ضابط أمن في “دمّر” يعتدي جنسياً على النازحات وزوجات المعتقلين

17 يناير، 2017

ما تزال قصص الانتهاكات التي ارتكبتها وترتكبها قوات النظام عبر سنوات الثورة السورية بحق المعتقلين والمعتقلات تظهر بين الحين والآخر، وإن كانت التسريبات والصور لعبت دوراً في إظهار جانب من الممارسات اللاإنسانية فإن هناك من الحالات ما يبقى في الظل لفترة طويلة خصوصاً تلك التي تتخذ بُعداً اجتماعياً أخلاقياً، الأمر الذي يجعل بَوح ضحاياها بتفاصيل تجاربهم ضرباً آخر من المعاناة، وذلك تحت تأثير العبء النفسي الذي تتركه الواقعة مضافاً إليه نظرة المجتمع إلى الضحية.

ومع أن الحديث عن السمعة السيئة للأفرع الأمنية التابعة للنظام ليس جديداً لكن الجديد ربما هو ارتباط العنف والاعتداءات بشخصيات معينة ليصبح الأمر أقرب ما يكون إلى نهجاً انتقامياً يستهدف الثوار ومن ينتسب لهم أكثر من كونه حوادث متفرقة.

الضابط “مفيد ي” الذي يدير فرعاً أمنياً في منطقة دمّر غرب العاصمة دمشق لم يكن سوى نموذج لتلك الشخصيات بعد أن “تخصص” بالتعرض لزوجات المعتقلين بالعنف الجسدي والجنسي حسبما تبيّن من لقاء صدى الشام بعدد من الضحايا اللاتي وقعن فريسةً لهذا الضابط.

في التفاصيل، فإن الضابط “مفيد ي” الملقّب بـ “أبو علي” درجَ على استدعاء أي امرأة في الحي يَعرف أنها نازحةً إلى المنطقة أو أن زوجها معتقل بحجّة استجوابها وأخذ إفادتها، ليقوم باغتصابها.

ومن بين من وقعوا في قبصة الضابط كانت الشابّة “نهى” 19 عاماً التي روت لصدى الشام ما جرى معها  قبل أشهر حين ذهبت إلى الفرع للحصول على إفادة سكنٍ لمنزل استأجرته مع عائلتها في المنطقة بما أنهم نازحون، وأضافت: “أرسلني العناصر إلى مكتب الضابط لإتمام المعاملة، ولدى دخولي لاحظتُ أن الغرفة كانت مُعتمةً تماماً ولا وجود لأي ضوءٍ فيها”.

وسط هذا الظلام راح ضابط يوجه أسئلة عامة لنهى، “من أين أنتِ؟، ماذا تفعلين في هذه المنطقة؟، مع من تقيمين؟ هل لديك أقرباء يقاتلون في صفوف الجيش الحر؟”

وتتابع نهى:”بعد وابل الأسئلة هذه أُصبتُ بالصدمة ولم أعد أستطيع الإجابة، فما لبث أن اقترب مني وبدأ بالصراخ”، موضحةً أن اهتمامها كان منصبّاً على الهروب من المكتب لكن محاولتها باءت بالفشل بعد أن رد عليها الضابط خلال محاولتها الخروج: “مفكرة دخول الحمام متل طلوعو”.

عندها ألقى “أبو علي” بالفتاة على كرسيٍ كان بمكتبه وبدأ بالاعتداء عليها جنسياً، وحاولت الفتاة مقاومته دون جدوى، “لقد كانت جثته ضخمة جداً ولا أملك القوة على مواجهته” تقول الشابة.

تتحدّث الفتاة عن هذه اللحظات بمرارة: “عندما انتهى مني وأفقدني عذريتي شعرت أن حياتي انتهت. ارتديت ثيابي وخرجت دون وعي”، وتضيف: “كنت أنزف نزيفاً حاداً، فذهبت إلى عيادة في المنطقة مع إحدى صديقاتي وحصلت على العلاج بعد أن تهرّبتُ من أسئلة الطبيبة، وعائلتي لا تعرف بالأمر حتى الآن”.

لكن نهى ليست الضحية الوحيدة، حيث تعرّضت “رنا” لحادثة مشابهة. وبعد عدة محاولات وافقت رنا على الكلام بعد أن ظلت لفترة طويلة تحت تأثير الخوف والصدمة النفسية منذ تعرّضها للاغتصاب.

تنحدر “رنا” البالغة من العمر 26 عاماً من مدينة داريا، ولكونها من هذه المدينة الثائرة، ونتيجة تعرّض زوجها للاعتقال قبل مدّة طويلة، فقد تم استدعاؤها لمكتب التحقيق في الفرع ذاته الذي يديره “أبو علي”، وقتها ظنّت الفتاة أن استدعاءها جاء على خلفية وصول خبر متعلق بالإفراج عن زوجها، فهرعت مسرعةً إلى الفرع.

تروي “رنا” قصّتها لـ “صدى الشام” وتقول: “دخلت إلى مكتبه المُعتم، فتوجّه إليها الضابط بسؤاله: “لماذا زوجك معتقل؟ ومع من كان يتعامل؟”، أثارت هذه الأسئلة الخوف لدى الفتاة التي ظنّت أنه جاء دورها بالاعتقال، وأن شكوكاً تحوم حولها بتهمةٍ ما، فأجابت بأنها لا تعرف سبب اعتقال زوجها.

“لقد صاح بوجهي : كذّابة” وأنا أعرف ماذا أريد أن أفعل بك الآن” تتابع رنا التي حاولت المغادرة في ذلك الوقت لكنها سمعت الرد من الضابط: “ستذهبين لكن بعد أن آخذ منكِ ما أريد”.

تضيف رنا عن الواقعة :”رماني على الأرض واعتدى على جنسياً دون أن أتمكّن من مقاومته، فالصراخ لا ينفع”، موضحةً أنه بدأ بتصويرها خلال اعتدائه عليها، وهو يقول لها: “احتفظي بهذه الصور ليراها زوجكِ إذا خرج من المعتقل”.

وإلى جانب الحالتين السابقتين فقد تعرضت “سهام” النازحة من داريا والمقيمة حالياً في صحنايا بريف دمشق لاعتداء من قبل الضابط نفسه. غير أنه رفضت الإدلاء بأي تفاصيل لدى محاولة صدى الشام التحري عن الأمر على مدى أكثر منذ أسبوعين. وعللت سهام تحفظها على الحديث بالخوف على سلامتها، وأردفت متسائلة: “لماذا أصرّح عن هذه الحادثة رغم علمي بعدم وجود أحد يستردّ حقّي”.

[sociallocker] صدى الشام
[/sociallocker]