سباق كيري لوقف حصار حلب


أحمد عيشة

00

يستقل وزير الخارجية، جون كيري، طائرة للقوات الجوية الأميركية بعد محادثات في ليما، بيرو، هذا الشهر. (مارك رالستون/ وكالة فرانس برس، صور غيتي)

ينشغل وزير خارجيتنا، المنتهية ولايته والذي لا يعرف الكلل، جون كيري في مسعى دبلوماسي غاضب، وغير قابلٍ للتصديق لإبرام اتفاقٍ مع روسيا بقصد إنهاء حصار حلب، فهو يتحرك ليس نتيجةً فقط، لحجم الأزمة الإنسانية في تلك المدينة السورية، ولكن أيضًا خشية احتمال أنَّ الرئيس المقبل سيعقد اتفاقًا من نوعٍ مختلف مع موسكو، اتفاقًا يتخلى بموجبه عن المعارضة السورية، ويضع الولايات المتحدة علنًا إلى جانب الديكتاتور بشار الأسد.

لم تعلن وزارة الخارجية عن مهمة كيري الهادئة، في عقب الانهيار السريع لاتفاق وقف إطلاق النار، الذي عقد سابقًا بين الولايات المتحدة وروسيا، ولكن وراء الكواليس يقود كيري عمليةً تسعى لوقف حملة القصف الوحشية التي يقوم بها نظام الأسد وشركاؤه الروس، حيث يشنان هجومًا على شرق حلب، يستهدف المستشفيات، ويفرض حصارًا على ربع مليون جائعٍ من المدنيين.

وصف لي أربعة مسؤولين في الإدارة، الجهد المبذول هذا، بأنَّه تسديدةٌ بعيدة المدى في أحسن الأحوال، ولكنه أيضًا الفرصة الوحيدة لإقناع الحكومتين السورية والروسية بوقف القتل، وأضافوا: “إننا لا نزال نحاول جاهدين لدفع هذا الجهد”، كما قال أحد المسؤولين لي، “نحن لن نتراجع عن هذا، ونعتقد أننا في حاجةٍ إلى إعطائه فرصة.”

تتمثل هذه الاستراتيجية في حصر التركيز على المفاوضات المتعلقة بمدينة حلب فقط، ثم توسيع التنسيق ليشمل المملكة العربية السعودية وقطر وتركيا، وفي بعض الأحيان إيران. وستقتضي الصفقة اتفاقًا مع المعارضة السورية ينصّ على أن تنفصل عن الأعضاء المرتبطين مع القاعدة ـ جبهة فتح الشام، أو جيش الفتح السوري (وباسم جبهة النصرة)، حيث سيغادر مقاتلوها من شرق حلب، وفي المقابل فإن نظام الأسد وروسيا سينهيان الحصار ويسمحان للمساعدات بالتدفق.

كانت هناك اجتماعاتٌ عديدةٌ بين الدبلوماسيين الأمريكيين والروس في جنيف لمناقشة الصفقة، حيث كان كيري يجري محادثاتٍ ثنائية مع جميع اللاعبين، فتحدث مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف مرتين في الأسبوع، واجتمع معه هذا الشهر في ليما، عاصمة بيرو، والتقى مع الحلفاء لمناقشة الخطة هذا الشهر في أبو ظبي، الإمارات العربية المتحدة.

هناك بالفعل حواجز متعددة، لم تتمكن الولايات المتحدة وروسيا من أن يتفقا على عدد مقاتلي جبهة الفتح في حلب. أيضاً هناك خلافٌ حول ما إذا كان نظام الأسد هو الذي سيحدد من يحكم شرق حلب، إذا استمر وقف إطلاق النار. قال لي مسؤولٌ كبير في الإدارة، إنَّ روسيا تشتري الوقت اللازم، إما لتحقيق أهدافها عسكريًّا، أو لانتظار إدارة ترامب أن تأتي وتقدم شروطًا أفضل، وأضاف إن “الروس يحاولون إجبار المدينة على الاستسلام”. “يحتاجون فقط إلى ستين يومًا  آخرين. وسيحصلون عليها.”

