الأولوية بالمياه لمناطق ميليشيات إيران وأصحاب "الواسطات".. هكذا أنهك الأسد سكان دمشق وتركهم يعانون


علي محمد الأمين - خاص السورية نت

انقلبت الحياة في العاصمة السورية دمشق رأساً على عقب، مع دخول أزمة المياه أسبوعها الثالث وانقطاعها عن قرابة 6 ملايين شخص، بسبب قصف النظام لنبع عين الفيجة في وادي بردى  بريف دمشق في 23 ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

وأثر ذلك على الحالة المعيشية لمواطني العاصمة، وخاصة محدودي الدخل وهم يشكلون غالبية السكان.

ونتيجة لذلك، أصبحت خيارات توفر المياه محدودة، وأحياناً معدودة، إلا من بعض الاستثناءات.

وبات الحصول على المياه في دمشق محصور بحالات ثلاث: الأولى بطريقة مادية، والثانية قائمة على أسباب طائفية، وثالثة تحكمها المحسوبيات و"الواسطات" وحجم النفوذ في نظام الأسد.

أسعار مرهقة للمواطنين

وفي الحالة الأولى يتم تعبئة المياه في  المنازل من خلال الصهاريج مقابل مبلغ مادي، وهذا ما جعل أسعار تعبئة الخزان الواحد من الصهاريج بين 5 إلى 25 ألف ليرة، حسب تصنيف المنطقة، ورقيها، والمزاج الذي يحكم البائع، وهذه الطريقة لا يحصل عليها الغالبية من سكان دمشق.

وأقرت "مديرية حماية المستهلك" في نظام الأسد بحدوث تجاوزات في هذه الطريقة المتبعة لإيصال المياه للمنازل، عندما هاجمت "محافظة دمشق" واتهمها بالتحيز في توزيع المياه، موضحةً أن "ظاهرة المحسوبية وما يمكن تسميته بالمناطق الراقية، دخلت على خط السير الذي تسلكه الصهاريج لتغير مجراها نحو تلك المناطق دون سواها، وعلى مرأى الجميع".

وهو ما أكده أيضاً سكان تحدثوا في شهادات متفرقة لـ"السورية نت"، وقالوا إن "أحياءً كالمالكي وأبو رمانة والشعلان تصلها صهاريج المياه بشكل شبه يومي، أما المناطق الأخرى كركن الدين ومساكن برزة فإن المياه الصهاريج والمياه شبه غائبة عنها".

الأولوية لمناطق نفوذ الميليشيات

أما الطريقة الثانية للحصول على المياه، فلا تخلو من اعتبارات طائفية، وهذا ما صرحت به زهراء الحسن، التي تسكن في حي زين العابدين ضمن منطقة الصالحية، الذي يقطنه أغلبية شيعية، قائلةً: "تأتي الصهاريج إلينا في الحي بشكل شبه يومي، ويتم تعبئة معظم الخزانات مجاناً".

والحال نفسه ينطبق على حي الأمين بدمشق، إذ يصل الكثير من صهاريج المياه للمنطقة ويتم تزويد الناس هناك دون أي مقابل مادي، بحسب ما أكده مصدر هناك لـ"السورية نت".

ويعتبر هذا الحيان بمثابة مركزين لنفوذ الميليشيات المدعومة من إيران كـ"حزب الله" و"لواء أبو الفضل العباس"، واستطاعت هذه الميليشيات توسيع نفوذها بدمشق مستغلة اعتماد النظام بشكل كبير عليها في معاركه مع المعارضة السورية.

وتقو نوال وهي ربة منزل تقطن في ركن الدين، إن حيّها من الأحياء المغضوب عليها ولا تصل إليها المياه أو الصهاريج سوى نادراً، مؤكدةً أنه منذ انقطاع المياه لا طريقة لديها لتعبئة المياه سوى من الحدائق التي تحوي آبار لا يعرف مدى صلاحيتها للشرب، أو من خلال بعض المساجد التي تعتمد على الآبار، أو مخصصات وزارة الأوقاف.

