uFEFFتحالف بوتين الجديد

29 نوفمبر، 2016

أنس عيسى

يسجّل الكرملين انتصارات سياسيّة، من فرنسا إلى بلغاريا إلى ترامب.    

             

كان من المعتاد القول، منذ وقت ليس بالطويل، أنّه ليس لدى فلاديمير بوتين أصدقاء؛ فقد جعل منه غزوه لشبه جزيرة القوم، وتدخّله في شرقي أوكرانيا شخصًا غير مقبولٍ في الأوساط الرئيسة في أوروبّا وأميركا، أمّا آسيا فقد رأت القليل من القيمة في اقتصاد روسيا غير النامي.

تشهد هذه الأيّام سلسلة من النجاحات للقائد الروسي؛ فمن دون أن يضطر إلى التراجع عن أي شيء جوهري (أو عن أيّة أراضٍ) في أوكرانيا، هنالك محادثات متجدّدة عن رفع العقوبات التي تمّ فرضها في عام 2014. طالما كان بوتين شخصًا مشهورًا، ومصدرًا لدعم أحزاب اليمين المتطرّف الأوروبيّة، والتي تشهد، هي نفسها، سلسلةً من النجاحات أيضًا، وها هم مشجّعوه والذين يجاهرون بتأييدهم له من دون خجل، في الأحزاب السياسيّة التقليديّة يكسبون الانتخابات أو يتصدّرون قوائمها.

قد يتشكّل في الغرب، عمّا قريب، تشكّل سياسي بوتيني، وفي ما يلي شرح لكيفيّة ارتسامه:

 

فرنسا

أعطى إنهاء فرانسوا فييون المذهل للانتخابات التمهيديّة للمحافظين، يوم الأحد، في المركز الأوّل الأفضليّة لأكثر أصدقاء بوتين ودًّا، في الوصول إلى قصر الإليزيه في شهر حزيران/ يونيو. فقد كان رئيس الوزراء السابق قد وصف روسيا بـ “الشريك المصيري” لأوروبا، كما أنّه يريد رفع العقوبات عن روسيا بخصوص أوكرانيا، ووجّه اللوم إلى القوى الغربيّة لإثارتها روسيا بتوسيعها حلف الناتو إلى مقربة من حدودها. إضافةً إلى ما سبق، يريد فييون انضمام الدول الغربيّة إلى تحالف مع روسيا لقتال الدولة الإسلاميّة في سورية.

يتطلّع بوتين إلى إمكانيّة تحقيق انتصارٍ مزدوج في فرنسا؛ حيث تعد مارين لوبان، والتي تقول الاستطلاعات بأغلبيّة احتمال مرورها إلى الجولة الثانية (وعلى الأرجح أن تواجه فيها المرشّح المحافظ)، هي صديقة فرنسيّة أكثر ولاءً لروسيا من فييون؛ حيث كان حزبها “الجبهة الوطنيّة” قد قبل قرضًا بقيمة تسعة ملايين يورو من بنك مدعومٍ روسيًّا في عام 2014، كما أنّها نادت، مرارًا و تكرارًا، برفع العقوبات ضدّ روسيا.

إستونيا

ينحدر قائد حزب المركز الإستوني، يوري راتاس، والذي تمّ تكليفه بتشكيل الحكومة، من الحزب الذي يمتلك أحرّ المشاعر العلنيّة لروسيا، (لا يعدّ ذلك بالشيء الاعتيادي لبلد طالما عرف عنه الجفاء تجاه جاره الشرقي، ولوقت طويل من التاريخ، لغازيه). دائمًا ما جذب حزب المركز دعم ذوي أصحاب الأصل الروسي في إستونيا.

شدّد كادي سيمونن قائد الحزب في البرلمان الوطني، أنّ راتاس هو “إستوني وطنيّ جدًّا”، وأضاف قائلًا: “لن نغيّر سياسات إستونيا تجاه الاتّحاد الأوروبي أو حلف شمال الأطلسي”.

بلغاريا

فاز المرشّح المناصر لروسيا، رومين راديف، بالانتخابات الرئاسيّة البلغاريّة الأسبوع الماضي، فارضًا بذلك استقالة رئيس الوزراء بويكو بوريسوف، والذي ينتمي إلى وسط اليمين. يقول راديف، القائد السابق للقوّات الجويّة البلغاريّة، بأنّه يريد اصلاح العلاقات مع الكرملين، وإنهاء عقوبات الاتّحاد الأوروبي على روسيا.

مولدافيا

فاز قائد الحزب الاشتراكي، في وقت مبكّر من هذا الشهر، ووزير الاقتصاد السابق، والمناصر لروسيا إيغور دودون بالانتخابات الرئاسيّة المولدافية، بحصوله على نسبة 55 في المئة من الأصوات، ليهزم بذلك المرشح المناصر للاتّحاد الأوروبي. وقال دودون بعد الكشف عن نتيجة الاقتراع: “لقد اتّحد الناخبون وصوّتوا للصداقة مع روسيا، للحياد،” وأضاف بأنّه سيدفع في اتّجاه انتخابات برلمانيّة مبكّرة في عام 2017، ليجبر الحكومة الحاليّة، والتي تفضّل علاقات أقرب مع الاتّحاد الأوروبّي، على الخروج.

