"إنها فرصتكم الأخيرة لتنقذونا"


بعثت فرق الدفاع المدني برسالة تناشد العالم للمساعدة في وقف قصف حلب والسماح بإجلاء مواطنيها المدنيين.

وجاء في تقرير نشرته صحيفة "التلغراف" البريطانية أن  أحد عناصر الدفاع المدني في المناطق الشرقية المُحَاصَرة في مدينة حلب اسمه إبراهيم أبو ليث قال: لقد سمعت صرخات النساء والأطفال من تحت أنقاض منازلهم بالأرض، ولكن لا يمكن لأحد الوصول إليهم.

وقالت الصحيفة: إن شهادة عنصر الدفاع المدني كشفت فظائع كبيرة؛ إذ قال أبو ليث: "لم يعد هناك أي سيارات إسعاف ولا مستشفيات أو مسعفين يعملون لعلاج الجرحى".

وفي وصف مريع قال أبو ليث: "نحن نسمع أنين العالقين المصابين، ولكن لا يمكننا إنقاذهم بسبب القصف العنيف المستمر "إن جثث القتلى تملأ الشوارع".

وذكر التقرير أن الأمم المتحدة اليوم وصفت الأحوال في حلب  بـ"الانهيار الكامل للإنسانية".

كما أوضحت الصحيفة أن أحد الجيوب الصغيرة المتبقية شرقي حلب تلك التي تحوي بضعة آلاف من السكان المدنيين هي فقط ما تبقى من المدينة يسيطر عليها فصائل المقاومة السورية.

وكانت قد ذكرت (اليونيسيف) أن ما لا يقل عن 100 طفل، منفصلين عن ذويهم، محاصرون في مبنى تعرض لإطلاق نار كثيف. فمثل هذه التجمعات لا يمكنها التحرك والانتقال من شارع إلى شارع ضمن ميل مربع واحد لتجنب الاعتقال أو القتل من قِبل الجيش المتقدم.

ومن بين المُحَاصَرين بانة العبد التي تبلغ من العمر سبع سنوات وعائلتها. ونقلت الصحيفة تغريدات بانة التي تقول فيها: "اسمي بانة العبد، عمري 7 سنوات"، كما أظهرت تغريدات بانة بعد ظهر اليوم الثلاثاء قولها: "أتحدث إلى العالم الآن من شرق حلب. هذه هي لحظات حياتي الأخيرة".

وأورد التقرير مخاوف أم بانة إذا ما استسلمت المناطق المُحَاصَرة من أن يتم اعتقالهم وتعذيبهم، أو ما هو أسوأ من ذلك!

وتقول الصحيفة: إن أسوأ ما يخشاه الناس المُحَاصَرون هو هجمات انتقامية لتصبح حقيقة وواقع. وذكرت الأمم المتحدة أن أكثر من 80 مدنيًّا قُتلوا على يد القوات الموالية للحكومة خلال الـ48 ساعة الماضية.

وقال روبرت كولفيل المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: إن القوات السورية والميليشيات العراقية المتحالفة معها دخلت المنازل بعد إعادة السيطرة عليها وأعدمت السكان "على الفور".

وأضاف: أن "التقارير تحدثت عن الكثير من الناس الذين تم إطلاق النار عليهم في الشارع وهم يحاولون الفرار، وأطلقوا النار على منازلهم أيضًا". وقال: "ونحذر بشدة بشأن مصير أولئك الذين ما زالوا في هذه الزاوية الجهنمية المتبقية في المدينة".

فقد قُتل نحو 11 امرأة و13 طفلًا قُتلوا في أربعة أحياء مختلفة. وتم إعدام عائلة واحدة مؤلفة من ثمانية  أفراد في منزلهم في حي بستان القصر بعد رفضهم مغادرة المدينة.

وعرض التقرير حقائق صادمة تفيد بأن مئات من الرجال والفتيان تم فقدانهم أيضًا بعد عبورهم من شرق حلب إلى الجانب الذي تسيطر عليه الحكومة غرب المدينة.

وأخبر صحيفة "التلغراف" شقيق أحد الأفراد أن أخاه، وهو يعمل في منظمات غير حكومية الأسبوع الماضي، تم اقتياده من قِبل عناصر المخابرات بعد أن تم فحص اسمه على قائمة.

ثم إن من توجهوا إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة غابت أخبارهم وهواتفهم النقالة لم تعد تجب ولم يعد يصلهم رسائل لجوالاتهم حتى.

وقالت الصحيفة: إن الأمل في أن يكون مَن انتقل من مناطق سيطرة المقاومة السورية إلى مناطق قوات الأسد آمنًا في مناطق النظام، ولكن الكثيرين أعربوا عن مخاوفهم حول اختفائهم لأنهم سيعاقبون لثورتهم التي خرجوا بها.

وقال السيد كولفيل: إن هناك مخاوف متزايدة تجعل من الضروري وجود مراقبة دولية لمصير أولئك الذين انتقلوا خوفًا من مصير سيئ يتمثل بالإعدام أو الاعتقال والتعذيب.

ويذكر التقرير أنه قد فشلت الجهود الدبلوماسية لإنهاء الصراع مرارًا وتكرارًا، ومحادثات في مطلع الأسبوع بين روسيا والولايات المتحدة لوقف إطلاق النار وصلت إلى طريق مسدود لإجلاء المدنيين.

كما أن موسكو رفضت فكرة فتح ممرات إنسانية حتى استسلام جميع المقاتلين الباقين، ولكن قالت جماعات تدعمها الولايات المتحدة: إنهم سيقاتلون حتى "آخر قطرة دم".

وقد دفعت قوات الأسد والميليشيا المساندة لهم بتعزيزات لاستعادة السيطرة على كامل المدينة الثانية في سوريا من حيث الأهمية منذ منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وقتلت المئات في القصف منذ بدء الهجوم؛ حيث قام العديد من السكان بنشر رسائل وداع في الأيام الأخيرة قائلين: إنه من المتوقع عدم بقائهم على قيد الحياة لرؤية ما هو قادم.

إنه منذ فترة طويلة يتوسل لحكومات أجنبية للتدخل، متهمًا حلفاءهم بالتخلي عن مصيرهم.

وقال الناشط منذر فاتكي: "في المجازر الأخرى وغيرها من الحروب، مثل سربرنيتشا، فإنه من الممكن أن يدعي العالم أنهم لم يعرفوا شيئًا عنها، لكن لا يمكن لأحد أن يدعي ذلك هنا. لقد وثقنا كل جريمة حرب، كل هجوم كيماوي. كان هذا يحدث حقيقة أمام أعين العالم". وأضاف فاتكي:  "لكنهم لا يزالون صامتين ولا يفعلون شيئًا".

فلقد تم تخفيض مطالبات الولايات المتحدة، التي أمضت السنوات الخمس الأخيرة تدعو فيها إلى الإطاحة بالأسد، فقامت بخفض طلبها إلى التفاوض مع روسيا بشأن كيفية إخلاء ما تبقى من المدنيين من أراضي المعارضة.

ورأى محلل شؤون الشرق الأوسط، بيتر أبس، أن نهج الغرب فاتر إلى حرب أهلية في سوريا -تقديم الدعم لقوات المتمردين، ولكن لا يكفي للتغلب على الحكومة أو حلفائها الروس- كان "بالنسبة للحرب الدائرة التي  لا هوادة فيها".  وأضاف: "ربما يتعين على الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أن تتقاسما المسؤولية الجنائية عن الرعب الذي سببتاه للسوريين".