الطب الخاص في مناطق النظام يتحول إلى بورصة ربحية

28 تشرين الثاني (نوفمبر - نونبر)، 2016
5 minutes

تحوّل الطب الخاص في مناطق النظام إلى ما يشبه البورصة التي ترتفع دون أن تنخفض سوءًا في المشافي الخاصة التي تستقبل حالاتٍ إسعافية أو حتى في عيادات الأطباء الخاصة.
ترصد “صدى الشام” في هذا التقرير انتشار ظاهرة “السلفة” وهي مبلغ مادي يطلبه المشفى في الحالات الإسعافية ولا يتم علاج المريض دونه حتى لو توفي على أبواب المشفى، إضافةً إلى الارتفاع الكبير في خدمات الأطباء الخاصة بداية من “المعاينة” مرورًا بمراحل العلاج والعمليات الجراحية.

ادفع قبل أن تدخل
قبل أيامٍ انشغلت وسائل إعلام النظام ومواقع التواصل الاجتماعي بخبر رفض مشفى خاص في دمشق استقبال جريح مدني لأنه لم يدفع نصف مليون ليرة سورية سلفًا.
الشخص الذي أُسعِف إلى المشفى انتظر لأكثر من نصف ساعة على أبوابه، فيما أصرّت إدارة المشفى على عدم إدخاله وإخضاعه للعلاج، ما دفع بالمرافقين له الذين أسعفوه لنقله إلى مشفى “المواساة” في حي المزّة الدمشقي.
على غرار هذه الحالة أكد ثلاثة مواطنين التقتهم “صدى الشام” أن هذا الأمر بات متّبعًا في معظم المشافي الخاصة الموجودة في العاصمة دمشق، وخصوصًا في حالات الإسعاف، غير أن المبلغ يتفاوت بين مشفى وآخر.

وقال “سامر” وهو أحد سكان منطقة الدويلعة بدمشق لـ “صدى الشام”: “إنه أُجبر في المشفى على دفع سلفة قدرها 50 ألف ليرة قبل إدخال مصابٍ قام بإسعافه في الشارع دون أن يعرفه”.
ويضيف: “المُصاب لم يكن معه أي مرافق وكان مُغمى عليه تمامًا، وحاولنا مع إدارة المشفى لإدخاله فرفضوا ذلك دون أن يتأكدوا من قدرته على دفع تكاليف العلاج”، موضحًا أنه دفع المبلغ من جيبه حتى أدخلوا المريض إلى الإسعاف.
أما “هالة” فقد أصيب ابنها بحادث سيارة قبل نحو ثلاثة أسابيع، ما أدى لكسور ورضوض في جسمه، وتشير هالة في حديثها لـ “صدى الشام” إلى أنها أخبرت المشفى مرارًا بأنها والدته وأن لديها المال في المنزل، لكن قسم الاستقبال رفض إدخال الطفل إلى الإسعاف رغم خطورة حالته”، ما دفعها لنقله إلى مشفى آخر.

أسعار نارية
وفي وقتٍ ترتفع فيه أسعار كل شيء في سوريا، بات الطب واحدًا من هذه السلع، حيث ارتفعت تكلفة الرعاية الصحية لعشرات الأضعاف، وبحسب ما رصدت “صدى الشام” فإن تكلفة قطب الجرح بلغت 3 آلاف ليرة عن القطبة الواحدة، مع تعقيمها، في حين وصلت عملية الولادة الطبيعية إلى أكثر من 90 ألف ليرة في مشفى الشامي. وبلغت تكلفة إجراء عملية “قلب مفتوح” بما فيه من شرايين وصمّام للقلب ما يعادل نحو 800 ألف ليرة، بعد أن كانت تكلف 125 ألف ليرة، بينما بلغت تكلفة “الجبس” للأطراف المكسورة 60 ألف ليرة مع الصور الإشعاعية.
ويأتي هذا الارتفاع الكبير في وقتٍ تتدنّى فيه أجور المواطن السوري لتكون في أدنى حدودها، ولا سيما أنها تعتمد على الليرة السورية المتهاوية أمام الدولار، ما أضعف قدرة معظم السوريين في الحصول على العناية الصحية، حالها حال الطعام والشراب.

احتيال
الكثير من الصور الإشعاعية وغير الإشعاعية والتحاليل، بعضها ضروري والآخر لا ضرورة له إطلاقًا، خضعَ لها “أحمد” خلال زيارته إلى عيادة أحد الأطباء ليفحص رأسه الذي راح يؤلمه طوال الليل.
يقول أحمد لـ “صدى الشام”: “أجرى الطبيب صورًا إشعاعية للعمود الفقري وفحص أطرافي وأخذ تحليلًا للدم وصورًا للطبقي المحوري” مضيفًا أنه، إضافةً إلى التكاليف الباهظة لهذه الصور فإن معاينة الطبيب بلغت 7 آلاف ليرة.
وتراوحت أجور المعاينة بين 3 آلاف ليرة كحدٍ أدنى وبين 10 آلاف ليرة في بعض الأحيان، علمًا أن هذا الرقم يشمل فقط المعاينة دون العلاج.

غياب الرقابة
كل ذلك يحدث في وقتٍ يفترض فيه أن تتحرك وزارة الصحة التابعة لحكومة النظام لضبط المستشفيات وأسعارها وخدماتها، إذ من المفترض أن تجبر كل مشفى خاص أو رسمي على استقبال أي حالة إسعافية مجانًا خلال أول 24 ساعة، ومنع التهاون والاستهتار بالحالات الإسعافية، وذلك وفقًا للقوانين التي وضعها النظام، إضافة إلى “قَسَم أبقراط” الذي يقسم عليه جميع الأطباء قبل الشروع في مزاولة المهنة.
وكان موقع اقتصادي محلي قد نقل عن الوزارة قولها حول أجور المشافي بأنها محددة بالقرار التنظيمي رقم 79/ت تاريخ 15-12-2004 والمعمول به منذ 15/2/2005، ، مشيرةً إلى أنه من الصعب أن تعلن جميع المشافي الخاصة عن أسعار الخدمات الطبية وذلك لكثرتها.

[sociallocker] صدى الشام
[/sociallocker]