‘“لم الشمل”… الوجع السوري يضيف مصطلحًا جديدًا’
5 كانون الثاني (يناير - جانفي)، 2017
آلاء عوض
لم يُدرك أيمن. ق، بعد أن أرسل أسرته إلى أحياء حلب الغربية، أنه من الصعوبة بمكان أن يلتم شملهم مرة أخرى، وكان كل همّه في تلك اللحظات تأمينهم من الموت، بعد ارتفاع وتيرة قصف قوات النظام على الأحياء الشرقية.
بدأت رحلة نزوح أيمن وعائلته وتشرّدهم قبل التهجير، فبعد أن قصفت قوات النظام حي مساكن هنانو بالكلور، اضطر أن يخرج وزوجته وابنه الرضيع باتجاه حي كرم الجبل، وهناك استأجر بيتًا، لكن قوات النظام والميليشيات الحليفة عاودت قصفها على الشعّار وكرم الجبل، ليتوجّه مع عائلته في رحلة أخرى إلى حلب القديمة التي لم يجد فيها بيتًا، ومنها إلى حي الأنصاري الذي أصبحت فيه الحياة مأسوية؛ بسبب شدة الحصار والقصف والتضييق.
وُضِع أيمن أمام خيارين: إما البقاء في حي الأنصاري، حيث احتمال الموت في أي لحظة، بسبب وتيرة القصف الشديد، أو تأمين وصول زوجته وابنه إلى الأحياء الغربية من حلب الخاضعة لسيطرة النظام، وأوضح في حديثه لـ (جيرون) أنه “لم يكن هناك خيار آخر، فقد كنت أعلم أن عملية عبورهما قد تكلفهما حياتهما، لكن تبقى احتمالات نجاتهما من الموت أكبر في حال تمكنوا من الدخول”.
كثيرةٌ هي العائلات التي تشتّت شملها، وتقسّمت بين رجال رفضوا الخروج من أرضهم، وبين اضطرارهم إلى إرسال أولادهم إلى مناطق سيطرة النظام.
بعد وصول زوجة وابنه أيمن إلى غربي حلب، “ارتحتُ قليلًا، وبدأت برحلة جديدة كان أبرز محطاتها خروجي من أرضي، ومحاولاتٍ لإيجاد مكان آمن أستقر فيه، وأحضر عائلتي المتعبة، ولم تكن الرحلة سهلة”.
بقي أيمن لمدة أسبوعين في حي سيف الدولة، في الوقت الذي “اشتدّ فيه الحصار كثيرًا، وانقطعت المياه بالكامل عن الحي، وانعدمت الخدمات الطبية، وكثّفت قوات النظام والميليشيات الإيرانية القصف على الحي”، وخلال المفاوضات التي رافقها وقف إطلاق النار، خرج أيمن مع أخيه في سيارة إسعاف مع أحد المصابين.
يعمل أيمن في قطاع الإعلام، “لكن، وقبل خروجي بساعات، لم أستطع حمل الكاميرا، لم تعد يداي تقويان على حمل أي أوزان، مهما كانت خفيفة، خرجت، وعندما وصلت إلى حي الراشدين اجتاحتني نوبة بكاء شديدة، وتيقّنت أن العودة ليست بقريبة”.
توجه إلى الحدود التركية، وهناك وجد مهّربًا، طلب منه 750 دولارًا، ليؤمن له عبورًا آمنًا، وكانت “الطريق وعرة وخطرة جدًا، وتجاوزت التكاليف 1000 دولار إلى أن وصلت مدينة (غازي عنتاب) التركية”، لكنه لم يجد عملًا، فقرّر العودة إلى ريف حلب الشمالي.
رحلة البحث عن منزل في الريف الشمالي لا تقلُّ صعوبة عن كل محطات التشرد التي عاشها، فأجرة المنزل الفارغ في مدن وبلدات تلك المنطقة لا تقل عن 125 دولارًا في الشهر.
ينتظر أيمن اليوم، في منزله الذي استأجره في اعزاز، قدوم زوجته من أحياء حلب الغربية بعد رحلة تشتّت دامت أكثر من شهر، تخلّلها كثير من الوجع والفقد، اضطر خلالها لاقتراض المال.
يؤكد ناشطون أن العائلات التي دخلت أحياء حلب الغربية، معروفة من النظام وأتباعه وميليشياته، ولا يسمحون لها بالخروج، إلا بعد دفع مبالغ مالية أقلّها 1000 دولار عن الفرد الواحد.
يعدّ أيمن وضعه المادي مقبولًا، “بينما هناك كثير من العائلات التي خرجت لا تملك سوى ملابسها، وهي إلى اليوم تبات في العراء، أما الأُسر التي تفكّكت وعلقت في الأحياء التابعة للنظام، فليس من السهولة معاودة جمع شملها”.
[sociallocker] [/sociallocker]