on
"أخطاء قاتلة وفاضحة".. وثائقي يكشف مجازر ارتكبتها الطائرات الأمريكية بدون طيار بحق المدنيين
يتوقف الموكب للصلاة في جنوب أفغانستان في منطقة تعد معقلاً لحركة "طالبان"، وفجأة تنهمر على الناس من السماء صواريخ "هلفاير"، فتحترق العربات الثلاث ويُقتل 23 مدنياً.
وغذى هذا الهجوم الذي يعود تاريخه إلى فبراير/ شباط 2010، ويستند إلى تحليل صور التقطتها طائرات أمريكية يسيرها مشغلون وصفهم تحقيق عسكري فيما بعد بأنهم "يفتقرون إلى الدقة والمهنية"، لتتزايد بذلك الانتقادات المتصاعدة ضد الحرب السرية التي تخوضها الولايات المتحدة باستخدام طائرات بدون طيار.
واختلط الأمر على المشغلين الموجودين في قاعدة عسكرية في نيفادا، ولم يميزوا بين مسافرين عاديين ومقاتلي "طالبان" في أثناء تحليلهم لتسجيلات فيديو غير واضحة التقطتها طائرة "بريديتور" في أفغانستان. وتسببت استنتاجاتهم الخاطئة بمجزرة على بعد آلاف الكيلومترات.
وأكد المشغلون أنهم لم يروا على الصور غير رجال بلباس عسكري في ثلاث عربات، لكن الواقع أن العديد من النساء كن بين الجرحى والقتلى وكن يرتدين ملابس زاهية الألوان.
وتشكل هذه المأساة وما تكشفه عن البرنامج العسكري السري الذي تقوم به الطائرات الأمريكية بدون طيار موضوع فيلم "ناشونال بيرد" (الطائر القومي) الوثائقي المحرج الذي سيعرض في 11 تشرين الثاني/نوفمبر في الولايات المتحدة.
ويتتبع الوثائقي مسار ثلاثة ممن يقومون "بكشف المستور" والذين قرروا الحديث عن الأمر لشعورهم القاتل بالذنب.
وتقول المحللة العسكرية السابقة للصور الملتقطة بالطائرات ليزا لنغ لوكالة الأنباء الفرنسية: "كان علي أن أفعل شيئاً لأن ما يجري (غير مقبول أخلاقياً) وبات خارج السيطرة".
وفي الوثائقي، تكشف عن رسالة تهنئة تلقتها لأنها ساعدت في التعرف على 121 ألف مقاتل خلال سنتين، وتدعو المشاهدين إلى استنتاج أعداد القتلى، منذ أن أعلنت الولايات المتحدة الحرب على طالبان بعد اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر 2001.
ومن الصعوبات التي تواجهها حرب الطائرات المسيرة وفق ليزا لنغ، النقص في مصداقية الصور غير الواضحة التي يتم استنادا إليها، اتخاذ قرارات تتعلق بالحياة أو الموت. ولكنها تعتبر أن المشكلة الكبرى تتمثل في البعد الجغرافي والعاطفي لمشغلي الطائرات المسيرة عن الأهداف المحتملة التي تتوقف عليها قراراتهم.
وتقول إدارة الرئيس باراك أوباما أنها قتلت 2500 متطرف بين 2009 ونهاية 2015 معظمهم في غارات نفذتها طائرات بدون طيار. وتقر بأن 116 مدنياً قتلوا في غارات لطائرات مسيرة في باكستان واليمن والصومال وليبيا.
لكن مكتب التحقيقات الصحافية الاستقصائية يقول إن العدد أكثر من ذلك بست مرات.
"شبه تأكيد"
في 2013، أكد أوباما الذي ضاعفت حكومته الاعتماد على الطائرات المسيرة أن هذه الغارات تتم فقط في حال كان هناك "شبه تأكيد" بأنه سيتم ضرب الهدف الملاحق. وتقول مخرجة "ناشونال بيرد" صونيا كنيبيك: "في تلك الفترة لم نكن نعرف الكثير".
وسبق لكنيبيك أن أخرجت أفلاماً وثائقية عن عائلة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش وكارثة فوكوشيما النووية والدعارة في ألمانيا. وبالاضافة إلى رحلة ليزا لنغ، تمكنت المخرجة من تتبع المشغلة السابقة للطائرات بدون طيار هيذر لاينبو التي تعاني من إجهاد ما بعد الصدمة، و"دان"، محلل المعلومات الذي خضع للتحقيق في إطار قانون مكافحة التجسس الأمريكي.
وسافرت كينيبيك مع ليزا لنغ إلى أفغانستان للقاء أقارب ضحايا هجوم 2010 أو الجرحى المصابين بجروح خطرة الذين تعرض بعضهم لتشوهات أو لبتر الأطراف جراء انفجار الصواريخ.
وتقول المخرجة أنها تريد إثارة نقاش وطني مغيب وضروري لمعرفة إن كان الأمريكيون يريدون شن حرب الطائرات بدون طيار باسمهم وكيف يمكن تنظيمها وضبطها. وتسأل: "ما هو مستوى الدقة المطلوب قبل إلقاء قنبلة على منزل؟ هل نعرف بنسبة مئة بالمئة من يتواجد داخل المنزل ومن نقتل؟".
ويقول مركز الأبحاث الأمريكي المستقل "نيو أميركا" إن بلدانا أخرى في طور الانضمام إلى الولايات المتحدة في حرب الطائرات بدون طيار، إذ باتت 86 بلدا تمتلك هذه التكنولوجيا ذات الاستخدام التجاري أو العسكري. وهناك 16 بلداً تعتمد على هذه الطائرات في برامج لتنفيذ ضربات عسكرية.
وفي وقت سابق من السنة، باتت نيجيريا البلد الثامن الذي استخدم طائرات مسيرة عسكرية. كما تلجأ ميليشيا "حزب الله" اللبناني الشيعي كذلك إلى هذه الطائرات.
وتقول المخرجة "سيعرض ناشونال بيرد في حين يهم الرئيس أوباما بمغادرة البيت الأبيض، وقد يكون تولي إدارة جديدة فرصة لإعادة تقييم فعالية هذه البرامج العسكرية التي تفتقد للشفافية وكلفتها الإنسانية".
وتقول ليزا لنغ: "ينبغي أن نفهم أن هذه الطائرات المسيرة هي (أداة) للإرهاب بالنسبة للناظر إليها من الأرض".