المعارضة إلى الأستانة .. ووادي بردى في قبضة النظام

17 كانون الثاني (يناير - جانفي)، 2017
11 minutes

كما هي العادة قبيل كل استحقاق تفاوضي مع النظام، طفحت ساحة المعارضة السورية بكثير من الجدل والاختلافات بشأن المشاركة في مفاوضات الأستانة المقترحة مع نظام الأسد في 23 الشهر الجاري برعاية تركية – روسية ومشاركة دولية خجولة.

وبعد اجتماعات ماراثونية في العاصمة التركية أنقرة شاركت فيها مختلف أطياف المعارضة السورية من فصائل عسكرية وقوى سياسية وناشطين كان الرأي الراجح هو الموافقة على حضور مفاوضات الأستانة رغم تحفظ واعتراض بعض الفصائل التي رأت في خروقات النظام لاتفاق وقف إطلاق النار المعلن في 29 الشهر الفائت سبباً كافياً لرفض المشاركة، فضلاً عن عدم الثقة بروسيا كدولة راعية للمفاوضات بوصفها دولة محتلة لسوريا وتقف في خندق واحد مع نظام الأسد.

وحسب تصريحات مختلفة، قررت الفصائل إرسال وفد الى الأستانة برئاسة رئيس الهيئة السياسية في “جيش الإسلام” والمفاوض السابق في محادثات جنيف، محمد علوش.

وفي تصريحات صحفية، قال علوش إن الهدف من هذه المشاركة هو ” تحييد الدور الإجرامي لإيران في الصراع السوري”. وكان علوش مفاوضاً بارزاً في الهيئة العليا للمفاوضات خلال جولات محادثات السلام السابقة في جنيف والتي رعتها الأمم المتحدة.

وأشارت مصادر إلى أن من بين الأسماء التي ستحضر مؤتمر الاستانة كل من منذر سراس ونزيه الحكيم عن فيلق الشام ، ويامن تلجو  ومحمد علوش عن جيش الإسلام ، والعقيد أحمد سلطان عن فرقة السلطان مراد ، والنقيب أبو جمال عن لواء شهداء الاسلام (داريا)، وأبو قتيبة عن تجمع فاستقم، وأبو ياسين عن الجبهة الشامية ، والرائد ياسر عبد الرحيم عن غرفة عمليات حلب، إضافة إلى كل من نصر حريري وأسامة أبو زيد. في حين رفضت فصائل أن تتمثل في الأستانة ومن أبرزها أحرار الشام وصقور الشام و فيلق الرحمن وثوار الشام وجيش إدلب وجيش المجاهدين.

 

 

غير أن أسامة أبو زيد المتحدث الرسمي باسم الفصائل المشاركة بالتحضير لمفاوضات الأستانة نفى أن يكون هناك أي انقسامات بين الفصائل، مشدداً على أن الوفد الذي تم تشكيله للمشاركة في المفاوضات يمثل جميع الفصائل الموقعة على الهدنة في أنقرة في ٢٩ الشهر الماضي أو التي انضمت لها لاحقاً بما في ذلك حركة أحرار الشام التي قال أنها تدعم هذا الوفد .

وأوضح أبو زيد أن تشكيل الوفد جاء بعد تأكيدات تركيّة أن ما سيتم بحثه في الأستانة هو فقط تثبيت وقف إطلاق النار والخروقات، الأمر الذي شجع الفصائل على حضور هذه المفاوضات.

كما أكد على هذه النقطة زكريا ملاحفجي المتحدث باسم تجمع “فاستقم” الذي قال  إن الشيء الوحيد الذي ستبحثه الفصائل في أستانة هو وقف إطلاق النار والخروقات من جانب النظام، إضافة الى المسائل الإنسانية مثل إيصال المساعدات والإفراج عن المعتقلين.

من جهته، نفى رئيس المكتب السياسي لـ”لواء المعتصم”، أحد فصائل الجيش السوري الحر “مصطفى سيجري” ما تم تداوله حول ضغوطات يمارسها الجانب التركي على الفصائل، قائلاً أن تركيا لن تفرط بحق الشعب السوري.

