ميادة الحناوي تضحي بجمهورها على مذبح السلطة السورية


كأن كل تلك البيوت والأحياء والمدن والمدارس والمشافي التي دمرت في سورية، وكل الأطفال والنساء والرجال الذين لقوا مصرعهم تحت وابل البراميل والصواريخ، وكل هؤلاء الضحايا الذين لفظوا أنفاسهم الأخيرة، قهراً ووجعاً وتعذيباً في المعتقلات. كأن جميع هؤلاء ليسوا من الوطن، والوطن ليس منهم، بل أن الوطن كله يختزل عند السيدة، ميادة الحناوي، بـ”سيادة الرئيس الدكتور بشار الأسد”، فطالما هو بخير، الوطن كله بخير، فهو الوطن، والوطن هو.

فعند سؤالها في لقاء بثته قناة “D” في برنامج العاشرة مساء، عما إن كانت تخشى خسارة جمهورها نتيجة مواقفها السياسية، علقت قائلة: “أنا بحب وطني، بحب سيادة الدكتور بشار الأسد، وأنا مع مؤسسات الدولة، ومع الجيش العربي السوري”. ثم تبدي استغرابها، وتعلق: “هل إذا الواحد بحب وطنه بيخسر؟”.

اختصار الوطن في شخصية الأسد
مفهوم الوطن عند الحناوي، هنا جلي وواضح، فهو اختصار لسيادة رئيسها، إذ مرت على ذكر عبارة الوطن مروراً عابراً، بينما حينما تحدثت عن حبها للرئيس، أصرت على إشباع هذا اللقب إلى أقصى الحدود “أنا بحب سيادة الرئيس الدكتور بشار الأسد”، وربما ما من حاجة هنا للاستغراب من كلام الحناوي، فهي وأمثالها ما كانوا ليكونوا على ما هم عليه الآن من شهرة ونجومية وثراء، لولا سلطة حافظ الأسد من قبل، و بشار الأسد الآن. إذ أن تلك الشهرة والنجومية، لم تكن لتهطل على الحناوي من السماء لولا دعم السلطة الأمنية لها، كما هو معروف لمعظم السوريين. ومن خلال هذا الدعم والاحتضان، تم تصديرها إلى جمهورها، فكيف بها والحال كذلك، ألا تختصر كل الوطن ببشار الأسد؟

صعود على حساب عذابات السوريين
وفهم الحناوي للوطن ليس مستغرباً هنا أيضاً، فهي، وعلى غرار معظم الفنانين والفنانات المؤيدين للأسد، لا يمكن أن يتخيلوا الوطن بعيداً عن الأسد. وهذا ما يثبت أنهم ما صاروا نجوماً ومشاهير وأثرياء، إلا على حساب عذابات وجوع ودم السوريين. فبينما كانوا، وما زالوا، يؤسسون لعلاقات خفية وحميمية مع رجالات الأمن والجيش والسلطة، كان السوريون، وما زالوا، يعتقلون ويموتون ويهجرون وتقصف بيوتهم فوق رؤوسهم. وهذا يؤكد أن الحناوي وأمثالها، هم ركن أساسي من بنية السلطة الأمنية والعسكرية في سورية. وكما تنتهج تلك السلطات سياسة القتل والحرق والذبح والقصف مع من يعارضها، كذلك نرى الحناوي تنتهج نفس الأسلوب على صعيد الخطاب اللفظي، حينما توجهت بكلامها إلى جمهورها مطالبة إياه بأن ينطح رأسه بالحيط إن لم يعجبه موقفها المؤيد لسياسة رئيسها بشار.

شماتة بالخراب الحاصل في سوريا
هذه هي قناعات ومفاهيم من تربى في أحضان السلطة الأسدية، وهذه هي نظرتهم لقيمة الإنسان والحرية والكرامة، فليقتل جميع الذين لا يحبون الأسد، وتداس كرامتهم بالحذاء العسكري، ولتحرق بيوتهم وأوطانهم. وطبعاً الحناوي لا تتفلسف هنا، بل هي بكامل وعيها، مما جعلها لا ترى في فظاعة الحريق والدمار الذي جرى ويجري بحق وطنها ومدينتها حلب، سوى أنها بقع حريق. فدمار حمص وحلب ودرعا وريف دمشق وإدلب والرقة وغيرها من المدن السورية، بفعل البراميل والصواريخ، ما هي بنظر الحناوي سوى بقع صغيرة من الوطن. وكل هذا الخراب والدمار والإجرام الواقع على السوريين، ليس إلا فزلكات إعلامية بحسب تعبيرها. فطالما وأن وسط العاصمة دمشق، حيث تسكن هي، وحيث مقر قصر رئيسها، مكان آمن، فهذا بالنسبة لها يعني أن الوطن كله آمن، أو بمعنى آخر، ليحترق الوطن كله طالما بيتها وقصر رئيسها في أمان.



صدى الشام