النظام لم يعترف بعقود الزواج المثبتة بمحاكم المعارضة في حلب.. فهل يضيع نَسَب الأطفال؟  


 

يتكشف المشهد في مدينة حلب يوماً بعد يوم عن وجه مأساوي حلّ في هذه المدينة المنكوبة، فبعد دمار جزء كبير من بنيتها التحتية، وموت ونزوح وتهجير مئات الآلاف من أبنائها، يطالع اليوم بعض من أبنائها مأساة إنسانية أخرى متعلقة بعدم اعتراف المحاكم التابعة للنظام في المدينة بعقود الزواج التي تم تثبيتها من قبل المحاكم الشرعية التابعة للمعارضة التي كانت قد شكلتها في أحياء حلب.

مصادر محلية من داخل مدينة حلب قالت لصدى الشام إن المشكلة “لا تكمن في تثبيت عقود الزواج المبرمة من قبل المحاكم الشرعية التابعة للمعارضة، في حال وجود الزوجين”، إذ يكفي رفع دعوى تثبيت واقعة الزواج، لكن المشكلة تكمن في حال كان الزوج مُتوفياً أو غائباً، مع وجود أطفال من هذا الزاوج.

وأوضحت المصادر أن كتم القيد أو عدم الاعتراف الرسمي بالأطفال هو المصير الذي يواجه هذا النوع من الحالات بمدينة حلب في الوقت الراهن، و قدّرت المصادر عدد هذا النوع من الحالات بالمئات، وأشارت إلى حالة من الضياع تواجه الأمهات بعد عدم تمكنهن من تثبيت نسب أطفالهن.

وقال رئيس تجمع المحامين السوريين الأحرار غزوان قرنفل إنه من الطبيعي أن لا تقوم المحاكم التابعة للنظام بتثبيت عقود الزواج الشرعية في حال غياب الزوج، لأن حضور الزوجين أمام القاضي أمر قانوني، ولفت في حديث خاص بـ”صدى الشام” إلى أن الزوجة قد تكون مدعية، أو غير صادقة، فكيف سيقوم القاضي بالتثبت من صحة العقد الذي تم تثبيته لدى المحاكم الشرعية التابعة للمعارضة، وهي عقود ليس لها أي صفة قانونية؟.
لكن قرنفل استدرك بالقول “قد يتم التعامل مع هذه العقود على أنها عقد عرفي، وهذا العقد العرفي لا يتم تثبيته إلا عبر إجراءات تقاضي للوصول إلى تثبيت واقعة الزواج. موضحاً أنه لا بد من حضور الزوجين إلى المحكمة حتى يتم تثبيت واقعة الزواج وتأصيلها قانوناً، وعليه يتم تسجيل الأطفال رسمياً.

 ويشير قرنفل إلى أنه في حال كان الزوج خارج البلاد فإنه يستطيع توكيل شخص يكون موجوداً في الداخل، ليقوم بالنيابة عنه بتوكيل محامٍ ليقوم بدعوى تثبيت الزواج في السفارات أو القنصليات التابعة للنظام، لكن وفي حال كان الزوج متوفياً فلا حل قانوني لهذه المشكلة بالمطلق.

وتحت عنوان “أبناء من” كشف رئيس تجمع المحامين السوريين الأحرار عن أن المشكلة غير مقتصرة على مدينة حلب، مؤكداً أن “هذا الحال يُعمم على كل الزيجات في المناطق المحررة في حال كان الزوج غائباً أو مختفياً، وخصوصاً إذا كان الزوج المتوفى غير سوري”.
وقال في هذا الخصوص “لن يُسجل الأطفال بالمطلق في المحاكم، وسيكونون بلا جنسية،  وهذا الأمر سيكون كارثياً بالنسبة لآلاف الأطفال، الذين لن يتمكنوا من الذهاب إلى المدارس”.
وحول تسجيل هؤلاء الأطفال كلقطاء أجاب قرنفل أن “هؤلاء الأطفال لا يسجلون كلقطاء، لأنهم ليسوا ثمرة علاقة غير مشروعة، وإنما هم نتيجة علاقة شرعية لا يمكن تثبيتها قانونياً”.
وبحسب القراءة السابقة يعتقد قرنفل أن الحل لهذه المعضلة القانونية يتطلب سَنّ قانون خاص بالمواليد مجهولي النسب، معرباً عن خشيته “من أن تطول فترة صدور مثل هذا القانون، لأنه إلى حين ذلك سيكبر الأطفال، وهم بلا هوية وبلا نسب”.

 

من جانبه رأى الحقوقي عبد الناصر الناصر في حديث قرنفل مقاربة من طرف واحد، معتبراً “السيناريو السابق صحيح بالمطلق في حال عدم إيجاد صيغة توافقية لمستقبل سوريا، وفي حال بقيَ النظام على ما هو عليه”.

وفي حديث خاص لـ”صدى الشام” أوضح الناصر أن الحل السياسي بالتأكيد سيقضي بالاعتراف بالوثائق القانونية الصادرة عن محاكم المعارضة، على أنها وثائق قانونية ورسمية بعد دراستها وتوثيقها أصولاً.
وتابع، في حال تم ذلك، فإن مشكلة النسب لهؤلاء الأطفال لن تكون معضلة بالمطلق، لكن قد تواجهنا بعض الصعوبات مع حالات الزيجات من أزواج متوفين غير سوريين.
وبيّن الناصر أن قسماً كبيراً من هذه الزيجات، تتم من دون معرفة بالاسم الحقيقي للزوج، وخصوصاً في حالات الزواج بعناصر من تنظيم الدولة، وهم الذين لا يُعرف عنهم أكثر من اللقب الذين اختاروه لأنفسهم.

 أبناء من؟

يعتزم مركز الكواكبي لحقوق الإنسان في الأيام القليلة المقبلة إطلاق حملة جديدة بعنوان “أبناء من” بهدف التوعية بمخاطر تجهيل اسم الزوج في عقود الزواج المبرمة في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، عبر دعوة النساء لرفض أي عقد لا يتضمن بشكل واضح اسم الزوج وجنسيته من واقع هويته أو جواز سفره، بالإضافة لبيان الوضع القانوني للأولاد ثمرة هذا الزواج مستقبلاً، ومن هو الأب الذي سينسبون إليه .
وبحسب القائمين على المركز فإن الحملة ستتضمن توزيع بوسترات في القرى والبلدات الخاضعة لسيطرة المعارضة، وإقامة ندوات قانونية للتوعية بهذا الموضوع.

 

 



صدى الشام