ثلاثية “عون” و”أعياد الميلاد” و”الخليج” تنعش الموسم السياحي بلبنان
9 كانون الأول (ديسمبر - دجنبر)، 2016
مع بداية ديسمبر/كانون الأول من كل عام، تتزين معظم الميادين والساحات العامة اللبنانية بالأضواء التي تأخد أشكالا مختلفة أبرزها مجسمات شجرة الميلاد، استعدادا للاحتفال بميلاد المسيح في 25 من ذات الشهر، ولإحياء ليلة رأس السنة الميلادية.
لكن تلك المظاهر الاحتفالية أخذت هذا العام طابعا مختلفا عن العامين السابقين، اللذين عاشت فيهما البلاد على وقع أزمة اقتصادية، نتجت عن أسباب عدة أبرزها الأوضاع السياسية المضطربة وعلى رأسها فترة الفراغ الرئاسي التي امتدت منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان في 25 أيار/مايو 2014، وحتى انتخاب الرئيس ميشال عون قبل أسابيع.
وعلاوة على حالة البهجة التي تصاحب استعدادات أعياد الميلاد هذا العام بلبنان الذي يضرب مسلميه ومسيحييه نموذجا للتعايش، فإنه صاحبها أيضا عدة معالم لازدهار نسبي بالقطاع السياحي في تلك الفترة، ما سيكون له تأثير كبير في إنعاش اقتصاد البلاد، بحسب مراقبين.
الازدهار السياحي النسبي الحادث في الموسم الحالي بلبنان، ربطه مراقبون، بعوامل ثلاث، أولها الاستقرار السياسي النوعي الناتج عن انتخاب عون رئيسا للبلاد في 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وتكليفه لسعد الحريري بتشكيل حكومة جديدة.
وثاني تلك العوامل، كانت الزيارات الخليجية الاخيرة للعاصمة بيروت، ما يشير إلى عودة تدريجية للعلاقات الخليجية اللبنانية إلى طبيعتها، بعد أجواء توتر، والثالث هو موسم أعياد الميلاد في حد ذاته، والذي يعتبر فرصة سنوية لجذب السياح في البلاد، غير أنه استفاد هذا العام من العاملين السابقين. وكما هو المعتاد سنويا، أضيئت شجرة عيد الميلاد، في أسواق بيروت، وسط العاصمة اللبنانية، مطلع الشهر الجاري، بمشاركة عشرات المواطنين، في انطلاقة موسم الأعياد ورأس السنة.
وارتدت العاصمة والمناطق اللبنانية حلّة الأعياد بالأضواء والأشجار المزيّنة بالألوان المبهجة، وأعلنت المحال التجارية والمطاعم عن خصومات في كافة فروعها. وبحسب مراسل “الأناضول”، بدا لافتاً عمل الآليات في محيط البرلمان اللبناني على إزالة الحواجز الإسمنتية المحيطة بمنطقة الوسط التجاري، وذلك تخفيفاً للإجراءات الأمنية، وتسهيلاً لحركة المواطنين والسياح في فترة الأعياد. وفي هذا السياق، كشف بيار الأشقر، رئيس اتحاد المؤسسات السياحية (غير حكومي) ونقيب الفنادق، عن ارتفاع حجوزات الفنادق هذه الفترة مقارنة بالعام الماضي، بفضل انتخاب عون رئيساً للبلاد، علاوة على الموسم السياحي. وقال للأناضول، إن الحجوزات في الفنادق تتراوح بين 80 و90 بالمائة هذه الفترة، لافتاً إلى أنّ مدة الإقامة المتزامنة مع ليلة رأس السنة لا تزال 7 أيام كحد أقصى، على خلاف الأعوام الماضية التي كانت تقارب الـ 15 يوماً مع السياح الخليجيين تحديداً، في إشارة إلى تقديم الفنادق تسهيلات سابقا لجذب السياح حيث كان الإقبال ضعيف. ولفت إلى أنّ غالبية الحجوزات من السياح وليس المغتربين، خصوصاً من سوريا، الأردن، العراق، وبعض اللبنانيين الذين ليس لديهم مكان إقامة في لبنان. وعبر “الأشقر”، عن أمله بتشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن، من أجل انطلاقة قوية على الصعيد السياحي، وهناك بوادر برفع التحذير الخليجي، ما قد يرفع نسبة الحجوزات في القريب العاجل.
وعقب الأزمة الأخيرة مع لبنان والتي ظهرت قبل أشهر، حذرت معظم دول الخليج مواطنيها من السفر إلى لبنان.
ونسبة إشغال الفنادق التي أعلنها الأشقر، تزيد بشكل كبير عن نفس الفترة أو الموسم من العام الماضي، حيث لم تتجاوز الـ56%، بحسب الإحصائيات المتاحة. بدوره، قال الخبير الاقتصادي باسل الخطيب، للأناضول، إنّ الأجواء إيجابية، فبعدما اعتبر عام 2010 فترة ذهبية للصعيد الاقتصادي في لبنان، حيث دخل مليوني و33 ألف سائح إلى البلاد، يلاحظ في العام الحالي ازدهاراً مماثلاً، إذ يتوقع أن يزيد عدد السياح عن مليون و550 ألف سائح، بفضل التداعيات الأخيرة، (ومنها انتخاب عون)، وذلك بفارق كبير عن العام الماضي. واعتبر الخطيب أنّ السائح الخليجي هو الأكثر إنفاقاً في لبنان، آملاً أنّ يساهم الاستقرار الأمني بزيادة في نسبة النمو وتحسين حركة الأسواق، لا سيما مع عودة الحفلات الفنية في مختلف المناطق اللبنانية مع موسم أعياد الميلاد.
وكانت السعودية أولى دول مجلس التعاون الخليجي التي أوفدت وزير الدولة لشؤون الخليج، ثامر السبهان، للقاء المسؤولين قُبيل انتخاب عون، ثم أوفدت مستشار الملك السعودي، أمير منطقة مكة، خالد الفيصل، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، الذي نقل دعوة للرئيس عون لزيارة المملكة. وأتت زيارة وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إلى لبنان الشهر الماضي أيضا، وما تلاها من تهاني خليجية لعون، استكمالاً لهذا المسار التصاعدي في عودة الدفء إلى العلاقات اللبنانية الخليجية، وكسر الجليد الخليجي الذي أحاط بالعلاقة مع بيروت، مؤخرا.
وشهدت علاقات لبنان ودول الخليج تأزمًا بعد أن اتخذت السعودية قرارًا في فبراير/شباط الماضي، بوقف المساعدات العسكرية للجيش اللبناني بسبب ما وصفته بـ”هيمنة حزب الله على الحياة السياسية في البلاد”، وما تلا ذلك من إجراءات مثل تصنيف الحزب من قبل مجلس التعاون بأنه “منظمة إرهابية”، قبل أن يتم تلطيف الأجواء مؤخرا. وساهم كشف الجيش اللبناني، بالأشهر الماضية، لعدد كبير من العمليات الأمنية قبل وقوعها، في تعزيز نوع من الاستقرار الأمني النسبي في البلاد، في ظل الحرب الدموية التي تشهدها سوريا والأوضاع الأمنية المتفجرة في المنطقة. ويعوّل خبراء اقتصاديون على انتعاش الوضع الاقتصادي والسياحي بشكل خاص في الفترة المقبلة، بفعل الأجواء الإيجابية التي انعكست في البلاد.
[sociallocker] صدى الشام[/sociallocker]