ويقرّ المسؤولون أنَّ عدم تفويض البيت الأبيض لـ كيري المحبط بأن يمارس أيّ ضغطٍ ذي معنى يجبر الأسد أو روسيا، يضعه في موقفٍ تفاوضي ضعيف، وقال مسؤولون كان احتمال انتخاب هيلاري كلينتون يعطي كيري بعض النفوذ، لأنه كان من المتوقع منها أن تنتهج سياسة أكثر تشددًا تجاه سورية.

تلاشى هذا الأمل كاملًا عندما فاز دونالد ترامب بالانتخابات، فلماذا عندها ستعقد موسكو صفقة مع كيري، في الوقت الذي يمكن أن ينتظر فلاديمير بوتين لمدة شهرين، ويعقد حينها صفقةً مع ترامب، والذي وعد في حملته الانتخابية بالعمل مع روسيا؟ يبدو أن ترامب يتوافق مع بوتين على أن المعارضة السورية لا يمكن الوثوق بها وأن بقاء الأسد في السلطة أفضل من البديل.

ارتفعت المخاوف بشأن خطة ترامب حول سورية، عندما ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال في الاسبوع الماضي، أنَّ دونالد ترامب الابن اجتمع في تشرين الأول ـ أكتوبر في باريس مع عناصر من المعارضة السورية التي تحظى بتأييد كلٍ من الأسد وروسيا، وقال دونالد ترامب لصحيفة نيويورك تايمز الأسبوع الماضي إنَّ لديه “بعض الأفكار القوية جدًا بشأن سوريا”، كما كان قد تحدث مع بوتين مرتين منذ الانتخابات حول التعاون في الشرق الأوسط.

تسعى موسكو، وجزء من المعارضة السورية التي تدعمها، للحصول على اتفاق سلامٍ من شأنه تعزيز حكم الأسد في المستقبل المنظور، وتسمية بقية المعارضة بأنهم إرهابيون ليتم سحقهم، إلا أن الكثيرين في واشنطن، بما في ذلك النائب تولسي غابارد (ديمقراطيـ هاواي)، الذي التقى مع ترامب الأسبوع الماضي، قال إن الولايات المتحدة يجب أن تتوقف عن دعم المتمردين السوريين لإنهاء الحرب ووقف المعاناة.

إنها فرصةٌ مغرية، لكنها قائمةٌ على منطقٍ خاطئ، إذا عقد ترامب اتفاقًا مع روسيا والمعارضة الصديقة للأسد سيكون قادرًا على الادعاء بالنجاح حيث فشل كيري. لكنه سيكون انتصارًا باهظ الثمن في أحسن الأحوال، وستواصل بقية المعارضة القتال، وسيستمر ملايين السوريين في مقاومة الحكم الوحشي للأسد مطالبين بحقوقهم الأساسية.

والأسوأ من ذلك، هو أنّ الولايات المتحدة تكون قد وضعت نفسها إلى جانب أولئك الذين يرتكبون جرائم حربٍ وجرائم ضد الإنسانية، تنفّر معظم السوريين لجيلٍ، وترميهم في أحضان المتطرفين، كل ذلك من أجل سلامٍ زائف، لذلك، كيري محقٌ في العملِ على تجنب تلك الكارثة.

اسم المقالة الأصليInside Kerry’s race to stop the siege of Aleppo
الكاتبJosh Rogin، جوش روجين
مكان النشر وتاريخهواشنطن بوست، The Washington Post

28-11-2016

رابط المقالةhttps://www.washingtonpost.com/opinions/global-opinions/kerrys-race-to-stop-the-siege-of-aleppo/2016/11/27/b894d4d0-b33f-11e6-8616-52b15787add0_story.html?utm_term=.226c31d24fdd
المترجمأحمد عيشة



المصدر