وكانت الهيئة العليا للمفاوضات أعلنت دعمها للوفد العسكري المفاوض في مباحثات أستانة، وأكدت استعدادها لتقديم الدعم اللوجستي للوفد. وأعربت الهيئة بعد اجتماع لها في الرياض عن أملها بأن يتمكن لقاء الأستانة من ترسيخ الهدنة وبناء مرحلة الثقة عبر تنفيذ البنود 12 و13و14 من قرار مجلس الأمن 2254 عام 2015، وخاصة فيما يتعلق بفك الحصار عن جميع المدن والبلدات المحاصرة وإدخال المساعدات وإطلاق سراح المعتقلين.

 

 

 وادي بردى

وجاءت الموافقة على حضور مفاوضات الأستانة بالرغم من مواصلة النظام حملته العسكرية على وادي بردى، حيث تمكنت قواته هناك بالتعاون مع ميليشيا حزب الله من السيطرة على بعض بلدات الوادي مثل قرية بسيمة بينما تسعى بشكل حثيث للسيطرة على بلدة عين الفيجة والوصول بالتالي إلى نبع الفيجة الذي ما زالت مياهه متوقفة عن التدفق باتجاه العاصمة دمشق، بسبب العراقيل التي يضعها النظام أمام ورش الإصلاح التي دخلت المنطقة منذ أيام، لكن أعمالها توقفت إثر اغتيال قوات النظام اللواء المتقاعد أحمد الغضبان، وهو أحد أبناء المنطقة، ويقيم في بلدة عين الفيجة، وقد جرى تكليفه بالإشراف على تنفيذ وقف إطلاق النار في منطقة الوادي .

وقالت الهيئة الإعلامية في وادي بردى إن اللواء المتقاعد كان متجهاً للتفاوض والاحتجاج على استمرار التصعيد العسكري رغم بدء الاتفاق، وخلال وجوده على حاجز رأس العامود في دير قانون قام العميد قيس فروه وميليشيا حزب الله بإطلاق النار عليه.

وأكد ناشطون أن النظام لم يلتزم باتفاق وقف إطلاق النار رغم دخول ورشات الصيانة إلى نبع عين الفيجة، ما دفع بالفصائل لإخراج الورشات من النبع.

وكانت الطائرات الحربية استهدفت الشهر الماضي نبع عين الفيجة بعدة غارات جوية ما أسفر عن خروج النبع عن الخدمة وانقطاع المياه عن أحياء مدينة دمشق.

وتشير آخر المعطيات الى أن الفصائل المقاتلة تمكنت من استعادة السيطرة على نقاط في بلدتي بسيمة وعين الخضرا في منطقة وادي بردى بعد أقل من 12 ساعة من إحكام ميليشيا حزب الله السيطرة عليهما، وذلك إثر هجوم معاكس قامت به ضد عناصر النظام والحزب في البلديتين.

وتحاول قوات النظام إطباق الحصار على المدنيين في قريتي دير قانون وعين الفيجة بهدف إجبار الفصائل على تنفيذ طلباتها والمتمثلة بالتهجير القسري للمدنيين والفصائل إلى إدلب على غرار ما جرى في مناطق أخرى بريف دمشق.

وفي إطار هذا المسعى تتعرض المنطقة  التي يعيش فيها أكثر من 100 ألف مدني إلى قصف جوي ومدفعي عنيف خلّف الأحد مجزرة مروعة بحق المدنيين العزل في دير قانون، راح ضحيتها أكثر من 12 قتيلاً و20 جريحاً، فضلاً عن دمار كبير في البنى السكنية.

وقبل اغتيال اللواء الغضبان، كان الجانبان توصلا إلى اتفاق يقضي بتوقف الأعمال العسكرية، وإجراء صيانة لمنشآت نبع عين الفيجة، ما يسمح بعودة تزويد العاصمة دمشق بالمياه بعد انقطاع دام نحو ثلاثة أسبوعين. ويتضمن الاتفاق أيضاً عودة كل الأهالي إلى قراهم  في بسيمة وعين الفيجة وإفرة وهريرة، إضافة الى دخول أفراد من الشرطة المدنية لحماية النبع مع فصائل المنطقة، دون تدخل قوات النظام أو حزب الله على أن تكون المنطقة تحت إدارة اللواء الغضبان.

 

 

 جيش وطني سوري

وبالتوازي مع هذه التطورات أعلن القيادي البارز في الجيش الحر مصطفى سيجري رئيس المكتب السياسي في  لواء المعتصم أن الخطوات الأولى بدأت لتشكيل “جيش وطني” من أبناء الثورة السورية بدعم تركي كامل.

