"تغادر منزلك بدمشق فيستولي عليه ضباط الأسد".. بخطوتين فقط يسلب النظام المنازل الفارغة بالعاصمة


كرم منصور - خاص السورية نت

يجلس العقيد جمال الخضر 43 عاماً، وهو من قوات نظام بشار الأسد في شرفة "منزله" المطلة على جامع الكويتي وسط العاصمة السورية دمشق، مراقباً الناس، ومتفحصاً جيرانه الجدد.

جمال المعروف بالضابط أبو علي، أصبح منذ شهر نزيلاً جديداً في حارة الجامع الكويتي القريبة من ساحة الميسات - المعروف عنها ارتفاع أسعار المنازل القريبة منها-  بعدما استولى على منزل يعود إلى عائلة عقاد كان غادره أهله منذ عام 2012.

ويستولي ضباط النظام وميليشياته على منازل سكان دمشق بخطوتين، تعتمد الأولى على التأكد من أن المنزل فارغ لفترة ليست بقليلة، ثم دخول المنازل و"الاستيطان" فيها بحجة المهمة الأمنية، وهو ما أكده سكان لـ"السورية نت".

وبحسب روايات الجوار التي حصلنا عليها فإن عناصر ضباط النظام يقومون بمسح دوري للأبنية، ويطلبون الأوراق الثبوتية من سكان المنازل إضافة إلى عقود الآجار أو أوراق تثبت الملكية.

أم محمد إحدى قاطني الحي قالت لـ"السورية نت" أنه منذ حوالي عام ونصف و"قوات النظام كانت تأتي إلينا كل ثلاث أشهر مرة لتقوم بالمسح الأمني".

وتتابع حديثها: "لكن خلال الشهرين الماضيين قامت قوة من عناصر النظام إضافة إلى مختار الحي بفتح الباب بوجود نجار، وبعد فترة قليلة استوطن الضابط أبو علي البيت، دون معرفتنا ما حدث".

"السورية نت" تواصلت مع مالكي المنزل، ونفوا أنهم باعوا البيت أو أجروه، ليتبين أن الضابط أبو علي وضع يده على المنزل دون علم أصحابه وبطريقة غير شرعية.

عملية ممنهجة

استيلاء الضابط أبو علي على منزل عائلة عقاد لم يكن الأول الذي تقوم به قوات النظام، فهنالك العديد من المنازل التي يقطنها ضباط من قوات النظام، كانت لعوائل تقطن في العاصمة، وخرجت منها لأسباب أبرزها الملاحقة الأمنية.

وعلمت "السورية نت " من مصادر خاصة - طلبت عدم كشف هويتها حرصاً على سلامتها - أن هنالك تعميم أتى في شهر أبريل/ نيسان من عام 2014، على كل مخاتير أحياء دمشق وريفها، بضرورة إرسال تقرير شهري مفصل عن المنازل المشبوهة في الأحياء المتواجدين فيها، ويقصد بـ المشبوهة تلك التي يتواجد بها أشخاص مشكوك بولائهم للنظام، إضافة إلى إرسال قوائم بالبيوت الفارغة التي هجرها أهلها.

وبحسب التعميم يقصد بالبيوت الفارغة، التي هجرها أهلها بعلم مختار الحي وبناء على معلومات وصلته، أو إذا بقيت لمدة عام كامل دون إشغال تعتبر بحكم الفارغة.

وبحسب المصادر فإن هذه البيوت بعد متابعتها ومعرفة مالكيها، تقوم الأجهزة الأمنية في النظام بإعطائها إلى ضباطها، الذين يقطنونها هم وأسرهم، دون امتلاكها بشكل كامل، ودون وجود عقد إيجار ولكن تحت صفة مهمة أمنية ممنوحة من الجهاز العسكري والأمني التابع.

وسُجل اقتناء البيوت في عدد من المناطق بدمشق أهمها ركن الدين، بالقرب من ساحة الميسات المزة إضافة إلى بيوت في كل من حي الزاهرة والميدان.

ميليشيات الأسد

ولا يكون الاستيلاء على المنازل في دمشق قبل الضباط اعتباطياً، حيث يكون لضباط المخابرات الجوية ولضباط الحرس الجمهوري أفضلية عن باقي الأذرع الأمنية والعسكرية لدى النظام، في حين يحتل الضباط المنحدرين من الساحل السوري وتحديداً من ريفي القرداحة وجبلة أولوية في استملاك بيوت دمشق، فيما يحل بعدهم الضباط الأقل رتبة على ريف دمشق وتحديداً في كل من عقربا ودحاديل والحسينية.

أما عناصر ميليشيا "حزب الله" اللبناني فلديهم وجود في بيوت محددة في حي الأمين وفي محيط السفارة الإيرانية بالمزة، وهي أماكن تواجد الضباط القادة، أما العناصر المقاتلين يتوزعون في كل من جرمانا  السيدة زينب في ريف دمشق، وغالباً يكون هنالك احتياطات أمنية من حيث تحركاتهم ويلجؤون إلى استئجار البيوت بعقود نظامية وبأسماء أشخاص سوريين.

ودفعت سياسة النظام أصحاب المنازل في دمشق إلى اتخاذ إجراءات احترازية،  منها القيام بإسكان أقرباء لهم بيوتهم الفارغة، خوفاً من الاستيلاء عليه.

أم عدنان 42 عاماً من سكان دمشق ومدرسة في أحد مدارسها قالت لـ"السورية نت" : منذ عامين سافر ولدي القاطن في الطابق الذي يعلو بيتي، خارج البلاد خوفاً من الخدمة الإلزامية، عندها قمنا بإنزال أحد أقربائنا في المنزل الفارغ، خوفاً من استيلاء ضباط النظام عليه بحجة أن هنالك مهمة أمنية بذلك.

وتختم أم عدنان حديثها: القضم الذي يحدث للبيوت في دمشق من قبل قوات النظام، يشابه في كثير من الأحيان الإجراءات التي تقوم بها إسرائيل في القدس ضد سكان القدس الأصليين، في محاولة للتضييق عليهم وإجبارهم ترك بيوتهم".

وفي السياق ذاته، ذكرت العديد من المصادر المتقاطعة في أحياء العمارة وشارع بغداد أن جميع المستأجرين في تلك الأحياء بحاجة إلى موافقات أمنية تجدد شهرياً، من المفارز الأمنية المسؤولة عن تلك الأحياء، وصفها العديد منهم بأنها إجراءات تتبعها قوات النظام في محاولة للتضييق على السكان هناك.

ويبدو واضحاً أن عملية استيلاء نظام الأسد على منازل المدنيين، سلاح يستخدمه النظام ضد جميع معارضيه سواء كانوا سوريين أو غير ذلك، ومؤخراً تناقلت وسائل إعلام موالية أنباءً عن استيلاء النظام على منزل تعود ملكيته إلى رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في منطقة الروضة أفخم مناطق العاصمة دمشق، حيث سيتم نقل ملكيته إلى مديرية المصالح العقارية التابعة للنظام.

ويأتي استملاك قوات النظام للبيوت في العقارات تماشياً مع خطاب الأسد في يوليو/ تموز من العام الماضي الذي أعلن فيه أن "سوريا ليست ملكاً للذين يعيشون فيها، بل هي ملكاً للذين يقاتلون من أجلها"، في إشارة للجنود الذين يقاتلون في صفوف النظام.




المصدر