on
الثورة لا تجب ما قبلها .. من مجلة المناضل ..إلى رقابة وزارة الإعلام .. فمنظّر للثورة
ناصر علي – ميكروسيريا
هل تغفر الثورة أخطاء الذين التحقوا بها ممن مارسوا القمع ضد السوريين زمن تسلمهم مهام إدارية رفيعة خولتهم اتخاذ قرارات بغيضة، والدفاع عن النظام ومؤسساته الفاسدة، وهاهم اليوم ينتقدون مؤسسات الثورة فيما سكتوا عن كل موبقات النظام قبل براءتهم منه، بعد أن وجدوا أن لا مفر سوى الخروج من تحت مظلته؟.
الأمثلة كثيرة عن هؤلاء الذين تسلقوا الثورة ولم يصمتوا ليصمَت عنهم من يعرفهم، ولكنهم ذهبوا أبعد من الصمت.. راحوا يتشدقون عن مفاهيم حاربوها، ولم يعيشوها يوماً، بل على العكس كانوا يعتبرون الرأي المعاكس تآمرياً ومدسوساً، ومدفوعاً من الخارج وأموال الخارج.
أحدهم ويدعى غياث كنعو عمل في الإعلام المحلي سنوات طويلة وساهم في منع أعداد من صحف اقتصادية خاصة لمجرد مقالات انتقدت عمل مؤسسات النظام ووزارته، وتحديداً في أيام وزارة محسن بلال، ونقل صحفيون أنه كان يقبض ثمن تأخير توزيع بعض الصحف عن موعد صدورها يوماً أو يومين، وأمثلة كثيرة عن المنع منها منعه أكثر من 20 عدداً لصحيفة الخبر في عام 2009 ، وكذلك أكثر من 9 أعداد لصحيفة بورصات وأسواق، وكذلك (شبابلك) التي كان يديرها إياد شربجي.
قبل مجيئه إلى وزارة الإعلام الداخلي عمل “كنعو” سكرتير تحرير مجلة المناضل المحلية الداخلية لحزب البعث العربي الاشتراكي اعتباراً من 2002، وقبلها عمل في صحيفة تشرين لمدة ستة سنوات من العام 1997وحتى عام 2003 في دائرة الأخبار السياسية والدراسات والترجمة، وهذا تاريخ محشو بالبسالة، ومديح السياسة الحكيمة.
الأهم من هذا كله تاريخه البغيض مع الصحفيين السوريين، وتعاليه عليهم، حتى أن بعضهم لقبه بمخبر وزارة الإعلام، وهذا المكان الذي يشرف من خلاله على عمل الصحافة الخاصة تحديداُ كان يقدم شهادات حسن سلوك عن أصحاب الصحف والعاملين فيها.
المذكور شارك في العام ألأول من الثورة بملف لسيئ الذكر مفيد كمال الدين الشبيح الإعلامي صاحب مجلة الرأي، وكان عنوان الملف (سورية «بكرى» أحلى… بقيادة سيد الوطن بشار الأسد)…هو ومجموعة من الأسماء التي نشرها كمال الدين على موقعه: (الدكتور رياض الداودي – الدكتور عبد القادر حصرية – الدكتور سام دلة – الدكتور شوقي الشماط – الأستاذ عمر عبد العزيز الحلاج – الدكتور ثائر قدسية – الدكتورة رجوه جبيلي – الأستاذ سمير عدنان المطرود – الدكتور حسين الوقاف – الدكتور هشام خياط – الدكتور أحمد الجرف – الإعلامي غياث كنعو – الأستاذ عبد الحكيم قداح – رجال الأعمال: عمار معروف – غسان شاهين – المهندس حسان أسطواني – الصناعي محمد الحملي، الإعلامي محمود الجدوع، الإعلامي محمد علي كوروغلي…الإعلامي يعقوب مراد من السويد).
بعد أن غادر كنعو سورية بدأ مشوار معارضته الرشيدة، وصار أحد كتاب مواقع المعارضة ومنها موقع (جيرون) ،حيث أصدر مع مجموعة من المعارضين بياناً يُنظر في مفهوم الثورة، ويطلب من الائتلاف العودة إلى روح الثورة، وكانت مقدمة البيان الذي وقعه كنعو: (نحن الموقعون على هذا البيان نقول لكم: ( يا أعضاء الائتلاف: اما أن تعيدوا مؤسسة الائتلاف للثورة وبذلك تعودوا اليها، أو عودوا إلى بيوتكم وبلدان إقاماتكم).
وذهب كنعو في تنظيره إلى أبعد مما يتوقع أحد عندما يدافع عن المكون السني الذي يتعرض للتهجير وهو البعثي العتيد، والرفيق الذي سهر على مجلة المناضل لتصل أفكار البعث إلى أعضائه بأحسن صورة يقول “كنعو” في احد اللقاءات معه عن التهجير الذي يمارسه النظام: (إن ما يجري هو استهداف وإبعاد جبري للكتلة الأكبر، والقادرة على إحداث التغيير، وهي حركة إذلال للمعارضة والسنة يقوم بها الأسد، وطبعاً ما يظهر هو البعد الطائفي وجوهره “الوطني” كما يردد النظام دائماً، بمعنى أنه يريد أن يفهم العالم بمساندة من إسرائيل وأميركا أن هذا المكون ألا وهو السني، هو من يمارس الإرهاب والتطرف).
بشتى الأحوال حوّت المعارضة كل الذين خرجوا من نظام الأسد تحت عنوان الثورة تجب ما قبلها، وأن مجرد الانتماء لها كان كفيلاً بتبييض صفحاتهم، ولكن بعضهم ما زال يمارس ثقافة البعث التسلطية في التعامل مع جسد الثورة وفي عمله الجديد في سياقها، وأسماء كثيرة تخّون لتبعد عنها شبح الريبة.
نعم الثورة تجب ما قبلها من زلات، لكنها لا تجب الجرائم والنفاق.