الواقع الإعلامي في الجزيرة السورية

7 تشرين الثاني (نوفمبر - نونبر)، 2016
8 minutes

كدر أحمد

“نحن عنا ملائكة” هذا ما قاله صحافي كردي في إشارة إلى (الإدارة الذاتية) التي أعلنها حزب الاتحاد الديمقراطي، في تعاملها مع حرية الصحافة والإعلام، ردًا على سؤال صحافي كردي آخر من سورية أثناء قراءتهما تقريرًا لمنظمة (مراسلون بلا حدود) حول  اللائحة السوداء بأسماء صيادي حرية الصحافة الذي أُصدر يوم الأربعاء 2 تشرين الثاني/ نوفمبر، قائمة سوداء بصيادي حرية الصحافة حول العالم، بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الإفلات من العقاب على الجرائم ضد الصحافيين، وضمنت  ملخصًا عن سيرة 35 من رؤساء الدول والسياسيين والزعماء الدينيين، وكذلك المنظمات والميليشيات التي تشدد قبضتها الرقابية على الصحافيين، وصولًا إلى الزج بهم في السجون وتعذيبهم.

لم يتضمن التقرير الخروقات التي تقوم بها (الإدارة الذاتية) في الشمال السوري، من اعتقال إعلاميين ومنع عمل فضائيات في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، بدءًا من عفرين وعين العرب (كوباني) في ريف حلب وتل أبيض في ريف الرقة ومحافظة الحسكة بشكلٍ شبه كامل.

اختطاف وسجن ومنع عمل قنوات، هذا ما قام به حزب الاتحاد الديمقراطي منذ توليه السيطرة على منطقة التواجد الكردي في الشمال السوري، في محاولة لقمع جميع من يُحاول نقل حقائق تُعارض سياسته، حيث أقدم  خلال العام الحالي على اعتقال العديد من الإعلاميين والصحافيين، بدء من اعتقال الصحافيان عامر مراد وفريدون قجو في بدايات العام الحالي، وكما قام باعتقال الإعلامي مسعود عيسى حمدي في شهر آذار/ مارس من العام نفسه، وهو مراسل موقع (يكتي ميديا) والتابع لحزب يكتي الكردي في سورية، والذي يعتبر منافسًا سياسيًا قويًا لحزب الاتحاد الديمقراطي في سورية، وكما اعتقل منذ الشهر أيلول/ سبتمبر من العام الحالي كل من الاعلامي برزان شيخ موس وآلان سليم أحمد، واللذان لا يزالان موقوفين في سجون (الإدارة الذاتية) في مدينة القامشلي.

يُتهم (الأسايش)، التابع لـ (الإدارة الذاتية) بخطف مراسل موقع (يكتي ميديا) الإعلامي جنكين عليكو، والذي تعرض لضرب مبرح وقطع على أثرها أحد أصابعه في مدينة الدرباسية بريف الحسكة خلال العام الحالي.

كما منع (الأسايش) أيضًا الصحافية رنكين شرو من زيارة مدينتها بعد قدومها من إقليم كردستان العراق، بحجة عملها في فضائية (رادواو)، والتي مُنعت في وقت سابق من العمل في مناطق سيطرة (الادارة الذاتية)، حيث مُنع عمل فضائيتي (روداو) و(أورينت) من قبل  مديرية الإعلام في (مقاطعة كوباني) بحجة أن هذا القرار جاء نتيجة عدم توخي المصداقية في نقل ونشر الخبر عن أهم الأحداث المتعلقة بالمقاطعة و(الإدارة الذاتية) من قبل الفضائيتين المذكورتين، ولهذا قررت منع مراسليها من التغطية في عين العرب (كوباني)، وكما تم منعهم منذ أكثر من عام في مناطق الجزيرة وعفرين.

حول ذلك قال الصحافي جوان سوز “في الحقيقة ليس هناك إعلامي مُحايد ومهني، ليس في المناطق الكُرديّة وحدها، بل في مختلف المناطق السوريّة الأخرى، لكن بالمقارنة بين المناطق الواقعة تحت سيطرة (الإدارة الذاتية) المدنية والمدن الأخرى الواقعة تحت سيطرة المعارضة المسلحة وحتى المناطق التي يُسيطر عليها النظام السوري، فإن وضع وسائل الإعلام والإعلاميين هو أفضل في المناطق الكُردية قياسًا بتلك المناطق، لكن هذا ليس مبررًا لانتهاكات سلطات (الإدارة الذاتية) من خلال منع عمل بعض الفضائيات واعتقال وخطف بعض العاملين مع وسائل الإعلام، وعلى (الإدارة الذاتية) أن تكفّ عن مثل هذه الممارسات في الوقت الّذي يجب فيه أيضًا على بعض وسائل الإعلام السورية الاعتذار من الكُرد أنفسهم وليس من سلطاتهم لأنهم يهينون الكُرد من خلال تقاريرهم وأخبارهم”.

