د.أحمد جميل عزم يكتب: محبو بوتين في البيت الأبيض


د.أحمد جميل عزم

قام الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، بتعيين مايكل فلين مستشارا للأمن القومي. وبالتعاون مع وزير الخارجية المعين ريكس تيلرسون، رئيس شركة “إكسون موبيل”، يتوقع أن يكون للمستشار القادم دور كبير في الشؤون الخارجية. ولعل أحد أبرز المشتركات بين ترامب وتيلرسون وفلين، هو أن ثلاثتهم “يحبون” الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ويريدون العمل معه، من دون أن يلغي هذا مواقف متناقضة لفلين حول موسكو. ويشترك فلين مع ترامب على الأقل بسمعة غير إيجابية، من حيث أنه يطلق تصريحات أو مواقف مسيئة لمن حوله.
عين الرئيس باراك أوباما، فلين مديرا للاستخبارات العسكرية الأميركية العام 2012، وتقاعد في 2014 قبل عام واحد من الموعد المتوقع. ونشرت حينها تقارير صحفية أنّ مهماته أنهيت بسبب سوء الإدارة، والإساءات للعاملين معه، وعدم الاستماع للمشورة، وأنه يتجاهل الحقائق ويصر على ما يريد أن يراه.
بحسب صحيفة “نيويورك تايمز”، فإن فلين أثناء عمله ذهب إلى روسيا محاولا إقناع موسكو بالتعاون في الحرب ضد “داعش”. لكن الأمور لم تمض كما يريد. رغم هذا، فإنه بعد تركه للعمل عاد إلى موسكو العام 2015، وتحدث في خطاب مدفوع الأجر في مؤسسة “روسيا اليوم”، التي تعتبرها وكالات الاستخبارات الأميركية أداة دعاية روسية. وحاول كثيرا، من دون فائدة، أثناء تلك الزيارة مقابلة مسؤول محطة الاستخبارات المركزية الأميركية في موسكو، بهدف إقناعه بعلاقة تعاون أفضل مع الاستخبارات الروسية.
وبحسب صحيفة “واشنطن بوست”، فإنّ مواقف فلين من روسيا بشكل خاص، تضعه في خلاف مع مجتمع أجهزة الاستخبارات الأميركية. وتقول الصحيفة: “يردد فلين علنا الدعاية الروسية؛ أن روسيا والولايات المتحدة لديهما مصالح مشتركة لمحاربة (تنظيم) داعش. ويضع ظهور فلين المتكرر على قناة “روسيا اليوم” للدفاع عن سلوك روسيا الدولي في تناقض مع مجتمع الاستخبارات (الأميركي)، ومع جناحي الكونغرس، ومع حلفائنا، ومع كل مستشاري ترامب للسياسة الخارجية الآخرين (لقد رد على مذيع متشكك من قناة “MSNBC”، بقوله: لا يمكننا أن نجعل روسيا عدوا. فروسيا دولة ذات دور كبير في الشرق الأوسط الآن)”.
في الواقع، ما تقوله “واشنطن بوست” عن أن كل مستشاري ترامب يختلفون مع فلين بشأن روسيا، قد لا يكون دقيقاً إذا ما نظرنا إلى سيرة وزير الخارجية صاحب الصداقة مع بوتين (انظر مقالتي في “الغد” بتاريخ 15/ 12/ 2016). لكن الصحيفة ذاتها تقتبس فقرة من كتاب نشره فلين العام 2016، بعنوان “ميدان القتال”، ونقلت قوله: “إنّ روسيا جزء من “تحالف مُعادٍ”، مرتبطة مع إيران”. “وهم بالتأكيد لا يحاربون الإرهابيين في الشرق الأوسط”. وكتب فلين ضد سياسة روسيا في سورية، وقال: “لا يوجد سبب للاعتقاد أن بوتين سيرحب بالتعاون معنا”. وتجب ملاحظة أن الجيش الروسي يؤسس قواعد عسكرية جديدة على حدوده الغربية ويحدّث أسلحته النووية. “هذا ليس سلوك بلد يريد الوفاق مع الغرب”.
هنا يصبح التساؤل عن التباين بين مواقف فلين المعلنة العملية وكتابه؟
لوهلة، يمكن تخيل ترامب ومسشاره للأمن القومي كمن يقرأ في سيرة الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون (1969-1974)، ومستشاره للأمن القومي هنري كيسنجر (1969-1975) عندما تحالفا مع الصين ضد الاتحاد السوفياتي؛ وأن ترامب وفريقه ينوون التحالف مع روسيا ضد الصين وفي الشرق الأوسط، خصوصا أن روسيا في المدى الاستراتيجي لا تمتلك قوة كافية لتصبح قوة عالمية منافسة (خصوصا بسبب الضعف الاقتصادي). لكن في الواقع، من المبكر افتراض وجود تفكير استراتيجي بعيد المدى لدى هذا الفريق، يصل إلى حد مواجهة بكين عبر موسكو. وربما لا يزيد الأمر حتى الآن عن مواقف شخصية وغير مدروسة تماماً، ولأهداف قصيرة المدى. إلا أنّ الثابت أنّ سيناريو تلاقي موسكو مع الإدارة الأميركية الجديدة قائم.
لعل التفاهم ضد “داعش” وفي سورية أحد مجالات التعاون الممكنة. وبالنسبة لإيران، فإنه بقدر ما يعلن ترامب وحلفاؤه الإسرائيليون موقفاً ضد طهران، فلا يمكن استبعاد أن يكون جزءٌ من التنسيق الروسي الأميركي المحتمل تطبيع علاقات طهران مع واشنطن، أو العكس؛ أي الاتفاق على إبعاد إيران من سورية.
بحسب المؤشرات الراهنة، ستسعى واشنطن إلى تفاهم مع موسكو. لكن مدى تجاوب الأخيرة، وعمق واتجاهات هذا التعاون، ما يزالان غير واضحين.

المصدر: الغد

د.أحمد جميل عزم يكتب: محبو بوتين في البيت الأبيض على ميكروسيريا.
ميكروسيريا -


أخبار سوريا 
ميكرو سيريا