لتجاوز الفيتو الروسي.. خبراء يقترحون آليات أممية لإدانة جرائم الأسد خارج مجلس الأمن
19 كانون الأول (ديسمبر - دجنبر)، 2016
[ad_1]
دعا محللون سياسيون وخبراء في القانون الدولي إلى التوجه للجمعية العامة للأمم المتحدة لاستصدار قرارات باتهام نظام بشار الأسد بارتكاب جرائم حرب في سوريا، والتوصية بإنشاء محكمة جرائم حرب دولية.
تأتي تلك الدعوات في محاولة للبحث عن آليات أممية لإدانة جرائم الأسد خارج مجلس الأمن الدولي، الذي تتصدى فيه روسيا والصين بـ”الفيتو” لأي إمكانية لتمرير قرار على هذا النحو كما حدث في عام 2014 عندما أعاق البلدان مشروع قرار كان ينص على إحالة جرائم الحرب في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وفي هذا السياق، اقترح الدكتور خالد محمد باطرفي، الأكاديمي والمحلل السياسي السعودي، في تصريحات للأناضول: “إنشاء محكمة خاصة لجرائم الحرب في سوريا عبر اللجوء إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة، لتجنب الفيتو الروسي المرتقب لإنشاء تلك المحكمة في حال اللجوء إلى مجلس الأمن”.
وبين أنه “إذا طالب ثلثي أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة بذلك؛ فسيتم إنشاء المحكمة بشرط أن يكون هناك من الدول العظمى من يرغب بالتنفيذ، فمثلا عندنا قرار 2216 الخاص باليمن قرار ملزم ولم يتم تنفيذه إلا من دول الخليج، المسألة تتعلق بالتنفيذ وليس فقط باتخاذ القرار، ولكن لنبدأ بإصدار قرار بشأن المحكمة، ولنرى كم من الدول التي تصرخ وتدين سيكون جاد في إنشاء تلك المحكمة”.
رأي مخالف
وفي المقابل، استبعد الدكتور ياسر الخلايلة، أستاذ القانون الدولي بكلية القانون في جامعة قطر، في حديث للأناضول، إمكانية تحقيق هذا الأمر، مشيرا إلى أن “المحاكم الجنائية الدولية تصدر بقرار من مجلس الأمن وليس من الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث أنه ليس لها سلطة تشكيل محاكم جنائية دولية”.
وأوضح الخلايلة، أن “تحريك القضايا الجنائية الدولية يكون عبر 3 طريق؛ إما عن طريق المحكمة الجنائية الدولية ضد دول أعضاء بها ارتكب بها تلك الجرائم، أو عبر المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، أو بقرار من مجلس الأمن بإنشاء محكمة خاصة تنظر في جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية ارتكبت في دولة ما”.
بدوره اتفق الخبير القانوني السعودي ماجد قاروب، مع الخلايلة، وقال للأناضول، عن إنشاء محكمة لجرائم الحرب في سوريا: “الأمر يظل من الأمنيات، لأن طريق ذلك عبر مجلس الأمن، وهو ما سيصطدم بأكبر انتهاك لحقوق الانسان المتمثل في حق النقض الفيتو، الذي تستخدمه 5 دول عظمى في وأد كل ما يتعلق بسيادة القانون الدولي، إذا كان هناك مساس بمصالحها السياسية العليا، وروسيا والصين لن يُمررا القانون”.
وفي هذا الصدد، لفت الخلايلة، إلى أنه يمكن اللجوء للجمعية العامة للتوصية بإنشاء المحكمة، أو إصدار قرار اتهام، مثلما حدث في الحالة الكورية في خمسينيات القرن الماضي (حيث جاء في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1951 اتهام الصين بأنها دولة معتدية على كوريا).
كما بين الخلايلة، أنه “يمكن التوجه للجمعية العامة للأمم المتحدة أيضا لاستصدار قرار اتهامي لدول أو أشخاص بارتكاب جرائم، تحت إطار قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 377، والمسمى أيضًا قرار الاتحاد من أجل السلام، والذي ينص على أنه: إذا عجز مجلس الأمن عن التصرف، نتيجة لتصويت أحد أعضائه الدائمين تصويتا سلبيا، يجوز للجمعية العامة عندئذ التصرف. ويحدث ذلك في الحالة التي يبدو فيها أن هناك تهديدا للسلام، أو خرق له أو عمل عدواني. ويمكن للجمعية العامة أن تنظر في الأمر بهدف رفع توصيات إلى الأعضاء لاتخاذ تدابير جماعية لصون السلم والأمن الدوليين أو استعادتهما”.
وأوضح أنه “يمكن استصدار قرار تجريم تحت هذا البند، ويكون هناك إدانة لأي أعمال ضد الإنسانية ولكن هذا لن يكون على شكل محكمة، هو قرار له وزنه الخاص، له تبعاته السياسية والقانونية، وفي حال تم استصدر قرار بتشكيل محكمة في المستقبل، سيؤخذ هذا القرار في الاعتبار”. وبين أن هذا القرار قد يكون رمزي ولكن سيكون له دلالة وتأثير مباشر.
بدوره قال قاروب، إن “هذه الدعوة يجب أن يتبناها العالم بما تبقى له من ضمير وإنسانية أصبحت محل اختبار حقيقي للحكومات والمنظمات الدولية أمام شعوب العالم التي تقف مذهولة أمام هذا الخذلان والهون وتغليب المصالح السياسية على أرواح وحرية البشر بشكل عام وسويا على وجه التحديد.”
