بوتين دفن أرشيف مخابرات بشار الأسد…فسُمِحَ له بإسقاط سوريا السنيّة؟!


محمد سلام

لا وضع من دون ألم، ولا إستقبال للحياة من دون بكاء. الأم تتألم عندما تضع (تلد) والمولود يبكي لحظة إستقباله الحياة. إذا ما تألمت الأم لا تضع، وإذا لم يبك المولود لحظة ولادته يكون ميتاً.

أُمّنا حلب وضعت ثم ماتت. قتلها الإستعمار الفارسي-الروسي وعميله العلوي-الشيعي. مولودها المسلم السني بكى. حي هو وسيقاتل الإستعمار الذي قتل أمه وعملاء الإستعمار، كما قاتل أجداده الإستعمار الذي قتل أمهم.

ستقاتل الشعوب الإستعمار الروسي-الفارسي وعملائه الذين غطوا طعنات سكاكينه وصواريخه، كما قاتل الأجداد الإستعمار الفرنسي في سوريا ولبنان، وكما قاتل الأجداد الإستعمار البريطاني في العراق وفلسطين ومصر، وكما قاتل الأجداد الإستعمار الإيطالي في شمالي أفريقيا.

قاتل الأجداد باسم عروبة ليكتشفوا لاحقاً أنها مجرد عقيدة وظيفية عنصرية لقّحنا بها سفاحاً لورانس البريطاني ومهمتها الوحيدة هي منع وحدة السنّة. لذلك إضطهدت العروبة الأكراد السنّة، والتركمان السنّة، وكل ما هو سني بدءاً بكل عربي تجرأ وقال أنا سني.

أشراف حلب منهم من استشهد دفاعاً عن هوية وعقيدة، ومنهم من هاجر كما هاجر المسلمون الأوائل من مكة الشرك ومنهم من صمد تمسكاً بدين وأرض وهوية، ومنهم من سأل الله تسهيل موته. أشراف حلب سيعودون لفتحها كما فتح المسلمون بقيادة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم مكة.

حلب تطهرت من إثم إرتكبه تجارها سنة 1970 عندما بايعوا العلوي حافظ الأسد رئيساً، ودمشق ستتطهر من إثم مماثل إرتكبه “دكنجية” أسواقها أيضاً في العام 1970 عندما والوا العلوي تحت عنوان مزعوم هو “الإستقرار والإزدهار”.

لم يكن بإستطاعة الأقلية العلوية حكم سوريا لو لم يبايعها تجار المصلحة السنّة الذين يعبدون رقماً ولا يبصرون حقاً، بل يقبضون ثمناً.

الأم تألمت ووضعت في حلب. ومولودها بكى وهاجر وسيعود ليُبكي من قتل أمه، كما عاد المسلمون الأوائل وحرروا مكة.

أما أحفاد العروبة البائدة فهؤلاء سيسارعون إلى التلحّف بهوية سنية تقي دولهم شرور الإستعمار الروسي-الفارسي وعملائه في الداخل. العروبة لم تعد عكازاً يكفي لدعم هياكل الأنظمة.

آلام حلب أسقطت الأقنعة، وكشفت عورات العملاء حتى للضرير الأعمى. ما إرتكبه العدو الروسي-الفارسي في حلب يفوق مجمل ما إرتكبه العدو الصهيوني في كل تاريخه. الذين إستشهدوا أو صمدوا أو هاجروا هم الأشراف، والذين إحتلوا حلب هم عملاء العدو، مهما تعددت أسماؤهم ومهما إرتدوا على وجوههم من واقيات ذكرية.

السنّة، عموماً، مقصّرون في تضامنهم مع أشراف حلب. لا لعلة فيهم، بل لأن أنظمتهم تمنع عليهم أي شكل من أشكال التضامن خارج الدعاء في الجوامع. وحتى الدعاء لا تسمح به كل “السلطات” الدينية “السنية”.