عدم وجود إعلام كردي أو سوري مهني يعود للأوضاع التي عاشتها سورية مجملًا، وعلى وجه الخصوص المناطق التي يسيطر عليها الأكراد، التي كان يُحظر فيها وفي عموم البلاد تداول اللغة والصحافة الكُرديتين.

إلى ذلك، أدانت منظمات مهتمة بالصحافة والفكر هذه الأفعال، وأصدرت العديد من المنظمات المهتمة بالواقع الاعلامي في المناطق يسيطر عليها الأكراد في سورية، إذ إن (رابطة الكتاب والصحافيين الأكراد) في سورية، و(نقابة صحافيي كردستان – سورية)، و(الاتحاد العام للكتاب والصحافيين الأكراد في سورية)، أصدروا في العديد من المرات بيانات تدين هذه الأعمال واصفين إياها بأنها تحدّ من حرية التعبير في المناطق التي يسيطر عليها الأكراد شمال سورية، واللقاء مع الجهات التي قامت باعتقال الصحافيين والإعلاميين والوقوف مع الصحافيين، لأن الصحافي ليس مجرمًا كي يُسجن، وهذا انتهاك بحقهم، وكما تقوم بعض المنظمات أخرى بدورها بإصدار تقرير سنوي خاص بالانتهاكات ضد الصحافيين في المناطق الكردية.

وقال الكاتب عبد الباقي الحسيني “رأينا في الاتحاد العام للكتاب والصحافيين الأكراد في سورية واضح من خلال البيانات التي نُصدرها بين حين وآخر، عن اعتقال الكتاب والصحافيين الأكراد في كردستان – سورية، والبيان الأخير يرصد أسماء جميع المعتقلين من الاعلاميين والكتاب في سجون حزب الاتحاد الديمقراطي، وبياننا بخصوص الاعتداء على الاعلامية رنكين شرو كان واضحًا وأعطى صدى كبيرًا في جميع الأوساط، فنحن ضد اعتقال أي كاتب أو صحافي من قبل أي جهة كانت، وطالما (الإدارة الذاتية) تتحكم في مفاصل الحياة في تلك المنطقة فهي تتحمل جميع هذه الاشكاليات في الحياة العامة”.

من جانب آخر، ردت منظمات إعلامية تابعة لـ (الإدارة الذاتية) هذه الأفعال، حيث قال الصحافي جهاد محمد، وهو المتحدث الرسمي باسم اتحاد الإعلام الحر التابعة لـ (الإدارة الذاتية) في عين العرب (كوباني) بأن الصحافة في (روج آفا) (الجزيرة) حرة بشكل عام، ونبذل جهودنا لتطوير الصحافة والإعلام في هذه المنطقة.

أما بخصوص اعتقال الاعلاميين في عين العرب (كوباني)، فلم نشاهد أي اعتقال بحق الصحافيين والإعلاميين، وقد تم وقف عمل قناتين وهما قناة (روداو) الكردية وقناة (أورينت نيوز)، وهذا القرار اتخذته مديرية الإعلام بعين العرب (كوباني)، والسبب أن هاتين القناتين مجردتين من الأخلاق والمهنية في العمل الإعلامي وتزييف الحقائق.

طبعًا نحن كاتحاد الإعلام الحر لسنا معنيين بإعطاء رخص عمل الإعلامي أو منعه، ولكن ما قامت به هاتين القناتين بتشويه الحقائق وتشهير وتوبيخ، أدت بمؤسسة عوائل الشهداء في عين العرب (كوباني) إلى رفع شكوى ضد هاتين القناتين، وتم حظر عملهما، وأينما كان سوف يتم حظر القناة التي تُشوّه الحقائق، منذ فترة قصيرة تم طرد قناة (الجزيرة) القطرية من أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، ولكن بشكل عام الصحافة هنا تتمتع بكامل حريتها

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]