رسالة من سوريا إلى الولايات المتحدة: لن نصدق شعاراتكم الرنانة بعد اليوم


ألقت سفيرة أمريكا لدى الأمم المتحدة، “سامنثا باور” ، خطاباً مؤثراً الأسبوع الماضي تسأل فيه السفيرين الروسي والسوري ما إذا كانوا قد شعروا “بالعار ” نتيجة أفعالهم في مدينة حلب، أو ما إذا كانت “عملية إعدام لطفل بريء قد أزعجتهم؟”. بالنسبة للسوريين، كانت هذه التصريحات مثيرة للغضب، ذلك أنه يجب أن يُسئَل الأمريكيون الأسئلة ذاتها. أنتِ أيضاً, يداكِ ملطختان بالدماء.

 

وعلى مدار الأعوام القليلة الماضية، خدعتمونا بوعودكم الفارغة. منذ أول يوم من ثورة عام 2011 وحتى التداعيات الأخيرة لجهود الإخلاء للمحافظة على الأرواح، قوبل قتل السوريين بتقاعس أمريكي مستمر، أو أسوأ من ذلك؛ موافقة الولايات المتحدة على العدوان الروسي. وبرغم تحمل نظامي الأسد وروسيا المسؤولية عن الغالبية العظمى من سفك الدماء السورية، ليس لكم الحق، دونما شك، في إلقاء الخطب على العالم استناداً إلى “تفوقكم الأخلاقي” المفترض. لقد خذلتمونا مرات ومرات.

بعد مذبحة روندا ومجزرة سربرنيتشا، قلتم “لن يتكرر ذلك على الإطلاق”، لكنكم لم تنبسوا ببنت شفة بعد مجزرة غزة. واليوم، لم يعد يمكنكم الارتكاز إلى خطاباتكم الجوفاء لتحتفوا بالحرية والمساواة. ونحن اليوم كسوريين، بينما نراقبكم تدينون، دون تكلّف، كارثة شاركتم في جزء منها، سنسألكم ما إذا كنتم شعرتم بالعار مرة نتيجة تقاعسكم.

الرئيس أوباما.. الرئيس المنتخَب ترامب.. صمتكم يصم الآذان ويشكل سابقة عالمية خطيرة. عليكم أن تخجلوا من أنفسكم.

 

أيها الرئيس أوباما، لقد صرحت ذات مرة أنه في حال استخدم الأسد الأسلحة الكيماوية ضد أعدائه، يكون بذلك قد تجاوز “خطاً أحمر”. لقد شاهدتَه وهو يتجاوز ذلك الخط، ألا تشعر بالعار؟ ألا تشعر بالخجل من أن اهتمامك وعنايتك بالشعب السوري تبخرا عند أول دلالة على وجود الصعوبات والتعقيد؟ ألست محرجاً من أن “مصالحك الاستراتيجية في الخارج” تفوقت عل استعدادك لاتخاذ أية خطوة، بل جميع الخطوات اللازمة لوقف الموت الوحشي لمئات الآلاف؟

هل تنظر أنت والناطقون الرسميون باسمك في الأمم المتحدة وخارجها في المرآة وتفكرون “لقد شجعنا الشعب السوري  على الانتفاضة ومن ثم شاهدتموهم دون مبالاة وهم يُذبَحون نتيجة لذلك؟”. هل تشعر بالجبن لرفضك المشاركة ومواجهة العدوان الروسي بأكثر من الإدانات العامة السطحية؟.

والرئيس المنتخَب ترامب، ألم تشعر بالخجل في تأكيدك العلني بأن روسيا تُعَد الشريك الاستراتيجي للولايات المتحدة في سوريا؟ روسيا ذاتها التي انضمت إلى نظام الأسد في ارتكاب المجازر بحق الشعب السوري. هل تشعر بالراحة بتصريحك علناً أن نظام الأسد يحارب تنظيم الدولة الإسلامية على الرغم من أن الأدلة تشير إلى أن الأسد قد سهل بالفعل نمو تنظيم الدولة الإسلامية وتوسعه وبقائه؟

 

الرئيس أوباما.. الرئيس المنتخَب ترامب.. صمتكم يصم الآذان ويشكل سابقة عالمية خطيرة. عليكم أن تخجلوا من أنفسكم.

والآن، حان دورنا لنلقي عليكم الخطب. في المرة القادمة التي تشيدون فيها بالالتزام الأمريكي بحقوق الإنسان، تذكروا كم نكثتم بوعودكم. لقد زعمتم في الأيام الأولى أنكم ستدعمون المتظاهرين في بلدنا كنوع من أشكال التعبير المشروعة عن الرغبة في التغيير. لكنكم دعمتمونا بالكلام والوعود وحسب، لا بالأفعال. والآن يقوم النشطاء في حلب بإرسال وداعهم الأخير قبل ان يُعدموا أو يُهَجروا سراً أو يغتَصبوا أو يتعرضوا للتعذيب أو حتى قبل أن يقتلوا في غارة جوية.

إن سقوط حلب مجرد بداية، ذلك أن روسيا والأسد لديهما غايات أكثر طموحاً: وهي الانتصار العسكري الكامل بأي ثمن. كما ستتبع الأعمال الوحشية المرتكَبة في حلب اليوم عمليات تطهير مماثلة في مناطق أخر دون أدنى شك.

 

 

كنت لأنهي هذه الرسالة في الماضي بوضع بعض المطالب المحددة  للقيادة الأمريكية لتتخذ الإجراءات، أما الآن أصبحت أكثر فهماً للوضع. كل ما يسعني فعله هو أن أعلن على الملأ أن السوريين ليسوا جاهلين بحجم الفراغ والقسوة في السياسة الأمريكية الخارجية بعد الآن.

هذا هو إرثك، أوباما، إرثٌ يبدو أن ترامب مغتبطاً في متابعة السير على خطاه. أليس هنالك من شيء قد يجعلك تشعر بالعار؟ أليس هناك أعمال همجية تمارس ضد المدنيين، ألم يزعجك إعدام أي طفل صغير؟

رابط المادة الأصلي : هنا.



صدى الشام