‘رويترز: مصادر تؤكد وجود مخطط لتقسيم سوريا إلى مناطق نقوذ غير رسمية مع إبقاء الأسد إلى نهاية ولايته’

29 كانون الأول (ديسمبر - دجنبر)، 2016
7 minutes

تقول مصادر مطلعة، إن سوريا ستقسم إلى مناطق نفوذ غير رسمية للقوى الإقليمية، وإن بشار الأسد سيبقى رئيساً لبضع سنوات على الأقل، بموجب اتفاق إطار بين روسيا وتركيا وإيران.

وبينت مصادر على دراية بتفكير روسيا، أن اتفاقاً من هذا القبيل سيسمح بحكم ذاتي إقليمي في إطار هيكل اتحادي تسيطر عليه طائفة الأسد العلوية، ولا يزال في مراحله الأولى وهو عرضة للتغيير، وسيتطلب موافقة الأسد والمعارضة المسلحة، وفي نهاية المطاف دول الخليج والولايات المتحدة.

وقال “أندرو كورتونوف” المدير العام للمجلس الروسي للشؤون الدولية، وهو مركز أبحاث مقرب من وزارة الخارجية الروسية: “هناك تحرك صوب حل وسط… الاتفاق النهائي سيكون صعباً لكن المواقف تتغير”.

وأكدت المصادر، أن سلطات الأسد ستتقلص بموجب اتفاق بين الدول الثلاث. وستسمح له روسيا وتركيا بالبقاء حتى الانتخابات الرئاسية المقبلة، عندما يتنحى لصالح مرشح علوي أقل إثارة للانقسام.

وتضيف المصادر، أن إيران لم تقتنع بذلك بعد. لكن على أي حال سيرحل الأسد في آخر الأمر بطريقة تحفظ ماء الوجه مع ضمانات له ولأسرته.

وقال “كورتونوف” رافضاً ذكر أسماء: “تردد ذكر اسمين في القيادة (كخليفتين محتملين)”.

ولا يعتقد أحد أن اتفاق سلام سوريا أوسع نطاقاً – وهو ما لم يتمكن المجتمع الدولي من تحقيقه لسنوات- سيكون سهلاً أو سريعاً أو مؤكد النجاح. والواضح أن الرئيس “فلاديمير بوتين” يريد أن يلعب الدور الرئيسي في محاولة التوسط في تسوية تكون في بادئ الأمر مع تركيا وإيران.

وسيعزز هذا حديثه عن استعادة روسيا دورها كقوة عالمية وطرف ذي ثقل في الشرق الأوسط.

وقال السير “توني برينتون” السفير البريطاني السابق لدى موسكو لـ”رويترز”: “ستكون جائزة كبيرة جداً لهم إذا استطاعوا أن يظهروا أنهم في صدارة المشهد ويغيرون العالم. اعتدنا جميعا على أن الولايات المتحدة تفعل ذلك ونسينا أن روسيا اعتادت اللعب على نفس المستوى”.

صفقات خلف الكواليس

إذا نجحت روسيا في مساعيها، فسوف تبدأ محادثات سلام جديدة بين نظام الأسد والمعارضة في منتصف يناير/ كانون الثاني في أستانة عاصمة كازاخستان الحليف المقرب من روسيا.

وسوف تكون هذه المحادثات منفصلة عن المفاوضات المتقطعة التي تتوسط فيها الأمم المتحدة، ولن تشمل الولايات المتحدة في بادئ الأمر. وأثار هذا حفيظة البعض في واشنطن.

وقال مسؤول أمريكي رفض نشر اسمه بسبب حساسية الموضوع: “هذه الدولة التي لديها اقتصاد في حجم اقتصاد إسبانيا .. أقصد روسيا.. تتبختر وتتصرف كما لو كانت تعرف ماذا تفعل”.

وأضاف: “لا أعتقد أن الأتراك والروس يمكنهم فعل ذلك (المفاوضات السياسية) من دوننا”.

وذكرت مصادر روسية، أن الخطوة الأولى هي التوصل إلى وقف لإطلاق النار في جميع أنحاء البلاد ثم الشروع في المحادثات. وسيكون الهدف عندئذ إشراك دول الخليج ثم الولايات المتحدة، وفي مرحلة لاحقة الاتحاد الأوروبي الذي سيطلب منه- ربما مع دول الخليج- أن يتحملوا فاتورة إعادة الإعمار.

