حسن ينجح في الوصول إلى ألمانيا ويفجر مفاجأة

حسن ينجح في الوصول إلى ألمانيا ويفجر مفاجأة

ولد حسن في منطقة الرحاب التي تقع على أطراف العاصمة بيروت، والتي تفتقر إلى أدنى مقومات العيش الكريم. وقد أصبح مطلوباً كالعشرات من أبناء منطقته إلى أجهزة الدولة اللبنانية. حسن الذي كان، إبان الحرب، يعمل في جمع الخردة على خطوط التماس بين ما يعرف ببيروت الشرقية والغربية، فقد أحد أطرافه في انفجار لغم أرضي. ومع انتهاء الحرب الأهلية لم يترك باباً إلا وطرقه بحثاً عن وظيفة. لكن الجواب الذي كان يسمعه: "ليس لدينا وظائف شاغرة". منذ شهور عدة، كان حسن يأمل السفر إلى تركيا، فحاول استخراج جواز سفر لبناني لكن الأمن العام رفض طلبه لأنه مطلوب بقضايا متعددة، منها زعزعة الاستقرار الوطني. فحاول أن ينهي ملفاته العالقة من خلال بعض الأحزاب النافذة، لكنه فشل ولم يعد أمامه إلا أن يعد العدة للهروب من لبنان بالطرق غير الشرعية. يأس حسن وإصراره على الرحيل، دفعاه إلى البحث عن قوارب الموت. فتوجه إلى الشمال وكان لقاءه الأول مع المهربين حيث استفسر فيه عن سير "قوارب الموت" والوجهة النهائية لها. وكالعادة، كانت تطمينات المهربين أن القارب يعمل على أحسن وجه، وأن الرحلة باتجاه اليونان لن تستغرق أكثر من يوم ونصف على أبعد تقدير. ضياع عاد حسن إلى منطقته وبدأ يجمع شمل المطلوبين. وهو يقول إنه اجتمع مع بعض النافذين في الأحزاب السياسية في منطقته وأطلعهم على خطته، التي تقضي باخراجه وبعض الشباب من المنطقة، فوافقوا على تغطية خروجهم. وهكذا كان. تغطية سياسية وتغطية أمنية وموعد سفر بقارب غير شرعي. مع وصولهم إلى الشمال تجمع حسن ورفاقه مقابل أحد الشواطئ، وكان الاتفاق مع المهربين يقضي ألا يحمل القارب أكثر من عشرين شخصاً. لكن الاتفاق نقض منذ اللحظة الأولى، وبدأت أعداد كبيرة من المهاجرين تصل تباعاً، إلى القاربين، حتى بلغ عددهم 114 شخصاً بينهم نساء وأطفال من جنسياتٍ سورية وفلسطينية ولبنانية. بداية الرحلة كانت موفقة، لم تكشف البحرية اللبنانية القاربين. ومع مضي الساعات تعطل القارب الأول بسبب الوزن الزائد، وتبعه المركب الثاني. وضاع القاربان ومن فيهما في مياه المتوسط. ظن المهاجرون أن لا سبيل لهم إلى النجاة. لكن بارقة أمل لاحت عندما التقوا بقارب صيد، وبدأت نداءات الاستغاثة. وما هي إلا دقائق حتى بدأت طوافات عسكرية وخفر السواحل ترصد القاربين. وتم سحبهما إلى الشواطئ القبرصية. اعتقال وتحقيق وارهاب مع وصول القاربين إلى قبرص بدأت المساعدة الفورية للركاب، وقدّمت لهم مجموعة من العسكريين مجهولي الهوية الطعام والشراب والفحوصات الطبية. وما إن تنفس المهاجرون الصعداء، بدأوا الاستفسار عن مكانهم، فكانت الإجابة "الصدمة" أنهم في قبرص في قاعدة عسكرية بريطانية. طلب البريطانيون من المهاجرين التوجُّه إلى مجمع للاجئين في منطقة ديكيليا، على مقربة من لارنكا، ووعدوهم بتقديم التسهيلات لمتابعة رحلتهم، ولاسيما أن وجهتهم المقبلة هي اليونان. ومع وصولهم إلى ديكيليا بدأ القيمون على المجمع وضع السياج الشائك حول "معسكر الاحتجاز". انقضت الأيام على مرأى من حسن ورفاقه، وحل فصل الشتاء وصار لعنةً أخرى تهدد حياة اللاجئين بعدما زودتهم السلطات القبرصية بخيم لا تتوافر فيها أدنى وسائل التدفئة ولا تقي من البرد القارس. حتى الملابس البالية التي قدمتها المؤسسات الدولية لم تقِ هؤلاء برد قبرص. وتكاثرت الأمراض ووصل الأمر إلى الشح في وجبات الطعام. مرت الأيام وحالة التململ وصلت بحسن ورفاقه إلى التهديد بقتل أنفسهم وتحولوا من مطلوبين في لبنان إلى معتقلين في قبرص. وتفاقمت الأوضاع المأسوية ووصلت إلى ذروتها. حتى اندلعت "انتفاضة" داخل المعسكرات البريطانية. فما كان من السلطات القبرصية إلا أن رضخت إلى مطالب اللاجئين وبدأت تفاوضهم، وخيّرتهم بين خيارين: إما العودة إلى لبنان أو تقديم طلبات لجوء على جزيرة قبرص. رضخ بعض المهاجرين للطلب القبرصي وقدموا أوراقهم وتحولوا من مطلوبين في لبنان إلى لاجئين في قبرص. ونتيجة لهذه الأوضاع بدأ القسم الأكبر من اللاجئين إرسال عائلاتهم إلى لبنان. حاول حسن ورفاقه العودة إلى لبنان، لكن اتصالهم بإحدى الجهات السياسية النافذة في لبنان نهاهم عن الأمر وأجبرهم على الاختيار بين المخاطرة أو العودة إلى السجون اللبنانية. فتسلل حسن ورفاقه إلى القسم التركي من جزيرة قبرص، حتى استقر بهم الأمر في مدينة أزمير التركية التي تقع على بحر ايجة. وهناك استخرج حسن ورفاقه أوراقاً ثبوتية سورية والتحقوا بالقوارب التي تعبر بين تركيا واليونان. ما إن وطأت قدما حسن الأراضي اليونانية حتى بدأت رحلته في اتجاه الاتحاد الأوروبي، فالتراجع لم يكن خياراً لحسن، الذي وقع بين خيارين. إما السجن أو الحياة، والوصول إلى المانيا. ما إن وصلوا إلى المانيا حتى ادعى الجميع أنهم من سوريا. وهناك، قبلت طلبات لجوئهم على أنهم سوريون. لكن المفاجأة الكبرى التي كان يخبئها حسن ولم يكشف عنها إلا بعد حصوله على اللجوء، هي أن الأموال التي حصل عليها لرحلته كانت من خلال بيعه ورفاقه قطع السلاح والذخيرة التي زودهم بها أحد الأحزاب اللبنانية تحت شعار "سرايا المقاومة".

حسن ينجح في الوصول إلى ألمانيا ويفجر مفاجأة

رامي عيشة- المدت