في نقد … نقد المعارضة السورية
12 تشرين الثاني (نوفمبر - نونبر)، 2016
[ad_1]
ناصر علي – ميكروسيريا
من حق أي أحد أن ينتقد أداء جسم جديد كالمعارضة السورية، خرج ليكون بديلاً عن نظام أحادي متسلط وجائر، وهذا الحق ليس حصرياً بالوجوه المتبدلة التي أنتجتها السنوات الخمسة الدموية، بل بالقادمين أيضاً من الصفوف الخلفية، والذين انتظروا أن تفرغ الموجات المتتالية من وجوه المعارضة تجاربها ورؤيتها، وإن كان بين صفوف القادمين مجموعة من الانتهازيين الذين يترقبون فشل سواهم، ليضعوا قدمهم في الكعكة أو ما بقي منها.
الجيل الأول أفرز ما لديه من كبار المعارضين من أكاديميين وباحثين وعسكر، وتمت تنحية بحكم التحولات الكبيرة الدولية والإقليمية والداخلية، ومتطلبات العمل الثوري، ومن بقي منهم لا دور له أكثر من رمز من رموز الشعلة الأولى، وأما العسكر فقتل أغلبهم، وتم تصفية من لا يتوافق مع حسابات التمويل، وبرامج الآخرين المتحولة الذي استحكموا هذا الجسد الهش المنخور، وأرادوا له أن يكون ضعيفاً ليؤدي ما أنيط به من دور، سواء على صعيد المؤسسات الكبرى كالائتلاف ومنتجه الحكومة الوطنية، والمجلس الوطني، وكذلك مؤسسات العمل المدني التي كانت محكومة بأموال الداعمين، وتحديداً المؤسسات الإعلامية التي كانت صنيعة فجة لأجهزة الأمن، وتم تسليمها لصغار الإعلاميين والناشطين الذين غرر بهم، أو تم إغراؤهم بالدولار.
الجيل الثاني كان مشوشاً وقلقاً لأنها أتى من أجل أن يرسم صورة جديدة فوقع في المحظور، وجاء مع فترة الانتكاسات الكبرة على الأرض، وهذا ما جعله رهين سياسات الممولين الصغار أولاً، بعد تخلي الممولين الكبار، وتسلم الملف السوري للسعودية، وهذا ما أدى إلى فقدانه للثقة بين طرفي المعادلة في الداخل والخارج، وتنازع أطراف الدعم، والتدخل الروسي الذي أطاح بكل المعادلات على الأرض وفرض وقائع جديدة، وأخرج الثورة من هدفها في اسقاط النظام إلى البحث في طرق ادخال المساعدات، وتقزيم المطالب لفك الحصار في مقابل تدويل المشكلة وجعلها رهينة فكرة التظرف ومحاربة الإرهاب. فيما لم تجد النخب الثورية الجديدة من مفر سوى الدخول في تأويل المفاهيم والدفاع عن المعتدلين وتبرئتهم تارة، والوقوف مرة مع التطرف كخيار قد يحافظ بعض المكتسبات سواء على الأرض أو كورقة تفاوض.
الجيل الثالث الذي يناور الآن وهو من مخلفات نظام الأسد وعاش في سراديب مؤسساته، ووصل بعضهم إلى قيادة الحراك السياسي في الائتلاف على وجه الخصوص، فيحاول في اللحظات الأخيرة تبرئة نفسه من تركة هزائم من سبقه، ويدخل في ثقب الإبرة في محاكمات على نموذج نقد الحراك السياسي للمعارضة من باب النقد الذاتي “إحدى أهم المنطلقات النظرية للبعث”.
اليوم تبدو المعارضة السياسية منفصلة تماماً عما يجري حولها، وتهالكت مؤسساتها، ومنظروها باتوا في وادٍ والمواطن الذي يدفع ثمن التهجير وصلف النظام في وادٍ آخر، ولا سيما أولئك الذين جاؤوا من الصفوف الخلفية،ن ليرفعوا رايات نقد تجارب من سبقوهم، وأمثلة كثيرة في مقالات تتباها صحف الدول الممولة التي ينتفعون منها ما يسد حاجاتهم في بلاد الاغتراب واللجوء…فيما ذهب رئيس الحكومة المؤقتة إلى فتح مركز بحثي في إحدى المدن التركية تاركاً وراءه رواتب موظفي حكومته معلقة في ذمة الزمن، وملفات فساد كبيرة من صرف أموال الثورة في غير مكانها دون أن يحاسبه أحد، وأن لا يتعرض سوى لبعض النقد من إعلام المعارضة، وبعض الهمس من الطبقة السياسية المتورطة هي أيضاً ببعض ملفات المال السياسي.
ريثما يهيئ لهذا الشعب- قيادة سياسية واعية، وطليعة مثقفين قادرة على المشاركة في قراءة ما وصلت إليه الثورة بإخلاص، وإعلام خارج الدكاكين المخابراتية – سيكون قد وصل إلى درجة الانهاك والانقسام، وهذا نتيجة حتمية لأنانية هذه الشرائح وإنهاكها .. ويبقى على المخلصين أن لا يبالوا بنتائج نقدهم وبجدية، فالثورة على مفترق خطير يحتاج إلى تصويب ودعم، وان يشيروا إلى الفاسدين السياسيين والمثقفين والصحفيين قبل أعدائهم.
[ad_1] [ad_2]