هل تنجح إيران بمد جسر بري إلى لبنان؟.. هذا ما تفعله طهران حالياً في سوريا والعراق لتحقيق غايتها

25 تشرين الثاني (نوفمبر - نونبر)، 2016

7 minutes

توسع إيران من نفوذها العسكري في سوريا والعراق بوقت متزامن، عبر أذرعها العسكرية المنتشرة في البلدين، فيما يبدو أنه تطبيق لمسعى طهران في مد جسر بري مروراً من العراق وسوريا إلى لبنان، حيث توجد ميليشيا “حزب الله” اللبناني الذي يتلقى دعمه الكامل من النظام الإيراني.

وفي هذا الصدد، قال معهد “واشنطن” الأمريكي لسياسة الشرق الأدنى، إن “الأيام الأخيرة شهدت تطوران وقعا على مقربة من الحدود السورية وانطويا على دلالات حول نوايا طهران ووكلائها تجاه تلك البلاد والمنطقة المحيطة بها”.

ففي جهة الغرب من سوريا، نظمت ميليشيا “حزب الله” استعراضاً عسكرياً كبيراً في مدينة القصير الواقعة بريف حمص، وفي ذات الوقت سيطرت ميليشيات “الحشد الشعبي” العراقية على مطار تلفعر في الأراضي العراقية القريب من الأراضي السورية الواقعة بالشرق.

ما الذي يعنيه ذلك؟

المعهد رأى في الحدثين المتزامنين، رسالة “لم تنفك إيران عن تكرارها إلى المجتمع الدولي، ألا وهي أنها ستعمل كل ما يلزم لتكون من صناع القرار في الممر الممتد من العراق إلى لبنان عبر سوريا”.

وفي أعقاب السيطرة على المطار في الأسبوع الماضي، قال الوزير العراقي السابق والأمين العام لـ “منظمة بدر” المرتبطة بإيران هادي العامري، في تصريح نقلته وكالة رويترز: “سنتخذ من مطار تلعفر قاعدة للانطلاق لتحرير ما تبقى من الأراضي (…) وصولاً إلى الحدود السورية وما يتخطاها.”

ويقول معهد “واشنطن”: “بما أن إيران لا تملك معبراً حدودياً مع سوريا، قد تؤمّن لها تلعفر هذا المعبر كونها تقع على الطريق الرئيسي إلى سوريا على بُعد حوالي أربعين ميلاً غرب الموصل”.

ويضيف: “إذا نجح وكلاؤها فعلياً في الاستحواذ على تلك البلدة، ستتمكن إيران على الأرجح من فتح ممر من محافظة ديالى الحدودية العراقية باتجاه جبال حمرين شمالي شرقي تكريت وصولاً إلى تلعفر على الطريق المؤدي إلى سنجار على الحدود السورية”.

تعزيز للنفوذ

أما في الجهة المقابلة من سوريا، فتملك الميليشيات المدعومة من إيران عدة طرق تؤدي إلى لبنان وتمر بالقصير وغيرها من البلدات في منطقة القلمون.

وبحسب المعهد الأمريكي، فعلى الرغم من “أنه قد لا يكون للجسر البري أهميةً كبرى لطهران من ناحية نقل الأسلحة، إلا أنه سيوفر مسرحاً أكبر لاستعراض قوتها وترسيخ الوجود الإيراني المتواصل في العراق وسوريا ولبنان”.

وعليه طرح المعهد تساؤلات حول تأثير التحركات الإيرانية في سوريا والعراق، وقال: “هل ستستطيع هذه البلدان البقاء في المستقبل كدول مستقلة وذات سيادة؟ والسؤال الآخر المطروح هنا هو ما إذا كان ترسخ الوجود الإيراني على طول هذا الممر سيصب الوقود على نار الخطابات المتطرفة (…) ويؤجج بذلك الصراعات الطائفية القائمة في المنطقة”.

