لماذا يلقي الأسد وميليشياته الأجنبية بثقلهم للسيطرة على حلب؟
8 كانون الأول (ديسمبر - دجنبر)، 2016
براء الحسن – خاص السورية نت
تواصل الميليشيات الأجنبية الطائفية الموالية لنظام الأسد تكثيف هجماتها على قوات المعارضة السورية والمدنيين المحاصرين داخل الأحياء الشرقية لمدينة حلب بمشاركة عناصر من قوات النظام.
ويبدو لافتاً تركيز الأسد وميليشياته المدعومة من إيران بشكل أساسي، على محافظة حلب شمال سوريا، إذ تعرضت لهجمات عسكرية شرسة ولم تهدأ فيها المعارك منذ سيطرة المعارضة على أول حي فيها قبل نحو 3 سنوات، ومع استمرار الحملة حتى اليوم، فإن التساؤل عن سبب اهتمام النظام والدول الداعمة له بحلب يزداد أهمية.
ويقول “يوسف نزار” القائد العسكري في “جيش الفتح” في تصريح لـ”السورية نت” أنّ السبب الرئيسي لحشد الميليشيات الطائفية ضد حلب، “أنهم يعتبرونها محافظة شيعية بعد أن حكمها الحمدانيون في القرن العاشر لذلك يسعون لإعادة السيطرة عليها”.
ويضيف: “حلب صمام أمان الثورة، بالرغم من تأخر لحاقها بالثورة نسبة لبقية المحافظات السورية حيث راهن نظام الأسد على ولائها له، ولكن بعد تحول الثورة إلى المسلحة سيطر الثوار على أحياء واسعة من المدينة ومعظم أريافها، وكان لها دور بإرسال المؤازرات إلى مدينة القصير بحمص قبيل سقوطها، وساهم مقاتلوها في تحرير مدينة الرقة في 2013، وكان لها نصيب كبير من المجازر بحق أهلها في السنوات الأربع الماضية”.
ويقاتل في حلب بشكل أساسي ميليشيات بصبغة طائفية من لبنان، والعراق، وأفغانستان، وجميعها مدعومة من إيران، وتتخذ الأخيرة من الخطاب والتجييش الديني وسيلة لحث الشباب في البلدان المذكورة فضلاً عن مقاتلين إيرانيين على الذهاب إلى سوريا، تحت ذريعة حماية “المراقد المقدسة والذود عنها”.
“أهمية اقتصادية”
ومن جانبه يذكر “أحمد معن” الناشط الإعلامي في حلب بأنّ الميليشيات الأجنبية ركزت حملتها على المحافظة، لما تتمتع به من مزايا اقتصادية، فهي تعد العاصمة الاقتصادية لسوريا، وثاني أكبر المحافظات السورية ويطلق عليها عاصمة الشمال، حيث تضم آلاف المعامل الصناعية، كما تعدّ مركزاً للمناطق الزراعية وخاصة القطن.
ويضيف قائلاً لـ”السورية نت”: “تدرك الميليشيات بأنّ حلب بوابة لدخولها محافظة إدلب التي تعتبر مركز الثوار، حيث عمل على إسقاطها منذ نهاية عام 2013 من خلال خطة محكمة استغرق إنجازها ثلاثة أعوام، تمكن من تحقيق معظم أهدافها، من خلال السيطرة على بلدة خناصر ومن ثم السفيرة، مروراً بتلة الشيخ يوسف والمدينة الصناعية واللواء 80، وصولاً إلى السجن المركزيّ”.
ويعتبر “معن” أن إحدى الأسباب الرئيسية التي ساعدت الميليشيات الأجنبية على تحقيق معظم أهدافها، هو ظهور تنظيم “الدولة الإسلامية” في بداية عام 2014، حيث ركز في حربه على القضاء على فصائل الثوار في حلب والتي كان أضخمها “لواء التوحيد” الذي كان له اليد الطولى في سيطرة الثوار على أجزاء واسعة من مدينة حلب وريفها بقيادة الشهيد عبد القادر الصالح ابن مدينة مارع.