"المياه بحجم الواسطة"

وعن الطريقة الثالثة للحصول على المياه فإنها تتعلق بالمنصب وما يمكن أن يقدم لك من مزايا وهذا حال رئيس الحكومة السابق وائل الحلقي، والأسبق عادل سفر حيث استغاثا بـ"وزارة الزراعة" لتأمين صهاريج المياه لمنزليهما، بحسب ما ذكره موقع "داماس بوست" التابع للنظام.

ونقل الموقع عن مصادره أن "وزير المالية السابق اسماعيل إسماعيل، وأعضاء القيادة القطرية طلبوا أيضاً من الوزارة تأمين المياه لمنازلهم، وقد لبت الوزارة الطلب".

وشهدت "محافظة دمشق" حالة استنفار في مؤسسات الدولة لتأمين المياه، ووصلت أزمة المياه إلى البعثات الدبلوماسية حيث طالب السفير الهندي بدمشق من المحافظة تأمين صهريج مياه للسفارة، وفقاً للموقع ذاته.

"الفقراء هم الخاسرون"

وتؤمن الغالبية العظمى من سكان العاصمة مياهها بعيداً عن الحالات الثلاثة المذكورة، وهو ما يجلعها أكثر المتضريين، وتنحصر طرقها في الحصول على المياه بـ:

1-    الذهاب إلى الآبار الموجود في الحدائق، لكن هناك مشكلة أن هذه الآبار قد تكون غير صالحة للشرب وقد أكدت "وزارة الصحة" في حكومة الأسد ذلك عن طريق مدير الأمراض السارية بـ"وزارة الصحة" هاني اللحام حيث قال: "رصد المديرية عدة آبار غير صالحة للاستخدام ومنع ضخ المياه منها للمواطنين".

2-    انتظار بعض الصهاريج التي تزور بعض المناطق على استحياء، عن طريقة تعبئة الكالونات للناس.

3-    الاستعانة بصهاريج "ولاد حلال" تستطيع تأمين المياه بمبلغ معقول، وهذا نادر في دمشق.

4-    الاستعانة بأحد عساكر وضباط الأسد، أو أن تكون من حزب البعث، بغية تأمين المياه وهذه تحتاج واسطة كبيرة.

5- الاعتماد على صناديق المياه في دمشق، والتي تباع في المحلات التجارية وسعر العبوة منها يصل لـ200 ليرة سورية، علماً أن سعرها الرسمي 120 ليرة سورية.

ويشار إلى أن نظام الأسد وميليشيا "حزب الله" الإرهابي يشنون منذ 23 ديسمبر/ كانون الأول هجوماً عسكرياً كبيراً على وادي بردى في ريف دمشق.

وتتكون منطقة وادي بردى من 13 قرية، تسيطر المعارضة على تسعة منها، في حين يُسيطر النظام والميليشيات الموالية له على أربعة قرى، ويقطن في المنطقة 130 ألف شخص، معظمهم لجؤوا إليها من مناطق مختلفة من سوريا.

وقد أدى القتال في  وادي بردى إلى تشريد ما يقدر بـ 10 آلاف من الرجال والنساء والأطفال من المنطقة، بما في ذلك 7500 شخصاً مسجلين لدى "الهلال الأحمر العربي السوري"، في المناطق التي تسيطر عليها قوات النظام، فضلاً عن وفاة ما لا يقل عن 30 مدنياً جراء القصف.

وتعد منطقة وادي بردى التي تحوي نبعاً للمياه الصالحة للشرب يغذي دمشق وريفها، أكثر منطقة تشهد خرقا لاتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل له في 30 ديسمبر/ كانون الأول الماضي بضمانة من قبل تركيا وروسيا.

وتسبب نظام بشار الأسد في قطع المياه عن قرابة 6 ملايين شخص، بعد استهدافه لنبع عين الفيجة في وادي بردى بالبراميل المتفجرة، ما أدى إلى تضرره وخروجه عن الخدمة بالكامل، فيما تحذر الأمم المتحدة من كارثة جراء انقطاع المياه في دمشق وريفها.




المصدر