ناج من الأحياء المحاصرة بحلب: بعض المصابين تعرضوا لعمليات دون تخدير وعملنا الإغاثي كان محفوف بالمخاطر


تتكشف تباعاً قصص مأساوية جديدة عما عايشه عشرات آلاف المحاصرين في الأحياء الشرقية لمدينة حلب، والتي تحول معظمها إلى دمار وأُجبر سكانها على الخروج منها.

ويتحدث "أيهم" أحد سكان أحياء حلب المحاصرة، عما عايشه، ويروي قصصاً عن معاناة المحاصرين، بحكم عمله في مؤسسة "إحسان" للإغاثة - التابعة للمنتدى السوري- التي برز نشاطها خلال الحصار وحالياً في الريف الغربي لحلب حيث ينتقل إليه المحاصرون.

ويقول أيهم في تصريح لـ"السورية نت"، إن المعاناة بدأت تتفاقم حتى ما قبل فترة الحصار الحقيقي، متحدثاً عن فقدان المواد الأساسية التي تساعد الناس على البقاء أحياء، وذكر أن المدنيين افتقدوا للمواد الأساسية حتى داخل الأسواق.

أيهم أشار إلى احتكار برز أيضاً وزاد من معاناة المحاصرين في حلب، لا سيما عندما بدأ بعض الباعة بعرض بعض المواد الأساسية بكميات قليلة جداً لكن بسعر مرتفع للغاية.

الحصار أنهك الجميع

ولم يستطع نظام بشار الأسد والميليشيات الأجنبية الإرهابية المدعومة إيران والمسندة من الطيران الروسي من السيطرة على أحياء حلب إلا مع اشتداد القصف من جهة، وتضييق الحصار إلى مستويات غير مسبوقة من جهة أخرى.

وفي هذا السياق، يقول أيهم إن أكثر "شيء كان محزناً وشكل عبئاً هم الأطفال، خصوصاً الذين هم بحاجة إلى حليب"، ولفت إلى أن عبوات الحليب أصبحت شبه مفقودة في الأحياء المحاصرة، وأضاف أنه "حتى لو وجدت فهي بسعر مرتفع جداً، وليس بمقدور أحد شراءها".

وكان أمام أهالي الأطفال تحدياً كبيراً آخر، وهو تأمين "فوط الأطفال"، وبحسب أيهم، فإنها فقدت أيضاً، مشيراً أن سعر الكيلو منها وصل إلى 5 آلاف ليرة.

ويلفت أيهم إلى ما زاد الوضع سوءاً على المحاصرين، أن قوافل الإغاثة لم يكن بمقدورها الوصول إلى الأحياء الشرقية لحلب، بسبب قطع النظام لطريق الكاستيلو، ومن بعده تضييق الحصار على المدنيين.

المشافي امتلأت بالجرحى

وفي إجابته عن سؤال لـ"السورية نت" حول أصعب الحالات الإنسانية في الأحياء المحاصرة، أشار أيهم إلى الأعداد الكبيرة للجرحى جراء القصف المكثف والعنيف على أحياء حلب.

وقال: "وصلنا إلى مرحلة أصبحت المشافي تستطيع تقديم الخدمة الطبية لـ 4 فقط من أصل 10، عدد المصابين كان كبيراً، وصار يصل إلى 300 مصاب في اليوم الواحد".

وتحدث أيهم عن حالات لمصابين اضطر الأطباء إلى إجراء عمليات لهم بدون تخدير، مشيراً أنه بسبب ضيق الأماكن في المشافي وقلة عددها، لم يكن جميع المصابين بإمكانهم البقاء في المستشفيات، لذلك يجري نقلهم إلى المنازل وهناك تتعرض جروحهم إلى الالتهابات بسبب غياب العناية الطبية.

ومع ازدياد الوضع الطبي سوءاً في الأحياء المحاصرة، "اضطر أطباء إلى اتخاذ قرار ببتر أعضاء بعض المصابيم، نظراً لعدم توفر الإمكانيات لإجراء العمليات، وخوفاً على حياة المريض من الموت"، يقول أيهم.

ويضيف أنه مع طيلة فترة الحصار، وبدء سيطرة النظام على الأحياء التي كانت تسيطر عليها قوات النظام والميليشيات الإرهابية المساندة له، بات عشرات المحاصرين في مساحة لا تتجاوز 2 كيلو متر.

