طلاب سوريون في برلين – اندماج سلس في الدراسة وصعوبات اجتماعية


يتوافد طلاب سوريون بشكل متزايد على الجامعات الألمانية. لا يعود هذا فقط إلى الدعم الذي تقدمه الجامعات والحكومة الألمانية للاجئين السوريين بل أيضا إلى الرغبة والطموح الكبيرين الذين يتحلى بهما الطلبة السوريون.

الساعة الواحدة ظهرا، الساحة الرئيسية بالجامعة التقنية في برلين تغص بالطلبة، كلهم في عجلة من أمرهم يتسارعون نحو المطعم الجامعي. إنها فترة وجبة الغذاء وفترة الخلود إلى شىء من الراحة بعد ساعات الدراسة المضنية. أمام المطعم الجامعي، يبدو سامر الشاب السوري اليافع وهو يمشي الهوينا، ينظر تارة نحو اليمين وأخرى نحو الشمال وكأنه ينتظر شخصا ما.

“لقد خرجت اللحظة من درس اللغة الألمانية الذي تقدمه الجامعة التقنية للطلاب السوريين.”هكذا تحدث الشاب السوري البالغ من العمر 21 ربيعا، في حواره مع DW عربية. يعيش الشاب سامر في ألمانيا منذ سنة ونيف، وحلمه كان دوما، كما يقول، الالتحاق بالدراسة الجامعية التي حُرم منها في وطنه سوريا. وكبقية السوريين المتوافدين على مقاعد الجامعة التقنية ببرلين من أجل العلم والمعرفة، يتمتع الشاب الحلبي البشوش بالبرنامج الدراسي المخصص للسورين.

تسهيلات خاصة بالطلاب السوريين

ويقول الشاب سامر حول التسهيلات التي يتمتع بها الطالب السوري عن غيره من الطلاب :”تقدم  إدارة الجامعة لكل سوري يريد الدراسة في الجامعة  حق التسجيل  المجاني في حصص اللغة الألمانية، وحضور حصص أخرى لمختلف الفروع العلمية إذا ما أراد ذلك وأضحى بوسعه الانطلاق مباشرة في الدراسة.”تقدم الجامعة التقنية ببرلين على غرار الجامعات الألمانية الأخرى مثل هذه التسهيلات حتى يتسنى للطالب السوري الاندماج بسرعة في الحياة الجامعية.

وبهذه الطريقة التربوية المرنة يتسنى للطالب السوري تخطي العراقيل والاندماج بسرعة في الحياة الجامعية وفي منظومة التعليم العالي التي تختلف كليا عن النظام الدراسي السوري، هذا ما يؤكده أيضا الطالب بشار، متحدثا لـDW. تجاوز بشار مرحلة تعلم اللغة وبات اليوم يباشر الحصص الدراسية في الجامعة. سبق لبشار الوسيم ومشرق السجية والبالغ من العمر 25 عاما، أن باشر الدراسة في جامعة  اللاذقية وقرر الفرار من وطنه في صائفة 2015 نظرا للأوضاع الأمنية المتردية في محافظته  خصوصا ووطنه سوريا عموما.

وخلال هذه الفترة الوجيزة نسبيا تمكن بشار من تعلم اللغة بسرعة في مدرسة للغة ثم التحق بالبرنامج المخصص للطلبة السوريين وواصل في هذا المضمار:”انتفعت كثيرا  من دروس تعليم اللغة الألمانية في الجامعة، سيما منها الحصص الحوارية التي يقدمها طلبة متطوعون  كما زرت حصصا لتعلم المصطلحات العلمية الخاصة بالمعلوماتية في فرع الهندسة المعمارية.” حتى وإن كانت لغة بشار الألمانية، كما يقول، محدودة إلا أنها تخول له البدء في الدراسة. قرر الشاب السوري دراسة شعبة المعلوماتية التي طالما أراد دراستها في وطنه، إلا أنه لم يحظ بذلك.