الولايات المتّحدة

كان الخط الوحيد المتّسق لسياسة دونالد ترامب الخارجيّة، خلال حملته الانتخابية، يتعلّق بتقديره لفلاديمير بوتين، فقد أثنى على “تحكّمه القوي جدًّا” بروسيا، ونادى بتحسين العلاقات “بطريقةٍ معاكسة لما هي عليه الآن” لكي تستطيع واشنطن وموسكو معًا  القضاء على الدولة الإسلاميّة في العراق والمشرق. كانت إدارة أوباما، والتي دفعت في اتّجاه فشل إعادة العلاقات مع موسكو، قد أشارت بإصبع الاتّهام إلى القراصنة الروس لتدخلهم في الانتخابات ونشرهم، عبر موقع ويكيليكس، رسائل الكترونيّة مقرصنة متعلّقة بحملة هيلاري كلينتون. الآن، وفي الوقت الذي يتوجه فيه دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، لا أحد يعرف كيفيّة تغير العلاقات مع الكريملين، و لكنّها قطعًا ستتغيّر.

هولندا

صوّت الهولنديون بـ “لا” في استفتاء شهر نيسان/ أبريل الماضي، والمتعلّق باتّفاق شراكة للاتحاد الأوروبي مع أوكرانيا، ورأى بعض المراقبين في هذه النتيجة دعمًا لبوتين، ولكنّها كانت، على الأرجح، نتيجة نمو شعور الشك تجاه الاتحاد الأوروبي في هولندا. لا تستفيد روسيا من اتفاق التجارة بين الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا، ولكنّها تستفيد، حقًّا، من الشعور المعادي للاتحاد الأوروبي، والذي بات يزعزع استقرار أوروبا، كما حاربت لمنع أوكرانيا من بناء علاقات وثيقة مع الاتحاد الأوروبي.

لا يتحدّث غريت ويلدرز -قائد حزب الحرية اليميني المتطرّف الذي يتصدّر استطلاعات الرأي في سباق الانتخابات البرلمانيّة في آذار/ مارس المقبل- في صالح بوتين، ولكنّه يُعدّ معاديًا شرسًا للاتحاد الأوروبي، وقد دعا إلى “نيكزيت” (خروج هولندا من الاتحاد الأوروبي).

لكن تداعيات غرق الطائرة الماليزية، رحلة رقم MH17، فوق أوكرانيا، تعقّد علاقات السياسيين الهولنديين جميعهم مع روسيا، حيث قالت النيابة العامّة الهولندية إنّ الصاروخ الذي أسقط الطائرة قد جُلِب إلى روسيا من أوكرانيا، الأمر الذي تنفيه موسكو بشدّة.

اليونان

لليونان و روسيا مصالح إقتصاديّة متبادلة في دول البلقان. كما يحاول رئيس الوزراء اليوناني، أليكسيس تسيبارس، أن يوطّد صلاته مع بوتين لطلب المساعدة المالية؛ حيث يريد أن يستفيد الاقتصاد اليوناني من استثمارات من خارج الاتحاد الأوروبي، كما أنّه قد أطلق على موسكو لقب “أهم حليف لليونان”. أمّا بوتين، والذي كان قد زار اليونان في عدّة مناسبات في محاولة لتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين، ولإرساء مشاريع الطاقة والنقل، فقد قال إنّ اليونان كانت “أهم شريك لروسيا في أوروبّا”.

لقد وقّع البلدان، في العام الماضي، على اتّفاق تجاري، قال بعدها تسيبارس إنّ اليونان، بوصفها بلدًا مستقلًّا، تملك كلّ الحق في أن تبحث عن تحالفاتها الاقتصاديّة في أي مكان تجد مصلحتها فيه.

المجر   

يفضّل فيكتور أوربان علاقات عمل وطيدة مع موسكو، وبخاصّة عندما يتعلّق الأمر بمجال الطاقة. وقد أعلنت المجر، في عام 2014، عن قرارها الشراكة مع روسيا لتطوير منشأة نوويّة بتمويل روسي. وقد وقعت المفوّضية الأوروبية، الأسبوع الماضي، تحت الضغط للسماح للمجر بتجنب متطلبات المناقصة العامّة، والسماح بمنح العقد البالغة قيمته عدة مليارات من اليوروهات، والمتعلّق بمشروع PAKS II، لشركة الطاقة النووية المملوكة من الحكومة الروسية.

قال أوربان إنّ المصلحة الوطنيّة تقتضي امتلاك علاقات جيدة مع بوتين، وأضاف: “من المستحيل أن نؤمّن، على نحو ملائم، مستقبل المجريين من دون الروس”.

اسم المقالة الأصلي The New Putin Coalition الكاتب سينثيا كرويت Cynthia Kroet- مكان النشر وتاريخه 21-11-2016 رابط المقالة http://www.worldaffairsjournal.org

/content/analysis-new-putin-coalition المترجم أنس عيسى

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]