جيوبوليس:هل يمهد التعاون بين روسيا وإيران لظهور تحالف جديد؟
7 كانون الأول (ديسمبر - دجنبر)، 2016
تحسنت العلاقات الروسية الإيرانية بعد رفع العقوبات الدولية على البلدين. وتتمحور طبيعة هذه العلاقات حول النفط، وبيع الأسلحة، فضلا عن الأزمة السورية مما يؤكد لنا إنشاء تحالف شيعي روسي.
ولا يخفى على أحد أن التدخل الروسي في الصراع السوري يهدف إلى الحفاظ على النظام الحالي حيث احتلت الطائرات الحربية سماء شرق مدينة حلب لاسترجاعها بالقوة. في المقابل، تقاتل إيران بميليشياتها الشيعية على الأرض خدمة لنفس الهدف الذي تطمح له روسيا وهو بقاء بشار الأسد في سدة الحكم. وتجدر الإشارة إلى أن أعداد القتلى الإيرانيين في سوريا، تجاوز 1000 قتيل وفقا لاعترافات متحدث عسكري إيراني.
وقد صرح الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما الذي علق على هذا التحالف قائلا؛ “إذا اتفقت كل من إيران وروسيا على قصف شرق مدينة حلب عن طريق حملة جوية وحشية دون الأخذ بعين الاعتبار وجود مدنيين داخلها، فلن تستطيع أية معارضة معتدلة، حتى وإن تلقت جملة من التدريبات، الدفاع عن أراضيها”.
ويبدو أن الوضع الراهن يخدم روسيا، بما أن الدول الغربية المتدخلة في الحرب السورية والأزمة العراقية تعاني بدورها من أزمات سياسية؛ على غرار المملكة المتحدة المنشغلة بانسحابها من الإتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة التي انشغلت هي الأخرى بالحديث عن فوز رئيس موال لروسيا، وفرنسا التي يطمح فيها مرشح يميني إلى بناء علاقات دبلوماسية أفضل مع موسكو وتغيير السياسة الفرنسية في سوريا.
من جهة أخرى، لا تعد سوريا فقط نقطة التشابه الوحيدة بين طهران وموسكو، بل هناك أيضا نقاط مشتركة تجمع بين البلدين في مجال الطاقة خاصة وأنهما يعتبران من كبار منتجي المحروقات في العالم، ويتفقان على إمكانية تخفيض إنتاج النفط بهدف إنعاش الأسعار من جديد.
وفي نفس السياق، أعلن كل من الرئيس الروسي، فلادمير بوتين ونظيره الإيراني، حسن روحاني يوم 28 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي دعمهما للتدابير التي اتخذتها منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) والمتمثلة أساسا في تخفيض إنتاج الذهب الأسود.
كما يجب أن نعلم جيدا أن المصالح المشتركة بين البلدين تجاوزت قطاع الطاقة لتدخل في مرحلة التقارب العسكري والاقتصادي وهذا ما أكده وزير الدفاع الإيراني الذي صرح أنه يمكن لروسيا أن تستغل القواعد العسكرية الإيرانية لتوجيه ضربات عسكرية في سوريا. وقد استعملت الطائرات الروسية، بالفعل، قاعدة إيرانية خلال شهر آب/أغسطس الماضي.
وأكدت طهران نيتها شراء طائرات حربية روسية من نوع سوخوي سو-30 بهدف تطوير أسلحة جيش الطيران. لكن لم يقع حاليا شراء الطائرات بصفة رسمية لأن هذه الصفقة يجب أولا أن تتحصل على اتفاق الأمم المتحدة.
وقد رفض وزير الدفاع الإيراني الأسبق الإفصاح عن حقيقة شراء بلاده لأسلحة من روسيا بقيمة 10 مليار دولار، لكنه لم ينكر شراء بلاده لصواريخ س-300 الروسية. ووفقا لأحد مواقع الإعلام الروسية، فإن موسكو استغلت العلاقات المتوترة بين إيران والولايات المتحدة لتكون المزود الرسمي لطهران بالأسلحة المتطورة والحديثة.
وضمن نطاق أوسع، قررت روسيا إنشاء محطات نووية في الأراضي الإيرانية. في المقابل، أكدت طهران على أن الاتفاق أصبح وشيكا لاقتنائها طائرات مدنية إما من موسكو أو من بعض الدول الأوروبية أو حتى من الولايات المتحدة.
في سياق آخر، تحدث الصحفي المختص في الشأن الروسي، بيار لوران، الذي علق على التقارب الروسي الشيعي قائلا؛ ” ليس بالأمر الغريب عندما نرى روسيا بوتين تتحالف مع نظام عقائدي شيعي، بما أن النظامين يقاتلان نفس العدو في الشرق الأوسط وهو الجماعات المتطرفة المسلحة التي تهدد نظام بشار الأسد في سوريا”.
أما بالنسبة للمختص في العلوم الجيوسياسية، جون سلفاستر مننغرونيي، فإن التحالف الروسي الإيراني مبني قبل كل شيء على مصالح مشتركة. وفي هذا السياق، قال إن “النظام الروسي يطمح إلى الحفاظ على دعمه الإستراتيجي للنظام العلوي في سوريا بهدف أن يصبح الساحل السوري المطل على البحر الأبيض المتوسط قاعدة حربية لروسيا في الشرق الأوسط. أما بالنسبة لإيران، فيعد النظام السوري حليفا عربيا مهما لطهران”.
من جهة أخرى، فإن العلاقات بين روسيا وإيران تتعدى كونها علاقات ثنائية حيث لا يعني تقارب روسيا من إيران ابتعادها عن دول أخرى في المنطقة خاصة الكيان الصهيوني. كذلك، وعلى الرغم من الصراع السوري والتدخل الإيراني، إلا أن موسكو لم تغلق الأبواب في وجه السعودية، القوة الإقليمية الأخرى وعاصمة المذهب السني.
وقد حافظت روسيا على علاقتها الودية مع تركيا ذات الأغلبية السنية على الرغم من توتر العلاقات بينهما مؤخرا وتحديدا بعد إسقاط طائرة حربية روسية من قبل الجيش التركي كانت تقوم بعمليات عسكرية في سوريا.
كما أكد الباحث السياسي في موقع “إيريس”، جون بيار مولني أن “الروس غالبا ما يميلون إلى الإيرانيين، أما الأمريكيون والأوروبيون فهم يفضلون السعودية. لكن ذلك لا يعني بالضرورة أن هذه العلاقات هي عبارة عن تحالفات كاملة، نظرا لأن الأمريكيين والأوروبيين يحظون بعلاقة دبلوماسية مع إيران كما هو الأمر بالنسبة للروس مع السعودية”.
هذه المادة مترجمة من صحيفة جيوبوليس لكاتبها بيار مانيان للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا
[sociallocker] [/sociallocker]