ترى السيدة ساندرا أوبيتز من إدارة الجامعة أن العروض اللغوية وبرامج إدماج السوريين في الحياة الجامعية التي بعثت إلى الحياة في السنة الماضية إيجابية وأضحت اليوم تأتي بأكلها ومضت السيدة أوبيتز في حديثها مع DWتقول:”لقد كانت الحصص اللغوية في الجامعة ضرورية وزيارة الحصص الدراسية للكثير من الطلبة السوريين قاعدة هامة من خلالها استطاع العشرات من الطلبة التسجيل في الجامعة والغوص في الحياة الجامعية بعزيمة فذة.”

وأشارت ساندرا  اوبيتز إلى “جهود كبيرة” يبذلها الطلبة اللاجئون في هذا الصدد، ولاحظت وجود “رغبة جامحة لدى الشباب السوري المتحمس من أجل الدراسة”. وأضافت المسؤولة الجامعية تقول:”هنالك من الطلبة من يحصل على منح شهرية من قبل وزارة الخارجية وآخرون من لدن هيئة التبادل الأكاديمي الألمانيDAAD فضلا عن بعض الكنائس التي تساهم بدورها في دعم هؤلاء الطلبة في مشوارهم الدراسي، فضلا عن تخصيص الدولة الألمانية مبالغ مالية على شكل منح للطلبة اللاجئين.”

إقبال ملحوظ على دراسة المعلوماتية والهندسة المعمارية

تعد شعبتا المعلوماتية والهندسة المعمارية من أحب الفروع الدراسية  للطلبة السوريين. هذا ما قاله لنا ميشائيل فروم الأستاذ في الجامعة التقنية ثم أضاف قائلا:” أرى حماسا وشغفا منقطعي النظير لدى هؤلاء الشباب المتعطشين للعلم والمعرفة، حقيقة ، إنهم يكدحون ويتعبون و يبذلون كل ما لديهم من طاقة حتى يتمكنوا من قواعد اللغة  الألمانية. لا شك أن اللغة الجديدة بالنسبة لهم لا تزال تمثل للكثير منهم عائقا كبيرا يجعلهم يسجلون أنفسهم في الجامعة للدراسة متأخرين، عقب فصلين إلى ثلاثة فصول دراسية.”

ميشائيل فروم من الأساتذة المقربين من الطلبة السوريين خصوصا. يقدم هذا الأخير حصصا لتعلم المصطلحات العلمية في الرياضيات والمعلوميات ويواظب هذه الحصص، بالدرجة الأولى أولئك الذين بصدد الدخول إلى الجامعة في الفصل الدراسي الموالي أوالطلبة الذين شرعوا حديثا في الدراسة الجامعية، كما يقول الأستاذ الجامعي.

إلى جانب صعوبة اللغة الألمانية تمثل العلاقات الاجتماعية والشخصية مع الطلبة غبر العرب خاصة منهم الألمان “صعبة جدا”، كما ذكر الطالب بشار مبدئيا استياءه من هذه الظاهرة :”ليس من السهل أن تربط علاقات أو تفوز بصداقة مع الطلبة الألمان، كل فرد هنا منشغل بنفسه. ومثل بقية أبناء وطني أشعر هنا بالوحدة في هذا المركب الجامعي الضخم بين الطلبة الوافدين من كل حدب وصوب. نتمتع هنا بالدرجة الأولى بصداقات متينة وروابط اجتماعية قوية بالخصوص مع أبناء جلدتنا من العرب على غرار الطلبة المغاربة والتونسيين”.. ومن جهته، يقول سامر متحدثا عن أجواء العلاقات الاجتماعية بين الطلبة السوريين وزملائهم من جنسيات أخرى:”نتبادل الزيارات في المبيتات أو تلتقي هنا في المقهى لنتجاذب أطراف الحديث”. مضيفا”إن ظاهرة العزوف من الآخر وصعوبة ربط أواصر علاقات اجتماعية تزعجني.”

ويشكل الطلاب الأجانب حوالي 20 في المائة من العدد الإجمالي للطلاب المسجلين بجامعة برلين التقنية، بحسب الموقع الرسمي للجامعة البريلينة.

 



صدى الشام