وأدى ذلك إلى فقدان الخبز لكون معظم الأفران أصبحت بيد النظام، كما انعدمت مياه الشرب مع سيطرة النظام على محطة سليمان الحلبي ووقفه لضخ المياه. وتحدث أيهم عن عائلات اضطرت للنوم في الشوارع بعدما تم التوصل إلى اتفاق لإجلاء المدنيين، وانتقلت إلى مناطق تجمع الحافلات لنقلهم.

"حقد طائفي"

ووصف أيهم في تصريحه لـ"السورية نت" دور الميليشيات الإيرانية الإرهابية في شرق حلب بأنه مليء بـ الحقد الطائفي.

وأشار إلى  أنه في الوقت الذي كانت تحلق فيه الطائرات الحربية والمروحية التابعة للنظام وروسيا وتقصف الأحياء السكنية، كانت الميليشيات الإيرانية الإرهابية تحاول التقدم بشكل همجي.

وتحدث أيهم عن ارتكاب الميليشيات الإيرانية الإرهابية عمليات إعدام ميداني بحق مدنيين، مشيراً أنها تركزت في أحياء الفردوس، وبستان القصر، والكلاسة.

ومن ناحية ثانية، لفت أيهم إلى صعوبة العمل الإغاثي مع فقدان المعارضة للطريق، مشيراً أنهم في مؤسسة "إحسان"

وعندما فُك الحصار لعشرة أيام لم تكن الفترة كافية لإدخال الإغاثية، وبعد عودة الحصار كانت مستودعات المنظمات الإغاثية خالية تماماً.

وارتفعت الأسعار في الحصار الثاني عن الحصار الأول، وارتفعت لـ 4 أضعاف.

العمل الإغاثي

من ناحية ثانية، تحدث أيهم عن الدور الذي لعبته المنظمات الإغاثية في تخفيف وطأة الحصار على المدنيين، ومن بينها مؤسسة "إحسان".

وأشار في تصريحه لـ"السورية نت"، إلى أن "إحسان" تمكنت من توزيع مساعداتها خلال فترة الحصار الأول قبل أن تستيطع المعارضة فكه، ليعود النظام مجدداً ويحاصر أحياء حلب. مشيراً أنهم وزعوا 10 آلاف سلة غذائية، استفادت منها 14700 عائلة.

وكان من الصعب على جميع المنظمات إدخال مساعداتها إلى الأحياء الشرقية لحلب بسبب سيطرة النظام على الكاستيلو، لكن ذلك بحسب أيهم لم يمنعهم من مواصلة عملهم.

وقال إن "إحسان عملت في فترة الحصار على تنفيذ مشاريع الحماية، وتقديم الدعم النفسي للأطفال، وتنفيذ برنامج متعلق بالنساء، يقوم على دعمهن نفسياً، وتعليمهن على المهن".

وعلى الرغم من تواصل القصف، أشار أيهم إلى إقبال كبير من قبل الأهالي على مشروع "صديق الطفل" الذي نفذته مؤسسة "إحسان"، لافتاً أن السبب في ذلك يعود لأن الأهالي بدأوا يلمسون تحسناً على أطفالهم بعد تقديم المؤسسة الدعم النفسي لهم.

وحالياً تنفذ إحسان خطة استجابة في الريف الغربي لحلب، لمساعدة المحاصرين الواصلين إليها.

ووفقاً لما قاله أيهم فإن "إحسان" تؤمن مراكز إيواء للقادمين، وتوفر سللاً غذائية، كما أنها تجهز 3 مراكز للإيواء، يتسع كل واحد منها لما بين 10 إلى 15 عائلة.

وبالإضافة إلى ذلك، توفر "إحسان" إمكانية النقل لبعض المحاصرين الواصلين لريف حلب الغربي، وتنقلهم من أماكن نزولهم من الحافلات إلى داخل الريف الغربي لحلب.

وختم أيهم تصريحه لـ"السورية نت" بالإشارة إلى مخاطر العمل الإغاثي، خصوصاً القصف الذي لا يهدأ، لكنه قال: "لم يكن يهمنا شيء سوى أن نوصل المساعدات للمحتاجين لها".

وكانت مكاتب مؤسسة "إحسان" قد تعرضت في حلب إلى قصف أدى إلى تدميرها.

ويشار إلى أن مؤسسة "إحسان" هي إحدى مؤسسات "المنتدى السوري"، وتقوم بإنشاء ودراسة وتنفيذ ودعم المشاريع التنموية والخدمية الأساسية بما يساهم في مساندة السوريين في داخل سوريا أولاً وخارجها ثانياً، وذلك بالتنسيق مع المجالس المحلية.

كما تعمل المؤسسة على استدراج التمويل اللازم للمشاريع من المنظمات الدولية المتخصصة.




المصدر