهاوي أسعار النفط والعقوبات الغربية على خلفية الوضع في أوكرانيا، شهدت حركة السياحة الخارجية الروسية تراجعاً كبيراً بلغت نسبته 22% في الربع الأول من العام الجاري و40% خلال الفترة نفسها من العام الماضي، ما يعني في الواقع تراجعاً بنسبة تزيد عن 50% خلال عامين.
وكان قطاع السياحة الخارجية من أكثر القطاعات تضرراً جراء الأزمة الاقتصادية الأخيرة، إذ أدى انهيار سعر صرف الروبل من 33 روبلاً للدولار إلى أكثر من 60 روبلا حالياً إلى ارتفاع أسعار الرحلات الخارجية بمقدار الضعف تقريبا.
ورغم أن الدولار سجل أعلى مستويات تاريخياً أمام الروبل في بداية العام، متجاوزاً حاجز الـ80 روبلاً، إلا أن تعافي أسعار النفط إلى أكثر من 50 دولاراً للبرميل، أسفر عن استقراره عند مستوى 63 روبلاً للدولار.
وفي ظل استمرار إغلاق مصر، يشير غورين إلى ظاهرة جديدة في سوق السياحة الشتوية، وهي “تركيا الشتوية”. ويقول: “أسفر غياب مصر عن زيادة حصة تركيا الشتوية، إذ تعمل بعض الفنادق التركية في الشتاء وتتم تدفئة المياه بحمامات السباحة، وقررت بعض الشركات السياحية الروسية تمديد برامج رحلات الطيران العارض (تشارتر) إلى ما بعد 15 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل”.
وتمكنت تركيا خلال شهر فقط بعد استئناف رحلات الطيران العارض، من العودة كوجهة أولى للسياحة الروسية في موسم الخريف، لتزاحم تونس واليونان اللتين تراجعتا إلى المرتبتين الثانية والثالثة على التوالي.
وفي ما يتعلق بترقب عودة الرحلات السياحية إلى مصر، تباينت مواقف سياح روس استطلعت “العربي الجديد” آراءهم بين الإصرار على انتظار مصر وقرار استغلال الوضع لزيارة بلد جديد.
داريا، شابة روسية في العشرينيات من عمرها زارت الغردقة مرة واحدة، وبعد توقف الرحلات إلى مصر، توجهت إلى زيارة منتجع سوتشي جنوب روسيا للتزحلق على الجليد في الشتاء وإلى قبرص في موسم الصيف.
وتقول داريا لـ”العربي الجديد”: “سأسافر في الشتاء مرة أخرى إلى سوتشي، ولو كانت الإمكانات المادية تسمح لكنت سافرت إلى تايلاند”.
وتضيف: “سبق لي أن سافرت إلى مصر مع صديقاتي، وكانت الأسعار مناسبة والفندق جيدا جدا. لكنني أحب السفر واستكشاف العالم. يمكنني زيارة مصر بعد استئناف الرحلات فقط إذا كان العرض مغرياً، وإلا أفضل زيارة وجهة جديدة مثل اليونان أو الهند”.
وعلى مدى سنوات، ظلت مصر الوجهة الأنسب للسياحة الروسية في الشتاء لتوفر المناخ المعتدل والقرب الجغرافي النسبي (أربع ساعات طيران فقط) والتكلفة، خاصة أن أغلب فنادق الغردقة (على ساحل البحر الأحمر شرق البلاد) وشرم الشيخ (شمال شرق) تعمل بنظام الإقامة الشاملة (فطار وغداء وعشاء ومشروبات)، ما يعني أن السائح يمكنه ألا ينفق أي أموال باستثناء قيمة حجز الرحلة.
وكان يمكن للسائح الروسي حجز رحلة إلى مصر لمدة تصل إلى أسبوعين مع الإقامة الشاملة في فندق من فئة أربع نجوم مقابل ألف دولار فقط.
في المقابل، تبدأ أسعار الرحلات لمدة مماثلة إلى تايلاند، مثلا من 1500 دولار شاملة وجبة الإفطار فقط، وفق ما يظهره تصفح مواقع الشركات السياحية الروسية.
لهذه الأسباب، قررت سفيتلانا، التي زارت مصر أربع مرات ومنذ الزيارة الأولى وقعت في غرام البحر الأحمر وشواطئه الرملية الساحرة، إما عدم السفر إلى أي وجهة في الشتاء، وإما تحدي الحظر والسفر إلى مصر على متن رحلة طيران غير مباشرة.
وتقول سفيتلانا لـ”العربي الجديد”: “تتميز مصر بجمال البحر والمناخ المثالي والأسعار الرخيصة نسبيا مع مستوى خدمة عال وأجواء شرقية رائعة”.
وتضيف: “نظرا لإغلاق مصر، سافرت إلى تونس في إجازة الصيف، ولكن البحر هناك ليس بنفس درجة جمال البحر الأحمر والرطوبة كانت عالية، ولم تكن هناك أماكن للترفيه خارج الفندق”.
وعلى الرغم من الحظر التام على حجز الرحلات السياحية من روسيا إلى مصر، إلا أن أعداداً محدودة من محبيها وملاك العقارات بمنتجعاتها، يلتفون على الحظر، إما عن طريق حجز تذاكر الطيران على رحلات غير مباشرة والفندق بمعرفتهم، وإما عن طريق السفر من العاصمة البيلاروسية مينسك. لكن هاتين الطريقتين تتسمان بتكلفة عالية ووقت طويل في الطريق، ولذلك لم تتحقق التوقعات بالتفاف أعداد تذكر من الروس على الحظر.
وقبل حظر حركة النقل الجوي بين البلدين، كانت مصر تعتبر الوجهة الثانية للسياحة الخارجية الروسية بعد تركيا، وتمكنت من جذب نحو ثلاثة ملايين سائح روسي في عام 2014. وكانت الغردقة تستقبل نحو 60% من السياحة الروسية الوافدة إلى مصر، بالإضافة إلى 40% إلى شرم الشيخ.
غير أن روسيا فرضت حظراً على جميع الرحلات الجوية إلى مصر بعد حادثة تحطم طائرة “أيرباص” التابعة لشركة “كوغاليم آفيا” الروسية في سيناء في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2015.
ومنذ ذلك الحين ترددت مواعيد محتملة كثيرة لاستئناف الطيران بعد تشديد مصر إجراءات الأمان بمطاراتها، إلا أن ثمة مؤشرات لاستمرار الحظر حتى بداية العام المقبل أو حتى ربيعه في ظل إصرار روسيا على الوفاء بكافة متطلبات الأمان.
وكان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر (حكومي)، قد ذكر في تقرير له في يوليو/تموز الماضي، أن عدد السياح الوافدين إلى مصر، خلال يونيو/حزيران الماضي، تراجع بنسبة 59.9%، على أساس سنوي، حيث بلغ 328.6 ألف سائح مقابل 820 ألف سائح خلال الشهر نفسه من عام 2015.
وأرجع الجهاز هذا التراجع إلى انخفاض السياح الوافدين من روسيا الاتحادية بنسبة 49.8%، ثم بريطانيا بنحو 11.9%، فألمانيا بنحو 8.6%، وبولندا بنسبة 5.2%.
وتراجع عدد الليالي السياحية بنسبة 77.1%، على أساس سنوي، ليهوي إلى 1.8 مليون ليلة، مقابل 7.7 ملايين ليلة قبل عام، وهو وما أرجعه الجهاز إلى تراجع ليالي سياح أوروبا الشرقية بنسبة 95.%.
صدى الشام