درعا 2016… مناطق الثوار تنحسر لأول مرة ولا معارك كبرى


مضر الزعبي: المصدر

لكل جواد كبوة، ولكل مدينة غفوة، هكذا نختصر حال مهد الثورة درعا في العام 2016، درعا في هذا العام تبدل حالها وتغيرت أوضاعها، فلم تعد قبلة السوريين ولم يعد ثوارها محل أنظارهم، وللمرة الأولى منذ العام 2013 لم يحقق ثوار درعا أي تقدم على حساب قوات النظام وميلشياته، وللمرة الأولى أيضاً يتقدم النظام على حساب الثوار.

وعلى عكس جميع الأعوام السابقة التي شهد كلٌ منها معارك كبيرة بين كتائب الثوار وقوات النظام، وكلّ عامٍ كانت تتبدل فيه خارطة السيطرة لصالح الثوار، عكس هذا العام الذي شارف على نهايته.

النظام يتقدم في درعا

منذ 28 كانون الأول/ديسمبر من العام 2015 الماضي، بدأ الطيران الروسي باستهداف مدن وبلدات درعا بشكل مكثف، ووفّر غطاءً جوياً لقوات النظام وميلشياته للمرة الأولى خلال حملة النظام على مدينة الشيخ مسكين.

وقال الناشط هاني العمري لـ “المصدر” إن قوات النظام مدعومة بالميلشيات الطائفية وبغطاء جوي روسي، بدأت مطلع العام الجاري حملة على مدينة الشيخ مسكين، وبعد أكثر من 1200 غارة جوية من الطيران الروسي وأكثر من 300 برميل متفجر، وبعد شهر كامل من القتال مع تشكيلات الثوار، تمكنت قوات النظام في 26 كانون الثاني/يناير من العام الجاري، من السيطرة على المدينة، ليكون التقدم الأول لقوات النظام منذ منتصف العام 2013 في محافظة درعا، ولتكون المدينة أولى المناطق المحررة التي تخسرها تشكيلات الثوار بعد تحريرها مطلع العام 2015، عقب مقتل أكثر من 150 ضابطاً وعنصراً من قوات النظام والميلشيات الموالية له.

وأضاف بأن النظام شن هجوماً على بلدة عتمان شمال مدينة درعا، بغطاء جوي روسي، عقب سيطرته على مدينة الشيخ مسكين، ليتمكن مطلع شهر شباط/فبراير من السيطرة على البلدة.

وتقدم قوات النظام تزامن مع غطاء جوي روسي عنيف، حيث وثق ناشطو المحافظة خلال شهري كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير أكثر من 2000 غارة من الطيران الروسي استهدفت مدن وبلدات (الشيخ مسكين – نوى – أنخل – جاسم – الحارة – طفس – أبطع – داعل – اليادودة – درعا البلد – النعيمة – صيدا – أم المياذن – نصيب – الغارية الغربية – الغارية الشرقية – الصورة – الحراك – بصر الحرير – المسيفرة – بصرى الشام)، وقد تسبب القصف الجوي وعمليات قوات النظام خلال نفس الفترة بتهجير قرابة 150 ألف نسمة وتدمير خمسة نقاط طبية في (الشيخ مسكين – جاسم – النعيمة – الغارية الغربية – صيدا)، وقتل العشرات من المدنيين.

اتفاق وقف الأعمال العدائية

وفي 27 شباط/فبراير الماضي، تم الاتفاق على وقف الأعمال العدائية في سوريا لتتنفس المحافظة معه الصعداء، فقد أنهى حملة الطيران الروسي على مدن وبلدات المحافظة، وكان سبباً في عودة ثوار درعا إلى سيرتهم الأولى، ففي الجمعة الأولى بعد الاتفاق (جمعة الثورة مستمرة) في 4 آذار/مارس، خرج الآلاف من ثوار المحافظة للساحات للتأكيد على استمرارية الثورة، واستمرت المظاهرات في المحافظة حتى نهاية شهر أبريل/نيسان الماضي.

وكان اتفاق وقف الأعمال سبباً رئيسياً في جمود الجبهات مع قوات النظام، ولكن لم يكن أحد يتوقع أن جبهات جديدة في المحافظة ستفتح.

وقال عضو الهيئة السورية للإعلام عمار الزايد، لـ “المصدر”، إنه في 17 آذار/مارس الماضي، وبينما كان ناشطو المحافظة يتجهزون للخروج في مظاهرات يوم الجمعة، جاءت أخبار من مدينة إنخل شمال درعا تؤكد قيام جماعة (أنصار الأقصى) باغتيال رئيس المجلس المحلي في المدينة المهندس (بشار الدوخي)، ما أدى لاندلاع قتال بين تشكيلات الثوار في المدينة من طرف وجماعة أنصار الاقصى من طرف آخر، وبعد مواجهات استمرت ليومين تمكنت تشكيلات الثوار من استئصال الجماعة من المدينة وقتل قائدها (مالك الفيصل).

وأضاف أن أحداث مدينة إنخل شكلت نقطة تحول في المحافظة لتبدأ بعدها تشكيلات الثوار بحملة واسعة ضد المجموعات والخلايا المحسوبة على تنظيم “داعش”، فتم مهاجمة مقار كتيبة (حمزة أسد الله) المحسوبة على تنظيم “داعش” في مدينة طفس غرب درعا، وبعدها وصلت الاشتباكات إلى باقي مدن وبلدات ريف درعا الغربي.

