كيف يوظّف "تنظيم الدولة" تقنيات الفيديو الدعائية لاستقطاب الشباب؟


في أحد الفيديوهات التي نشرها تنظيم "الدولة الإسلامية" على الإنترنت يمكن مشاهدة كلمة "الجهاد" التي كتبت بحروف وتصميم يشير في الشكل إلى إحدى الشركات العالمية العاملة في صناعة السلع الرياضية.

وفي مشهد لفيديو آخر يمكن رؤية تعبير "نداء الجهاد" والذي يذكر شكله بإحدى اللعب الإلكترونية الشهيرة لدى المراهقين والشباب.

كثيراً ما تستغل دعاية "تنظيم الدولة" العديد من تقنيات الصناعات الترفيهية، كما يذكر الباحث في القطاع السنيمائي "بيرند تسيفيتس من ماينز"، ملاحظاً أن تلك الفيديوهات  تتضمن عناصر تقنية وإخراجية مهمة لا يكشفها إلا المتمكنون والعارفون بالأساليب الجمالية  في صناعة الأفلام واللعب الالكترونية.

كما لاحظ أن التنظيم يأخذ أيضاً عنصر ما يسمى بالثقافة الشعبية بعين الاعتبار. ومن خلال تلك الأساليب الجذابة في الإنتاج الإعلامي فإن "تنظيم الدولة" يسعى إلى استقطاب الشباب للعمل الإرهابي.

ما يميز فيديوهات جيل الشباب هو أن هذه الأخيرة موجهة لمخاطبة العواطف أكثر من مخاطبة العقل. ورغم وجود قسط إيديولوجي داخلها، فإن المنظور الجمالي للفيلم وتقنياته تتسم بأهمية أكبر.

"الهدف من الإنتاج الدعائي الباهظ الثمن هو العمل على مخاطبة المشاعر"، ولذلك يمكن الحديث عن وجود عناصر جمالية في إنتاج تلك الفيديوهات، حسب الخبير.

مثل هذه الأعمال السنيمائية تتسم بالحركية وسرعة تدفق صورها، ففي مشاهد معارك مقاتلي التنظيم مع من يسمونهم "الكفار" يتم تمرير  مجموعة من المقاطع المصورة وتحريكها بسرعة لإثارة انتباه المشاهد، كما تتم كتابات على شريط في أسفل الصورة كما هو الحال في الأخبار التلفزيونية. إن الهدف من استخدام تلك التقنية هو إظهار تلك المشاهد بطريقة تجعلها تبدو موضوعية وجديرة بالثقة، مثل الأخبار.

الجانب الدعائي يأخذ إذن دوراً ومكانة أكبر من المضمون. ويرى مروان أبو طعم وهو خبير في مكافحة الإرهاب بمكتب محاربة الجريمة في ولاية "راينلاند" بفالس أن هذا التطور حصل على مدى سنوات متتابعة. "نلاحظ أن المفكرين  الأوائل في التنظيمات الاسلامية، (مثل سيد قطب من الإخوان المسلمين الذي تم إعدامه عام 1966) ألفوا كتباً ومنشورات واهتموا فكرياً بالمضمون كما حاولوا شرح الأشياء انطلاقاً من مواقفهم العقائدية".

على عكس أسامة بن لادن الذي لم يؤلف بالكاد ولكنه لجأ إلى توجيه خطاب شفوي بشكل أقوى، ولم يعتمد خطابه على المواقف الدينية بل على أن "المسلمين هم ضحية ولذلك يجب عليهم أن يدافعوا عن أنفسهم".

ويلاحظ أبو طعم أن المقاتلين الحاليين في "تنظيم الدولة" لم يعودوا ينشرون نصوصاً طويلة في خطاباتهم، بل أصبحوا يركزون على الفيديوهات التي توضح للمشاهدين: "نحن لسنا ضحايا بل نكتب التاريخ ونحن منتصرون"  ويعني ذلك، كما يستخلص المتحدث، أن أسلوب الحديث عن الانتصار يجعل "تنظيم الدولة" أكثر جذباً. و"لكن هذا الأسلوب ليس مقنعاً على المدى البعيد، بل يدعو للتشكك"، كما يلاحظ المتحدث.

في العديد من الفيديوهات يبرز الهدف الإيديولوجي عادة من خلال لغة الصور الصادمة، مثلاً صور الأطفال الموتى والمغتصبات، بهدف إثارة الشعور بضرورة حماية هؤلاء والرحيل إلى سوريا من أجل ذلك.

"إن هدف تلك الصور هو العمل على إثارة مشاعر المشاهدين حتى يتساءلوا أين أنتم من كل ذلك؟ الواجب الديني يقتضي حماية هؤلاء الناس!".

وهناك صور أخرى تهدف إلى إثارة مشاعر العنف لدى الناس من خلال نشر فيديوهات قطع الرؤوس. "إنها صور موجهة إلى الذين يبحثون عن القيام بأعمال وحشية وتطبيق ما لديهم من تصورات وخيالات عنيفة. وهي بمثابة دعوة للقول لهم: يمكنكم عيش تلك التصورات العنيفة عندنا".

إن صور "تنظيم الدولة" لها دور مؤثر على المجموعة المستهدفة، وقد يكون من الصعب مواجهة ذلك، كما يرى الخبيران أبو طعم و"بيرند تسيفيتس"، واللذان يضيفان أنه من الضروري أن تعمل المؤسسات والشخصيات الإسلامية على مواجهة "تنظيم الدولة" وأعماله الدعائية.

ويعني ذلك أيضاً أنه من الضروري أن يدخل "تنظيم الدولة" في حسابه وضوح المواقف على أرض الواقع، حيث إنه يعلم أنه في حال خسر المعركة العسكرية فسيفقد أيضاً صورته الدعائية كتنظيم لا ينهزم وتتهاوى أيضاً إيديولوجيته.




المصدر