ولأهلنا السوريين السنّة أقول: قلة التدبير أوصلتكم إلى هذا المصير. إشرحوا للناس، بالله عليكم إشرحوا للناس، كيف كنتم ستنتصرون فيما تقاتلون ضمن 97 فصيلاً (سبعة وتسعين) في حلب وحدها؟؟؟ تقاتلون بقيادة 97 أميراً أو قائداً أو مجاهداً أو مناضلاً أو تاجر جهاد ومسوّق نضال؟؟؟ وتعتقدون بأنكم ستنتصرون؟؟؟

أُمُّنا حلب، إضافة إلى أنها أمنا التي ولدت إبننا، هي أيضاً عبرة لمن يريد أن يعتبر.

الترك والعرب والمجتمع “الدولي” كلهم ضحوا بحلب كي “تبقى سوريا موحدة”!!! ولم يقولوا لنا تحت أي حكم ستبقى سوريا موحدة؟؟؟

ولم يقولوا لنا من سيحافظ على سرية أرشيف مخابرات الأسد في “سورياهم الموحدة”!!!

هل ضحوا بحلب كي تبقى “سوريا موحدة” أم ضحوا بكل سوريا كي يبقى أرشيف مخابرات الأسد محمياً وكي لا يقع في أيدي من ينشر مضامينه ويفضح عورات كل من تعاون معه لعقود وعقود في إضطهاد الشعوب؟؟؟

كم نظام سيتدحرج، ليس في سوريا فقط بل ما بعد بعد بعد بعد حدود سوريا أيضاً، إذا نُشِر مضمون أرشيف مخابرات الأسد؟؟؟

المخابرات الأميركية هي التي تولت مهمة “دفن” أرشيف مخابرات صدام حسين في الأقبية السرية لذلك “سُمِحَ” لها عربياً ودولياً بغزو العراق، فهل أوكلت مهمة دفن أرشيف مخابرات الأسد لبوتين؟؟؟

الأسد لا يختصر المشكلة وإبعاده لا يختصر الحل. المعضلة كانت مصير أرشيف مخابرات الأسد، ومن يتعهد بدفن هذا الأرشيف يعطى الإذن بالسيطرة على “سورياهم الموحدة”. مصير الأسد يملكه من يحمل مفتاح قبو أرشيف مخابرات الأسد. سيفاوض عليه، وبقدر ما يقبض ثمناً له، يحدد مصيره: يعدمه، يقتله، يرحّله، يحنّطه، يهدد بإبقائه، يبتز مقايضات لقاء رأسه؟؟؟ مصير شخص الأسد مفتوح على كل الإحتمالات فيما مصير أرشيف مخابراته محسوم: يبقى سرياً كي يجرح ولا يخرج كي لا يفضح. هو سلاح ذو حدين.

لا لأي وحدة تحت حكم الإستعمار وعملائه، ليس في سوريا فقط، بل في أي مكان. لا لأية وحدة تحت سطوة الإستعمار الروسي-الفارسي وعملائه. حتى الأقصى، أولى القبلتين وثالث الحرمين وأحد محطتي الإسراء والمعراج الذي أكرم الله سبحانه وتعالى رسوله به، لا نريده إذا كان سيوضع تحت مظلة الإستعمار الفارسي-الروسي.

حلِمنا بالصلاة في الأقصى وراء الملك فيصل رحمه الله. قتلوه لأنه كان يطمح إلى الصلاة في الأقصى. وما زلنا نأمل بالصلاة في الأقصى وراء إمام مسلم سني، لا وراء مستعمر فارسي-روسي.

حلب أُمُّنا. حلب عِبرتُنا. حلب مدرَسَتُنا. حلب مُستقبلنا. حلب وجودنا. حلب أم أمتنا التي ستنتقم من الإستعمار والأسرار وعملائه العلمانيين من عرب وروس وفرس. كلهم. كلهم. كلهم.

“لبنان 360”