وأشار الزايد إلى أن حملة تشكيلات الثوار رافقها تحرك لواء (شهداء اليرموك) التابع لتنظيم “داعش”، والذي هاجم مواقع تشكيلات الثوار بريف درعا الغربي وفرض سيطرته على بلدات (تسيل – سحم)، وذلك بالتزامن مع بدء تشكيلات الثوار هجوماً واسعاً على مواقع (حركة المثنى)، على خلفية ضلوع الحركة باغتيال رئيس محكمة دار العدل الشيخ (أسامة اليتيم)، واختطاف رئيس مجلس محافظة درعا الحرة (يعقوب العمار)، لتتمكن تشكيلات الثوار مطلع شهر نيسان/أبريل الماضي من السيطرة على جميع مواقع حركة المثنى في (جلين – مساكن جلين – العجمي – الشيخ سعد – عدوان – الطيرة)، و بعدها استعادت بلدات (تسيل – سحم) من لواء (شهداء اليرموك)، وتمكنت من حصر جميع المجموعات المحسوبة على تنظيم “داعش” في منطقة حوض اليرموك غرب درعا.

الإعلان عن جيش خالد بن الوليد

وللمرة الأولى يتم فيها الإعلان عن اندماج مجموعات مقربة من تنظيم “داعش” في محافظة درعا بجسم واحد بعد أن كانت هذه المجموعات تعمل في مناطق مختلفة وتحت مجموعة من المسميات.

وقال الناشط أحمد الديري لـ “المصدر”، إنه منتصف شهر أيار/مايو الماضي تم الإعلان عن تشكيل جيش خالد بن الوليد في منطقة حوض اليرموك، وذلك بعد اندماج عناصر خمسة من الجماعات المحسوبة على تنظيم “داعش”، وهي (لواء شهداء اليرموك – حركة المثنى – أنصار الاقصى – كتيبة حمزة أسد الله – سرايا الجهاد)، وتم تعيين قائد للتشكيل الجديد وهو (أبو هاشم الإدلبي)، ومنذ تأسيس جيش خالد بن الوليد عمل على اختراق مواقع تشكيلات الثوار في ريف درعا الغربي، كما قام بعشرات العمليات ضد تشكيلات الثوار، ومن ضمنها عمليات انتحارية وعمليات اغتيال.

وأشار إلى أن مقاتلي جيش خالد تمكنوا من التصدي لمحاولات تشكيلات الثوار التي زاد عددها عن عشرة، حاولوا خلالها السيطرة على منطقة حوض اليرموك غرب درعا، وسقط خلال الاشتباكات بين الطرفين منذ مطلع العام الجاري نحو 600 قتيل.

وأضاف الديري بأن قائد جيش خالد (أبو هاشم الإدلبي) قتل منتصف شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي بتفجير عبوة ناسفة بسيارته في منطقة حوض اليرموك غرب درعا، تزامناً مع فرار عدد من الأسرى من معتقلات جيش خالد، ليتم تعيين الشرعي السابق في حركة المثنى (أبو محمد المقدسي) قائداً جديداً لجيش خالد، ليبدأ حملة اعتقالات داخل التشكيل، كما وجه لقادة لواء شهداء اليرموك تهم تتعلق بالضلوع باغتيال “الإدلبي”.

تنظيم “داعش” يتبنى أولى عملياته بدرعا

ونهاية شهر أيلول/سبتمبر الماضي، تبنى تنظيم “داعش” العملية الأولى في محافظة درعا، والتي استهدفت مخفر مدينة إنخل الثوري أثناء اجتماع لعدد من قادة الحراك الثور في المحافظة.

وقال الناشط عبد الرحمن الزعبي لـ “المصدر” إن انتحارياً فجر نفسه أثناء اجتماع قادة الحراك الثوري في المحافظة، ما تسبب بمقتل 14 شخصاً، من ضمنهم وزير الإدارة المحلية في الحكومة المؤقتة والرئيس السابق لمجلس محافظة درعا الحرة (يعقوب العمار)، مشيراً إلى أن منفذ الهجوم كان أحد عناصر حركة المثنى، ويدعى (عبد العاطي الراضي).

أكتوبر الأسود

ومطلع شهر أيلول/سبتمبر الماضي، واصلت قوات النظام والميلشيات الطائفية عملياتها في محافظة درعا، حيث تمكنت من السيطرة على الكتيبة المهجورة شرق بلدة إبطع، لتكون نقطة انطلاق لقوات النظام نحو طريق دمشق – درعا القديم، حيث أصبحت كل من مدينة داعل وبلدة إبطع تحت مرمى قوات النظام.

وقال الناشط أحمد المصري لـ “كلنا شركا” إن قوات النظام وبغطاء جوي بدأت عملياتها للسيطرة على كل من (داعل – إبطع)، بعد سيطرة قوات النظام على الكتيبة المهجورة والمزارع المحيطة بمدينة داعل، كما بدأت تشكيلات الثوار عملياتها لاستعادة السيطرة على الكتيبة المهجورة، وقد شنت تشكيلات الثوار أكثر من عملية لاستعاد السيطرة على الكتيبة، كان آخرها نهاية شهر تشرين الأول/الماضي، عندما بدأت عملية (صد البغاة)، بهدف استعادة السيطرة على النقاط التي تقدمت إليها قوات النظام.

وأضاف أن قوات النظام والميلشيات الموالية لها نصبت كميناً لمقاتلي تشكيلات الثوار، مما أدى إلى مقتل 42 مقاتلاً منهم، لتكون الخسارة الأكبر لتشكيلات الثوار في عام 2016.

ولم تتوقف عمليات قوات النظام للسيطرة على طريق دمشق – درعا القديم عن حدود (داعل وإبطع)، بل امتدت عمليات قوات النظام إلى شمال محافظة درعا، لتسيطر أواخر شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي على الكتيبة المهجورة بالمقربة من بلدة الفقيع، وتستكمل مطلع الشهر الحالي السيطرة على بلدة الفقيع شمال درعا.





المصدر