كما يشير إلى أنّ بروز ميليشيا “وحدات الحماية الكردية” على الساحة كعدوّ للفصائل الثورية المقاتلة بعد أن اتخذت وضع الحياد خلال قتالها للنظام خلال السنوات الماضية، “ساهم في إضعاف الثوار وخاصة خلال حصار الميليشيات الأجنبية وقوات الأسد مدينة حلب، من خلال التنسيق غير المعلن معها؛ ما ساهم في حصار نحو 300 ألف مدنيّ داخل مدينة حلب”.
وختم “معن” تصريحه بالقول: “روسيا أعظم دولة في العالم قادت حصار حلب من خلال سياسة القتل والتدمير، وسط تواطؤ دوليّ، على مرأى ومسمع العالم تقصف الأحياء الآهلة بالسكان بعشرات الغارات الروسية ومئات الصواريخ وآلاف القذائف، ويسقط عشرات الشهداء في الأحياء المحاصرة، والجرحى يفرشون الأراضي، أو يرزحون بين الأنقاض ينتظرون الموت، وتقصف المشافي وتخرج عن العمل، وتُستَهدف فرق الدفاع المدنيّ والأفران ومحطات المياه. نعم بهذا تمكنت روسيا والدول الداعمة لها من التقدم في حلب”.
ما الذي حدث بحلب؟
يشرح “أبو حفص الحمصيّ” القائد العسكري في “جيش الفتح” جنوب مدينة حلب، تحركات النظام خلال الفترة الماضية في مسعاه لإحداث تقدم ميداني بالمحافظة الاقتصادية.
ويشير في تصريح لـ”السورية نت” أنّ “الميليشيات الأجنبية أصرّت على احتلال حلب خاصة خلال العام المنصرم، حيث بدأت بريف حلب الجنوبيّ وسيطرت على مساحات واسعة منه، لتقوم الميليشيات الطائفية بحملة ثانية على ريف حلب الشماليّ، وتمكنت من فك حصار الثوار عن بلدتي نبل والزهراء المواليتين وسيطرت على عدة قرىً محيطة بهما؛ ما مكنها من فصل الريف الشمالي إلى قسمين”.
ويضيف “الحمصيّ” أنّ الميليشيات الأجنبية سعت عقب “فك الحصار عن البلدتين إلى حصار مدينة حلب من خلال الضغط على المناطق المحيطة بطريق الكاستيلو، ابتداءاً من عام 2015 من خلال سيطرتها على حندرات وباشكوي قبل أن يوقف الثوار زحفها نحو رتيان وحردتنين”.
ولفت القيادي العسكري إلى أن تلك الميليشيات عاودت محاولاتها بعد نحو عام من خلال الضغط على المناطق المحيطة بطريق الكاستيللو الذي يعتبر المنفذ الوحيد لمقاتلي المعارضة نحو المناطق المحررة، حيث تمكنت من السيطرة على عدة نقاط محيطة بالطريق كمزارع الملاح والأسامات، قبل أن تكثف قصفها وتسيطر على المنفذ الوحيد للثوار غرب حلب في بداية شهر تموز من العام الحاليّ.
ويعتبر القيادي في “جيش الفتح” أن “ما مكن الميليشيات الأجنبية من تحقيق معظم أهدافها في حلب هو الاستراتيجية بعيدة المدى التي اتبعتها، من خلال التقدم البطيء، حيث يفتقر الثوار إلى هذا النوع من التخطيط “.
ومنذ 15 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، خسرت المعارضة قرابة 65 بالمئة من المناطق التي كانت قد سيطرت عليها، في شرق حلب والتي كانت تقدّر مساحتها بـ 45 كيلومتر مربع، وانحصرت حالياً ضمن مساحة تبلغ 16 كيلومتر مربع.
وتتعرض أحياء مدينة حلب الشرقية، منذ أسابيع، لقصف جوي وبري مكثف، من قبل قوات النظام السوري والمليشيات الموالية له، بغطاء روسي، بهدف السيطرة على مناطق المعارضة بعد 4 سنوات من فقدان النظام السيطرة عليها.
وأسفر القصف عن مقتل مئات وجرح آلاف المدنيين، فضلاً عن تدمير البنى التحتية والمستشفيات والمدارس في المدينة.
وانقسمت مدينة حلب عام 2012، إلى أحياء شرقية تحت سيطرة المعارضة، وأخرى غربية تحت سيطرة قوات النظام.
[sociallocker] [/sociallocker]