‘دكتورة عزة عبد القادر : الطغاة الجدد ومحاكم التفتيش!’

27 كانون الأول (ديسمبر - دجنبر)، 2016

5 minutes

في يوم من الأيام أخذتني الجلالة والعزة ، فقمت بكل جرأة وفخر بتوجيه انتقادات لاذعة لأحد متطرفي العلمانية ، ولا أحب هنا أن أذكر إسم ذلك المتطرف حتى لا أصنع من التافه نجماً ، أو أخلق بكلماتي من الرويبضة بطلاً ، لأن هؤلاء في الحقيقة يريدون ذلك ، فهم عن جد يستخدمون السياسة الإستفزازية لكي ينالوا الشهرة التي يعيشون طيلة حياتهم يطمحون إليها وفي ذات الوقت يريدون أن يثبتوا إننا سبابين نستخدم البذاءة في الخطاب ، وتلك هي طريقتهم لأنهم مرضى نفسيين يشعرون بنقص شديد وحنك وكراهية إلى كل ما هو ديني .

ومصطلح العلمانية المتطرفة الذي ذكرته سابقاً يختلف عن العلمانية المعتدلة كما علمنا أستاذنا الدكتور عبد الوهاب المسيري رحمه الله في موسوعته الرائعة “اليهود واليهودية والصهيونية” ، فالعلمانية المنحرفة هي بالتأكيد نتاج كارثي للحرية الغربية الغير منضبطة بضوابط الشرع والقانون ، ولهذا فالمفترض على أي شخص عاقل محب لدينه ووطنه أن يحاربها ويستأصل شأفتها (والمحاربة هنا تعني الجهاد بالكلمة والقانون)، ومن أجل ذلك كان يجب أن أكتب كلمة لمحاربة تلك الشخصية المتطرفة التي لم تأبه أو تخجل في الإساءة للأنبياء الكرام صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين ، ولكن هيهات أن تسمح لك النظم المستبدة في بلادنا العربية أن تشوه تلك الشخصيات ، فخرج علي أحد المنافقين المحسوبين على النخبة العلمية بكل أسف وليس النخبة السياسية ليجادلني ويوجه لي سهام من السباب والشتائم ، وذلك بغرض أن أقوم بحذف ما قمت بكتابته على صفحتي الشخصية على الفيس بوك ، والتوقف نهائيا عن الإساءة إلى هذا الرمز الليبرالي كما يسميه هذا الرجل او يدعي انه منهجه ، ورغم إنني ذكرت له ان هذا مجرد رأي شخصي وليست مقالة في الصحيفة التي أعمل بها وأن هذا حقي ، لأن ذلك من قبيل الخصوصية والحريات الشخصية التي تخصني أنا دون العامة ، إلا انه أصر على غيه عامداً إلى استفزازي والتطاول علي وعلى كل أصحاب الفكر الإسلامي ، بل ونعتني بالداعشية .

ولا أعرف حقاً كيف يوصف التطرف العلماني بالليبرالية وتوصف الغيرة على الدين بالداعشية ، فالليبرالية التي أسس لها الفيلسوف الإنجليزي جون لوك لا تقبل السب وإهانة أصحاب الأديان السماوية ، فالليبرالية في جوهرها الحقيقي هي فلسفة سياسية بنيت على العدل والمساواة بين جميع البشر، أما الغيرة على الدين فإنها ليست فلسفة أو سياسة يتبعها شخص بعينه ،بل هي طبيعة ربانية ووجدانية نابعة من داخل النفس الإنسانية العابدة لله سبحانه وتعالى، إذن فأن نظرية هذا الرجل المتطرف تبدو من خياله المريض ، ومعرفته عن الليبرالية والداعشية مثل معرفتنا نحن باللغة اليابانية .

ورغم إني حزنت كثيراً لما صار عليه الحال في الدول العربية ، لكني عرفت إن نعمة الإسلام ليست باليسيرة ، وأن الإيمان يحتاج إلى قوة نفسية وسمو روحي ، فالطغاة الجدد لم يكتفوا بالقتل والإعتقال ، بل جندوا مجموعة من الرويبضات(“جمع رويبضة ” أي التافه يتحدث في أمور العامة ) الذين تم غسل أدمغتهم بحرفية شديدة بغرض التفتيش في الضمائر والنوايا وكبت الأفكار.

ويتعجب بعض ذوي البصائر والألباب الصافية كيف برجل كبير محسوب على النخب المشهورة يصرخ ويشجب ويرفع الدعاوى القضائية لأن شاباً في مقتبل العمر وجه إليه سبابا على أحد صفحات التواصل الإجتماعي ، ولكن نفس هذا الرجل المختل لا يحزن لسب الأنبياء ولا يفكر في الدفاع عن دينه أو الزود عن أصحاب المظالم والحقوق، هو يحزن لنفسه فقط رغم انه مجرد بشر عادي لا يملك من نفسه شيئاً.
إنها حرب جديدة للطغاة الجدد لصنع معسكر العولمة الكبير الذي سيصبغ العالم أجمع بصبغة واحدة ، وفكر واحد ، يريد ان يمزجه ليكون بزي واحد وشكل واحد ليعتنق عقيدة فكرية واحدة بلا دين او روح ، ورغم انه يستخدم الراية اليمينية المسيحية في تلك الحرب إلا انه يخالف الدين تماما ، انه الإتحاد الصهيوني العالمي .