وتؤكد عدة مصادر على معرفة بالعملية، أن “بوتين” توصل إلى سلسلة من التفاهمات خلف الكواليس مع نظيره التركي “رجب طيب إردوغان”، لتسهيل الوصول إلى اتفاق محتمل.

وقالت نفس المصادر، إن موسكو دفعت إيران إلى قبول فكرة مسعى ثلاثي للسلام بحمل تركيا على التخلي عن مطالبها برحيل الأسد قريباً.

وقال مسؤول كبير بالحكومة التركية رفض نشر اسمه: “أولويتنا ليست رحيل الأسد، ولكن هزيمة الإرهاب”.

وتابع: “لا يعني ذلك قبولنا بالأسد. لكننا توصلنا إلى تفاهم. فعندما يتم القضاء على تنظيم الدولة، فربما تساعد روسيا تركيا في سوريا في القضاء على حزب العمال الكردستاني”.

وأضاف المسؤول التركي: “لدينا بالطبع خلافات مع إيران. فنحن ننظر لبعض القضايا بطريقة مختلفة، لكننا نتوصل إلى اتفاقات لإنهاء المشكلات البينية.”

وقال “أيدين سيزر” رئيس “مركز دراسات تركيا وروسيا للأبحاث” في أنقرة، إن تركيا “تخلت تماماً الآن عن مسألة تغيير النظام” في سوريا.

بيد أن الموقف العلني لتركيا لا يزال مناهضاً للأسد بشدة، وقال وزير الخارجية التركي “مولود تشاووش أوغلو” أمس الأربعاء، إنه يستحيل حدوث انتقال سياسي في وجود الأسد.

وقال “برينتون” السفير البريطاني السابق، إن موسكو وأنقرة توصلتا إلى اتفاق لأن موسكو احتاجت تركيا لإخراج المعارضة من حلب، وللمجيء إلى مائدة التفاوض.

وأشار إلى أن “الغرض الحقيقي للأتراك من اللعبة ومبعث قلقهم هو ظهور كردستان شبه مستقلة داخل سوريا، وما له من تداعيات مباشرة عليهم”.

الواقعية السياسية

تحرك الواقعية السياسية تغير المواقف لدى موسكو وأنقرة. فروسيا لا تريد التورط في حرب طويلة وتريد الحفاظ على وحدة سوريا وإبقائها حليفا لها.

وتريد تركيا أن تسيطر بشكل غير رسمي على مساحة من شمال سوريا، توفر لها منطقة آمنة لإيواء النازحين، وقاعدة لمعارضي الأسد، وحصنا ضد النفوذ الكردي.

ومصير الباب تلك المدينة التي يسيطر عليها تنظيم “الدولة الإٍسلامية” وتقع على بعد نحو 40 كيلومتراً إلى الشمال الشرقي من حلب عامل آخر في هذا الصدد. فـ”إردوغان” مصمم على سيطرة قوات المعارضة المدعومة من تركيا على المدينة لمنع الفصائل الكردية المسلحة من فعل الشيء نفسه.

وقالت المصادر، إنه كان هناك تفاهم بين أنقرة وموسكو على إمكانية مغادرة مقاتلي المعارضة حلب للمساعدة في السيطرة على الباب.

وفهم مصالح إيران أكثر صعوبة، لكن “علي أكبر ولايتي” كبير مستشاري الزعيم الإيراني الأعلى “آية الله علي خامنئي”، قال إن سقوط حلب قد يغير الكثير في المنطقة.

وتقول مصادر دبلوماسية روسية وغربية، إن إيران ستصر على الحفاظ على هذا الممر وعلى بقاء الأسد في السلطة في الوقت الحالي. وإذا تنحى بالفعل فسوف ترغب طهران أن يحل محله آخر من الطائفة العلوية التي تعتبرها أقرب الطوائف إلى الشيعة.

وربما تكون إيران أكبر حجر عثرة في طريق اتفاق أوسع. فقد قال وزير الدفاع الإيراني “حسين دهقان”، إن السعودية يجب ألا تشارك في المحادثات بسبب موقفها من الأسد حيث تطالب الرياض بتنحيه عن السلطة.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]