الدكتورة عزة عبد القادر :الإختراع المجنون(مارك زوكربيرج)!!!

من منا لم يشعر بالغيرة الشديدة وهو يسمع عن مارك زوكربيرج صاحب فكرة القهوة الإلكترونية ” موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك ” كيف توصل هذا الشخص العبقري الى تلك الوسيلة ليتواصل مع الناس دون عناء ، لم يكن يتخيل احد ان يجلس في قهوة دون ان يرى مالك القهوة والزبائن الذين يرتادونها ، لقد نجح مارك فيما عجز عنه الناس ، فقد تمنى كثير من الناس ان يتحدثوا بكل اللغات ويجتمعوا بجميع ايدلوجياتهم وافكارهم ليكون بينهم خيط مشترك ، ورغم انه يبدو للعالم ان هذا الخيط دقيق جدا لكنه لن يظل هكذا صغير سينمو بمرور الوقت ، واذا رأي بعض الناس هذا الشر الذي جلبته وسائل التواصل الاجتماعي من نزاعات وصراعات وسباب وتطاول بالالفاظ إلا انهم لا يستطيعون وهم يرون هذا الخطر أن يمتنعوا عن استخدام الفيس بوك ، فقد قرب الفيس بوك المسافات وسهل كل انواع الرسائل سواء المكتوبة او المسموعة او المرئية فلا يوجد مدينة او قرية في مصر او خارج مصر لم تستعين بخدمات الفيس بوك الفورية ، فاذا عجز البعض عن شراء الكمبيوتر او الموبايل فلن يعجز عن الذهاب الى أقرب سايبر مجاور لإرسال رسالة الى قريبه او صديقه في ثواني معدودة. ان السلبيات التي تحاصر وسائل التواصل الاجتماعي ” الفيس بوك وتويتر وانستجرام” ليست باليسيرة فليس كل ما يسمع يقال وليس كل ما يكتب يصدق والتجسس على الحياة الشخصية لهو شيء بغيض لكنه في ذات الوقت ليس اجبارا ، بل هو اختياريا ، فهناك إعدادات للخصوصية من الممكن التحكم في الجمهور القاريء للصفحة ، بل انه من السهل جدا ألا يرى أحدا ما ننشره او نكتبه ، لكن يبقى مارك يرى ما نكتبه حتى ولو اخترت في الاعدادات “أنا فقط” اذن تبقى الحرية مقيدة عند مارك ، وفي ذات الوقت فقد اجبر الاعضاء من ناحية اخرى ان يتحدثوا الى الاصدقاء والزملاء على صفحاتهم الشخصية لأنه وضع مؤخرا خاصية إظهار وقت خروج الصديق من صفحته الشخصية على الفيس بوك فأصبح من الصعب دخول الفيس بوك دون الإستعداد للحديث مع الأقارب والأصدقاء ، فإن عدم الرد فيه كثير من الوقاحة التي ربما ستفسر بشكل سلبي. ان فكرة الانفتاح على العالم كانت ولا تزال تراود البشرية في جميع مشارق الأرض ومغاربها وكان يراها الكثيرين لهي الأكثر خيالية وجنون ، آما وأن تحقق جزء كبير من هذا الانفتاح فقد تحققت معه بعض الأحلام لتتحول إلى حقائق ، وتقابلت شعوب العالم ليتحدوا حينا ويتنافروا حينا ولكن يبقى الأصل في تقابلنا وحواراتنا ، فالتعدد الثقافي يبقى صمام الأمان لكل العالم ولن تقوم الأمم بدون جذورها الأساسية ، فتنوع الألوان هو الذي يصنع الجمال ، فقد خلق الله الكون جميلا بديعا وجعل الأفلاك والأجرام السماوية تسير في نظام صارم لكنه متعدد ومتنوع وجعل الناس مختلفين فتبارك الله الملك الحق المبين . قال تعالى :”قال تعالى وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) سورة هود “. إذن فقد هلك أصحاب فكرة العولمة وانهارت نظرياتهم وذهبت سدى ، فقد عاشوا قرونا طويلة لإخضاع العالم أجمع تحت لواء فكر واحد وشكل واحد وايدلوجية واحدة ، ورغم فشل العولمة وانهيار التابعين لها يوما بعد يوم إلا ان كثير منهم لا يزالون مؤمنين بذلك النهج وتلك الأفكار التي يعتقدون واهمين انها ستسيطر على العالم وتجعله في بوتقة واحدة ، ورغم ان اختراع مارك لهو الرد الحاسم على عقيدتهم إلا انهم لازالوا في غيهم يعمهون. لقد كشف الفيس بوك عن الإختلاف الثقافي والسياسي الكبير بين شعوب العالم وأظهر كم الإمتاع الذي يشعر به الناس في متابعة أحوال بعضهم البعض ، فقد كان الإنسان فيما قبل يأكله الفضول ليعرف ماذا يحدث في القرية الريفية الموجودة في أمريكا أو فرنسا أوماليزيا أو مصر ، ورغم الطبيعة الإنسانية المحبة للظهور بأجمل مظهر إلا أن ذلك كان كاشفا لكثير من الأنظمة الديكتاتورية الفاسدة على مستوى العالم فلم يستطع الحكام الصمود أمام هذا الاقتحام التكنولوجي ،حتى الولايات المتحدة الأمريكية نفسها ، فرغم انها الدولة الأكثر حرية إلا انها وباعتراف قادة العمل السياسي هناك لم تطبق الحرية بمبادئها الحقيقية ، بل لازالت الديكتاتورية تقمع في بعض المؤسسات وخاصة الإعلام الأمريكي الذي يعترف أصحابه بمدى تأثير رأس المال في العمل السياسي. وأخيرا يبقى الفيس بوك هو المثال الأقرب الذي نرى من خلاله جمال التنوع وكثرة الثقافات وتعدد اللغات والحضارات ، وفي النهاية يأخك ذوقك الخاص وحسك الابداعي اذا كنت مبدعا الى السير وراء ما تحبه وترك ما لا تحبه