شهر على معركة الموصل.. تحرير “متعثر” وخطط “غير متوازنة”
20 تشرين الثاني (نوفمبر - نونبر)، 2016
شهر مضى على انطلاق معركة استعادة مدينة الموصل من قبضة تنظيم الدولة، أو ما توصف “بمعركة تغيير وجه المنطقة”، بعد طرد التنظيم الذي سيطر عليها صيف العام 2014. ورغم تحقيق المعركة لنتائج بتحريرها لعشرات القرى المحيطة بالمدينة، لا تزال المعركة- في نظر محللين- تفتقر إلى الخطة المدروسة بتوازن، وبأنها قد تطول لأشهر، وتنتهي بخلافات سياسية حول مصيرها.
انطلقت المعركة في الـ17 من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بمشاركة يقدر عددها بـ45 ألفاً إلى 100 ألف من قوات متعددة القيادة والأهداف، تتفق على تحرير الموصل من قبضة التنظيم، إلا أن تعدد قياداتها تسبب- بحسب مراقبين- بتشتت واضح في التحرك تجاه مركز المدينة التي يقطنها قرابة مليوني إنسان، يتوقع مقتل قرابة 200 منهم، بحسب مصدر محلي لـ “الخليج أونلاين”.
على أطراف المدينة حررت القوات المهاجمة- بحسب وزارة الدفاع- أكثر من 140 قرية وناحية وقضاء وحياً، واكتفت بأربع مناطق داخل المدينة وتحاول السيطرة على أخرى، في حين يتحصن التنظيم داخل الموصل في مناطق مكتظة، وينشر قاذفات الهاون بين أزقتها.
وتعيق تقدمَ القوات أساليبُ العبوات الناسفة، والمفخخات، والانتحاريون، والأنفاق التي لجأ إليها التنظيم في معارك سابقة، كما لجأ حديثاً لاستخدام “المناورة”؛ لإرباك صفوف القوات.
وفي الداخل، شدد تنظيم “الدولة” عقوباته على سكان المدينة، ونفذ حملة إعدامات لأكثر من 50 شخصاً، أغلبهم من الشباب، ونشر جثثهم في أرجاء المدينة على عواميد الكهرباء، وفق ما قال مصدر محلي، فضّل عدم كشف اسمه، لـ”الخليج أونلاين”، بحجة توفر خطوط الهاتف والإنترنت لديهم، ومساعدة القوات الأمنية.
من جهتها، أبقت فرق من القوات المحررة باب مخاوف الموصليين من انتهاكات طائفية بحقهم، مفتوحاً على مصراعيه، حين أعلنت منظمة العفو الدولية أن قوات عراقية عذبت وقتلت قرويين جنوبي الموصل شمال العراق، خلال الحملة العسكرية، كما تنتشر مقاطع مصورة تباعاً عن اعتداءات بحق أشخاص عزّل وأطفال.
ويزيد المعركة إرباكاً مشاركة المليشيات الشيعية المتمثلة بالحشد الشعبي، التي فتحت محور قتال مع تنظيم الدولة من الجانب الغربي للمدينة؛ للوصول إلى مدينة تلعفر الواقعة على بعد 50 ميلاً إلى الغرب من مركز المدينة، وبدأت تلك المليشيات القتال إلى جانب القوات العراقية؛ ومن فقد بات يشكل هاجساً لدى تركيا وأمريكا والقوى السنية في البلاد، وهو ما أبقى المحور الغربي من المعركة دون تقدم يذكر، بحسب الخبراء.
ومع بدء تحرير مناطق وسط ضراوة الاشتباكات، قالت الأمم المتحدة إن أعداد النازحين من جراء العمليات بالموصل، ارتفعت إلى 45 ألف شخص، في حين توقعت قبل انطلاق المعركة وصول العدد لأكثر من مليون، وسط ضعف في التجهيزات المخصصة لاستقبالهم، باعتراف المسؤولين العراقيين.
– خطة غير متوازنة
الخبير العسكري والاستراتيجي ناظم صبحي توفيق، قال، في حديث لـ “الخليج أونلاين”، إن مراحل ما أسماها بـ “حرب الموصل”، لم تتم بخطة متوازنة من جميع الاتجاهات، لتنفيذ مراحل “التقدم من المدينة ثم الحصار فالاختراق”.
وأكد أن المعركة ستستغرق أسابيع وربما أشهراً، مقارنة بعمليات مشابهة حررت خلالها مدن تكريت والفلوجة والرمادي، مضيفاً: “بالتفكير في الأمر فإن مساحة الموصل لا تقل عن 5 أضعاف مساحة الرمادي أو الفلوجة أو تكريت، ذلك سيجعل مدة تحريرها تزيد على مدة تحرير الفلوجة بخمسة أضعاف”.
وعن الخطة التي كان يجب تطبيقها، أشار إلى أن التحرك “كان يجب أن يكون بمراحل، بحيث تتقدم جميع القطاعات معاً باتجاه الموصل بوقت متقارب، دون أن تتوقف المعركة بحسب مبدأ التقدم والهجوم العسكري، ولا تدع لزخم التقدم أو الهجوم بالتراخي، وحصل التراخي حين تم الاختراق من اتجاه أقصى الشرق والسيطرة على أربعة أحياء، في حين لم يدخل أحد للأحياء الأخرى”.
وتابع توفيق قائلاً: “كان يجب أن تقوم الخطة على إحكام الحصار من جميع الجوانب؛ أو نبقي محور تلعفر ليهرب منه التنظيم، ثم يعالج الهاربون بالعراء، إلا أن ما تم تركه هو 180 درجة من المدينة، أي الجانب الغربي كاملاً، وهذا خطأ آخر”.
– تعدد الأجندات يعثر التحرير
أما الباحث والمحلل السياسي الموصلي، يحيى صهيب، فرأى أن الجانب السياسي الذي أدى إلى تعثر تحرير سريع للمدينة، “يتمثل باختلاف الرؤى بين الفرقاء السياسيين المشاركين في المعركة، فلكلٍّ أجندته الخاصة التي يحاول فرضها وتطبيقها بعد المعركة” .
ويضيف، في حديث لـ”الخليج أونلاين”: “أما الشق الثاني فيتمثل باختلاف الرؤى بين الدول الإقليمية، بالإضافة إلى أمريكا والاتحاد الأوروبي، فأمريكا التي احتلت العراق تسعى لترتيب الأوضاع السياسية لمرحلة ما بعد المعركة بالشكل الذي يضمن لها مصالحها، أما إيران التي تدعم الحشد الشعبي، فإنها تسعى لجعل الموصل حلقة الوصل في طريقها المزمع إنشاؤه والذي يربطها بسوريا عبر العراق”.
أما علاقة تركيا في المعركة، فيقول صهيب: إنها “تسعى أولاً لمنع هيمنة إيران على العراق، الأمر الذي سيؤدي لاختلال ميزان القوى بشكلٍ كبير، بالنظر إلى أهمية الموصل الرمزية والاستراتيجية”.