تحرك إسلامي
بدوره، اقترح باطرفي، أن “تتحرك الدول الإسلامية بالتنسيق مع دول عدم الانحياز لاتخاذ خطوات في هذا الصدد، وقال :”هناك 57 دولة إسلامية وعدد مماثل من الأصدقاء في دول عدم الانحياز، يمكنهم التحرك لاستصدار قرار بهذا الصدد”.
وقال باطرفي :”نحن نسعى لتجريم روسيا وإحراجها إلى درجة تضطرها لسلوك مغاير خاصة إذا وافق الضغط السياسي ضغط اقتصادي بمزيد من العقوبات الاقتصادية التي يلوح بها حاليا، ولعلنا نشارك في الضغوط الأوروبية الاقتصادية، بحيث تضطر روسيا وهي دولة براغماتية للتراجع والضغط على حلفائها للوصول إلى حل سلمي والقبول بما تم الاتفاق عليه في جنيف 1″.
كما دعا إلى حملة لمقاطعة إيران، لمحاصرة موسكو وطهران (الداعمين لنظام الأسد) سياسيا واقتصاديا لدرجة تجعلهم يغيرون مواقفهم.
من جانبه، أشار إبراهيم يسري، المدير الأسبق لإدارة القانون الدولي والمعاهدات الدولية بوزارة الخارجية المصرية، للأناضول، إلى أن “هناك سابقتين تاريخيتين تعززان الدعوة لإنشاء محكمة لجرائم الحرب في سوريا؛ إذ سبق لمجلس الأمن أن شكل محكمة خاصة للنظر في جرائم الحرب في يوغسلافيا السابقة (1993)، ثم محكمة أخرى للنظر في جرائم الإبادة برواندا (1994)، غير أن إنشاء المحكمة الجنائية الدولية في 2002، يحد كثيرا من فرص تكرار هذين المثالين”.
وتابع: “لا أتصور تشكيل محكمة خاصة بجرائم الحرب في سوريا، وإن حدث فسيكون باتفاق مع موسكو، يُستثنى في إطاره المسؤولون الروس المتورطون في هذه الجرائم من الملاحقة، وهذا سيمثل خللا قانونيا فجا.. ففي حال تشكلت مثل هذه المحكمة، فإن آليات عملها ونطاق اختصاصها وتشكيلها، سيتحدد بقرار إنشائها الذي يصدر حصريا من مجلس الأمن”.
من جهته، قال الخبير في شؤون المحكمة الجنائية الدولية، الأكاديمي الليبي عبد المنعم الزايدي: “لا يمكن أن تكون هناك محكمة مختلطة (تضم قضاة من البلد وآخرين دوليين)، على غرار محاكمة الحريري؛ فهذا مرهون بطلب من الحكومة السورية”، في إشارة إلى المحكمة الدولية التي تشكلت بقرار أممي لمحاكمة المتهمين بقتل 22 شخصا، بينهم رئيس الوزراء اللبناني، رفيق الحريري، في 14 فبراير/ شباط 2005.
الزايدي، أوضح أن “جرائم الحرب في سوريا تقع ضمن اختصاصات المحكمة، سواء لطبيعتها أو لعدم قدرة القضاء السوري على إجراء محاكمات عادلة بشأنها”.
الزايدي نوه إلى أن “المحكمة الجنائية الدولية لا تستطيع التصدي لأي من هذه الجرائم إلا في ثلاث حالات حددها نظامها الأساسي، وهي إذا كان المتهم بارتكاب الجرم مواطنا لإحدى الدول الأعضاء (مع قبول هذه الدولة بمحاكمته)، وإذا وقع الجرم المزعوم في أراضي دولة (سوريا لم توقع على ميثاق روما) عضو في المحكمة (أو إذا سمحت الدولة التي وقع الجرم على أراضيها للمحكمة بالنظر في القضية)، أو إذا أحيلت القضية للمحكمة من قبل مجلس الأمن”.
ولفت الزايدي إلى أن “مجلس الأمن هو الذي أحال الملف الليبي إلى المحكمة، ما جعلها صاحبة اختصاص زماني وموضوعي.. وهو ما يعني استحالة حدوث ذلك في الحالة السورية؛ بسبب استخدام روسيا المؤكد لحق النقض (الفيتو)”.
ووفق الخبير المصري، يشكل اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية، “الطريق المباشر للنظر في جرائم الحرب في سوريا، لكن ذلك مرهون بصدق النوايا”.
يسري، تابع أن “المحكمة أصبحت بموجب نظامها الأساسي مسؤولة عن النظر في قضايا جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، لكنها تظل محكومة بالجوانب السياسية، فمع أنه يحق لأي دولة موقعة على نظام المحكمة الأساسي إقامة دعوى ضد النظام السوري، يبقى لمجلس الأمن حق إيقافها، أو على الأقل عدم تنفيذ ما تتوصل إليه من أحكام، وكلاهما يخضع للفيتو الروسي”.
في الاتجاه نفسه، قال خبير القانون الدولي، محمد عطا الله، في حديث للأناضول، إن “الحل الوحيد هو قيام الدول والكيانات الإقليمية بفرض عقوبات على الدول التي ارتكبت جرائم حرب في سوريا، على غرار ما فعلته بعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية”.
ومضى قائلا: “كما يمكن للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن تقيم محكمة للجرائم في سوريا، بشرط وجود تشريع موحد بين الدول الأعضاء فيها بالقبض على من ارتكب جرائم ضد الإنسانية”.
[ad_1] [ad_2] [sociallocker] [/sociallocker]