تحوّل في التسلسل الهرمي

وجاء التسارع في الاستراتيجية الإيرانية الواضحة لمدّ الجسر في أعقاب تغيرات جذرية في الهيكلية الهرمية للميليشيات الشيعية في سوريا. فعندما دخلت ميليشيا “حزب الله” للمشاركة في المعارك بسوريا عام 2012 لجانب الأسد، اعتبرته طهران القوة الأكثر قدرة والأجدر ثقة على الأرض، ثم أتى غزو القصير ليرسّخ مكانته كاليد اليمنى لـ “الحرس الثوري” الإيراني في سوريا، بحسب معهد واشنطن.

ومعروف أن ميليشيا “حزب الله” عملت بشكل مباشرة تحت إمرة “الحرس الثوري” وعُهدت إليها مهمة قيادة جميع العمليات البرية وإدارة الميليشيات الشيعية الأخرى.

وفيما يبدو أنه تفضيل إيراني لميليشيا “حزب الله” على بقية المليشيات الأخرى، كان المقاتلون العراقيون والأفغان والباكستانيون الشيعة يقاتلون تحت إمرة “حزب الله”.

ووفقاً لما ذكره معهد “واشنطن” فإن “معركة  حلب قلبت الأمور رأساً على عقب. فحين بدأت ملامح الضعف تظهر على  حزب الله في تلك الجبهة وأخذ يتكبد خسائر أكبر من المتوقع، استدعت إيران الميليشيات العراقية لمساعدته”.

ونقل المعهد عن مقاتلين – كانوا في حلب – قولهم إن “عناصر منظمة بدر العراقية لم يكونوا مرتاحين من تلقي الأوامر من حزب الله”.

تقسيم الجبهات

وأمام هذا الوضع، قررت إيران “تغيير القيادة العملياتية في سوريا، حيث بقي حزب الله يسيطر على القصير وضواحي دمشق بينما وضعت منظمة بدر على رأس العمليات العسكرية في حلب وأصبحت تعمل مباشرةً تحت إمرة الحرس الثوري الإيراني”، بحسب معهد “واشنطن”.

وأضاف: “على الرغم من تغير طابع منظمة بدر في الآونة الأخيرة ودورها في السياسة العراقية، إلا أنها بقيت تحتفظ بعلاقات قوية جداً مع إيران. وكانت هذه المنظمة قد أنشئت في الأساس عام 1983 لاستيراد ثورة إيران الإسلامية إلى العراق،  ثم شنّت لاحقاً حرباً طائفية وحشية ضد السُنة بين عامَي 2004 و2006”.

التداعيات

ويخلص تقرير المعهد الأمريكي إلى الإشارة بأنه مع تواجد “منظمة بدر” على جهة من الحدود (شرق سوريا)،  و”حزب الله” على الجهة الأخرى (غرب)، من المحتمل أن تكون إيران في طور التخطيط لتوسيع الجسر البري إلى جنوب لبنان قريباً.

ونتيجة لنهج إيران القائم على تأجيج المقاتلين بالخطابات الطائفية، وتقديم الرواتب الثابتة لهم، تمكنت طهران من تجنيد العديد من المقاتلين الشيعة على مدار السنوات الأربع الماضية، ناهيك عن برامج التدريب التي توفرها القوات الإيرانية.

ويقول معهد “واشنطن”: “إذا نجحت إيران في هذه المساعي، فإن الدول الثلاث المتورطة في هذه الاستراتيجية قد تخسر ما تبقى من سيادتها. ومع ذلك، ثمة مشكلة أكثر إلحاحاً وهي  احتمال أن يؤدي تأجج الخطاب والنفوذ الشيعييْن – لا سيما لدى المتطرفين منهم – إلى تحفيز الخطاب الطائفي لتنظيم الدولة الإسلامية، والإسهام في تعبئة السكان السنة إلى جانبه وإلى جانب الجماعات المتطرفة الأخرى التي تتغذى من هذه المشاعر”.

ويعد تراجع الولايات المتحدة وتبدل أولوياتها في المنطقة التي باتت مصبوبة على مقاتلة “تنظيم الدولة” سبباً رئيسياً في تعاظم النفوذ الإيراني في سوريا والعراق، وتستغل طهران موقف واشنطن مما يجري في كلا البلدين، ولذلك يوصي معهد التقرير الأمريكي البيت الأبيض بضرورة “التفكير بتأن في النتائج المترتبة على تسليم هذه الأراضي إلى إيران”.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]