مراد يتكين يكتب: سياستنا تجاه سوريا على أعتاب حلب


مراد يتكين

ذكرت رئيسة وزراء ألمانيا ميركل يوم أمس بأنّ الوضع في حلب “عار على الغرب”، في الوقت الذي رفض فيه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، مقترح تنفيذ هدنة إنسانية لوقف إطلاق النار في حلب لأسبوع. وذلك عندما استخدمت روسيا والصين حق النقض الفيتو.

سبق ذلك إعلان الأسد عن رفضه وقف إطلاق النار، وذلك لعلمه المسبق بالدعم السياسي والعسكري اللامحدود له من قبل روسيا، وبأنّ روسيا والصين ستستخدمان الفيتو لإيقاف مشروع القرار. وجاءت تصريحات ميركل حول أنّ ما يجري “عار على الغرب” بعد رفض مجلس الأمن قرار تنفيذ الهدنة الإنسانية.

عندما وصفت ميركل قيام روسيا باستخدام الفيتو بأنه “وصمة عار”، كان رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أمام الكاميرات قبيل توجهه إلى روسيا لمقابلة رئيس الوزراء الروسي ديميتري ميدفيديف. وهنا لا يُمكننا القول بأنّ ألمانيا تتبع سياسة سليمة تجاه سوريا فيما فشلت تركيا في ذلك، لأنه لا يُمكن القول بأنّ سياسة تركيا تجاه سوريا فيها أخطاء كثيرة، بينما سياسة الدول الأخرى تجاه سوريا ممتازة ومثالية.

ربما أخطأت تركيا في تعاملها مع الشأن السوري في موضوع تعاملها مع الإخوان المسلمين والمجموعات المثيلة لها هناك، لأنها لم تستطع إدراك صعوبة التمييز بين هذه المجموعات وبين مجموعات القاعدة وداعش، وأنّ الأمور معقدة ومختلطة كثيرا.

لكن ماذا يجب أن نقول تجاه الموقف الأمريكي الذي بقي متفرجا كي لا يرسل عساكره إلى سوريا، مما مهد لروسيا لدخول سوريا؟ وماذا يجب أن نقول عن الدعم الأمريكي لمنظمة إرهابية مثل حزب العمال الكردستاني؟ وذراعه حزب الاتحاد الديمقراطي؟

وقد وصف كيري ما يجري قبل أيام من رحيله بقوله إنّ هناك حروبًا ستة تجري في سوريا في آن واحد، وأنّ تركيا طرف في ثلاثة منها. وأعتقد أنّ تركيا وبرغم أنها حليفة أمريكا في الناتو، إلا أنها تشكل مشكلة ومصدر ازعاج كبير لكيري أكثر من روسيا وإيران وحزب الله، وبالتأكيد أكثر من حزب العمال الكردستاني.

وفي نفس الوقت، يجتمع رئيس الأركان الأمريكي بنظيره التركي في قاعدة إنجيرليك لمناقشة “العمليات الأخيرة”، حيث يجري مناقشة حلب والباب ومنبج والرقة، ولا شك أنهم تناقشوا أيضا حول الموصل، وحزب العمال الكدرستاني والاتحاد الديمقراطي.

ما دامت التناقضات مستمرة في مواقف دول حلف شمال الأطلسي، فإنّ الكاسب الأكبر سيكون روسيا وإيران. واليوم هناك عشرات الآلاف من المقاتلين الإيرانيين والحرس الثوري في سوريا والعراق، بالإضافة لوجود ميليشيات حزب الله في سوريا، وميليشيات الحشد الشعبي في العراق، التي تخدم النظام الحاكم في بغداد ودمشق.

استطاعت روسيا العودة وزرع قواعدها في سوريا والمنطقة، بسبب أخطاء أمريكا والغرب. والحكومة التركية اليوم ترى بأنّ الاتفاق ممكن مع روسيا في حال عدم تعاون حلف الناتو لتحقيق هدف تركيا.

ما هدف تركيا؟ أصبح هدف وجود الأسد لفترة انتقالية لمدة 6 أشهر ثم تغيير النظام أمرًا من الماضي، وضاقت أهداف تركيا لتصل إلى حدود أنْ لا يكون حزب الاتحاد الديمقراطي مسيطرا على طول الحدود التركية، وأصبح هذا الهدف يشكل مسألة وجود بالنسبة لتركيا، ولا يهمها إنْ كان تحقيق هذا الهدف سيتم بالتعاون مع روسيا أو أمريكا، هذه تفاصيل لا تهم بالنسبة لأنقرة، الأهم بالنسبة لها هو تحقيق هذا الهدف.

هذا هو المشهد السياسي الحالي في الوقت الذي تُحاصر فيه حلب.

المصدر: ترك برس

مراد يتكين يكتب: سياستنا تجاه سوريا على أعتاب حلب على ميكروسيريا.
ميكروسيريا -


أخبار سوريا 
ميكرو سيريا