وأوضح سيجري أن الدعم التركي لهذا الجيش هدفه الوصول الى مرحلة تنتفي معها الحالة الفصائلية معتبراً في تعليقات له على مواقع التواصل الاجتماعي أن الالتحاق في صفوف الجيش واجب وضرورة لمن أراد بناء سورية المستقبل بعيدًا عن التكتلات والتحزبات وأمراء الحرب والمصالح الشخصية، وفق تعبيره.

ودعا لأن تكون نواة هذا الجيش وكوادره القيادية من النخب والكفاءات، وأصحاب الخلق الطيب والعقيدة الصحيحة والشباب المؤمن، حتى لا نعيد تجربة جيش آل الأسد.

وكانت مصادر عسكرية  تحدثت عن مسعى لعدد من فصائل الجيش الحر للقيام بخطوات اندماجية واسعة في الشمال السوري، برعاية تركية.

 

 

 دير الزور

في غضون ذلك واصل تنظيم الدولة تقدمه في محيط مدينة دير الزور من الجهة الجنوبية، في محاولة لفصل المطار العسكري عن الأحياء الغربية من المدينة.

وتفيد المعطيات بتقدم التنظيم جنوب مدينة دير الزور، في مبنى تجمع المهندسين، ومحيط منطقة المقابر بهدف فصل المطار العسكري في المدينة وحي هرابش في الجهة الشرقية عن أحياء الجورة والقصور واللواء 137 والمربع الأمني في الجهة الغربية.

وكان مقاتلو التنظيم شنوا السبت الماضي هجوماً على ثلاثة محاور رئيسية داخل وخارج المدينة في محيط المطار العسكري والقطع العسكرية المنتشرة على أطرافه، وسيطروا على مباني مساكن الضباط المشرفة على طريق دمشق- دير الزور وعلى كتيبة الرحبة المحيطة بالمطار العسكري بعد أن سلم عدد من جنود النظام في كتيبة الرحبة أنفسهم عقب انسحاب معظم ضباطها ومسؤوليها العسكريين.

ويقول ناشطون أن معظم عناصر الرحبة قرب مطار ديرالزور التابعين لقوات النظام هم من المعتقلين الذين جلبهم النظام من سجن عدرا ليقاتلوا مرغمين في صفوفه في جبهات ديرالزور.

ويعيش الأهالي في دير الزور معاناة مزدوجة من جانب قوات النظام التي تقصف بشكل عشوائي المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة، بينما تقوم بحملات اعتقال وتنكيل بحق المواطنين الموجودين في مناطق سيطرتها الذين يتعرضون بدورهم للقصف من جانب عناصر “داعش” والذي أسفر عن مقتل ثلاثة منهم يوم السبت الماضي. كما تتعرض هذه المناطق لهجمات مستمرة من جانب طيران التحالف الدولي والطيران الروسي.

وإزاء هذه المعاناة التي يعيشها أهالي دير الزور بصمت ودون اهتمام إعلامي بمدينتهم أطلق  ناشطون سوريون من أبناء المدينة حملتين تحت عنوان “على ضفتي الموت” و”وجع الفرات” بغية لفت الانتباه الى المحنة التي تعيشها مدينتهم  وتدهور الأوضاع الإنسانية والمعيشية فيها، ومعاناة النازحين من مناطق تنظيم الدولة.

وكانت نخبة من أبناء المدينة من إعلاميين وحقوقيين وناشطين ومواطنين وجهوا في الخامس من الشهر الجاري نداءاً إلى المجتمع الدولي وتركيا والفصائل المشاركة بوقف إطلاق النار بضرورة وقف قتل المدنيين في مدينة ديرالزور التي تتعرض لشتى أنواع الانتهاكات من قبل تنظيم داعش ونظام الأسد على حد سواء.

في غضون ذلك تتواصل الاشتباكات بين قوات النظام و تنظيم الدولة في ريف حمص الشرقي خاصة  في محيط مطار التيفور العسكري ومحيط المحطة الرابعة في إطار هجوم واسع تشنه قوات النظام على المنطقة بغية استعادة ما خسرته مؤخراً أمام التنظيم من حقول نفط وغاز.

[sociallocker] صدى الشام
[/sociallocker]