المواجهات الأخيرة بين فصائل المعارضة بإدلب.. ما أسبابها ودور "جند الأقصى" فيها؟


شهدت مدن وبلدات في محافظة إدلب شمال سوريا، خلال اليومين الماضيين، توتراً حاداً بين الفصائل المسلحة التابعة للمعارضة، حيث تطورت إلى اشتباكات بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، تزامناً مع حالات اعتقال وسيطرة على مقرات وحواجز فيما بينها، ما أدى إلى سقوط شهداء مدنيين وحالة احتقان لدى الأهالي.

تبادل اتهامات

المواجهات اندلعت بين حركة "أحرار الشام" من جهة وجبهة "فتح الشام من جهة أخرى، واللذان يعتبران من أكبر فصائل المعارضة في الشمال السوري، تزامناً مع قبول المعارضة بحضور مؤتمر "أستانا" المزمع عقده نهاية الشهر الجاري في كازاخستان، والذي من الممكن أن يؤسس لتحضيرات "الحل السياسي والسلام" في سوريا.

ناشطون من ريف إدلب تحدثوا لـ"السورية نت"، أن "بداية الخلاف كانت على خلفية اعتقال أحرار الشام لأحد عناصر فتح الشام وهو عراقي  الجنسية، في ريف جسر الشغور التابع لمحافظة إدلب، بتهمة السطو على أحد مقرات أحرار الشام بريف جسر الشغور وسرقة أسلحة وذخائر من داخل المقر، في حين نفت فتح الشام التهم الموجهة لعنصرها مطالبة بالإفراج الفوري عنه".

وأضاف الناشطون، أنه "في هجوم مباغت لفتح الشام على مقرات وحواجز لأحرار ة في منطقة خربة الجوز الحدودية مع تركيا ومنطقة الزعينية، أسفرت عن سيطرة فتح الشام على معبر خربة الجوز كما أسرت جبهة فتح الشام مقاتلين للحركة في منطقة الزعينية".

وفي سياق متصل تحدث "أبو حفص الشام" قائد عسكري في "أحرار الشام" لـ"السورية نت" أن بوادر اتفاق  يدور حاليا مع فتح الشام بتسليم معبر خربة الجوز لأحرار الشام والإفراج الفوري لجميع المعتقلين بين الطرفين على خلفية الأحداث الأخيرة، عن طريق وجهاء وجهات عسكرية أخرى (لم يذكرها)"، مضيفاً، " لقبول انسحاب فتح الشام من قرى وبلدات دخلتها خلال اليومين الماضيين في جبل الزاوية بريف إدلب".

الصراع بن "جند الأقصى" و"أحرار الشام"

تنظيم "جند الأقصى" والذي انضم مؤخراً لـ"فتح الشام"،عمد على استغلال التوتر الحالي بين "فتح الشام" و"أحرار الشام"، حيث يرى العديد من الناشطين وعسكريين، أن الأخير يسعى إلى فرض نفوذه وأجندات مستغلاً، انضمامه لـ"فتح الشام".

وذكر أحد الناشطين الإعلاميين، العاملين بريف إدلب، لـ"السورية نت" أن "الاشتباكات انتقلت يوم أمس الجمعة إلى عدة قرى بجبل الزاوية، حيث عمد عناصر من فتح الشام باقتحام قرى، كنصفرة وإبلين اللتين سيطرت عليهما فتح الشام، بالإضافة لقرى بليون ومشون وإبديتا التي استعادتها أحرار الشام عقب اشتباكات أمس".

وأكد الناشط الذي رفض الكشف عن اسمه، أن" العديد من عناصر جند الأقصى سابقاً، والمنضمين لفتح الشام كانوا من ضمن العناصر المشاركة في اقتحام قرى جبل الزاوية أمس"، مشيراً "إلى هدوء ساد المنطقة، في ظل احتقان بين الفصيلين من الممكن أن يتحول إلى اشتباكات في أي لحظة".

ونوه المصدر، أن الاشتباكات لم تقتصر على قرى جبل الزاوية فحسب وإنما انتقلت إلى قرية قميناس المتاخمة لبلدة سرمين والتي تعتبر مركزاً لعناصر جند الأقصى (فتح الشام حالياً) على خلفية قيام أحرار الشام بتعزيز وجودها داخل القرية، على إثرها اندلعت اشتباكات عنيفة ليلة أمس، استمرت لساعات، حيث استخدمت خلالها أسلحة خفيفة ومتوسطة".

وأضاف المصدر أن "الاشتباكات أسفرت عن سقوط ثلاثة شهداء، أم وطفليها أثناء مرورهم بسيارة على حاجز بين بلدتي سرمين وسراقب، يعتقد أنه يتبع لجند الأقصى، في حين لم يتم التعرف على حجم الخسائر البشرية بين الفصيلين حتى الآن".

ويحمل كثيرون مسؤولية الاشتباكات الدائرة في جبل الزاوية وقميناس، إلى حالة الاحتقان والخلاف المنهجي بين "أحرار الشام" و"جند الأقصى"، حيث يعتبر الأخير "أحرار الشام" نداً له متهماً إياها بتلقي أوامر خارجية بمحاربتهم والقضاء عليهم، في حين يحمل عناصر الحركة "الجند" مسؤولية الاغتيالات التي طالت قادة وعناصر لهم في ريف إدلب، متهمينهم بعلاقة مع تنظيم "الدولة الإسلامية" و تلقيهم أوامر مباشرة من قادة التنظيم في الرقة في افتعال أحداث الشغب وعمليات الاغتيال في ريف إدلب.

"الجند" و بيعته لـ"فتح الشام"

حملت "أحرار الشام" على لسان الناطق العسكري باسمها، أبو يوسف المهاجر، عناصر "جند الأقصى" المنضويين في "فتح الشام" مسؤولية الاشتباكات في قرى جبل الزاوية يوم أمس، مشككاً ببيعت "الجند" لـ"فتح الشام".

ودعا المهاجر في تصريح لموقع"عنب بلدي" يوم أمس "إلى الفصل في مسائل مختلفة أبرزها أن كتلة الفصيل (جند الأقصى) الموجودة في سرمين بإدلب هي من بايعت فتح الشام، أما العناصر المنتشرون في ريف حماة لم يبايعوها إطلاقًا"، مؤكداً "أن التوجه الحالي للحركة سيكون لاستعادة السيطرة على المقرات في جبل الزاوية، محملاً عناصر الجند في مهاجمتها".

وفي سياق متصل، أكدت مصادر لـ"السورية نت"، إلى أن "عناصر جند الأقصى، أعلنت بيعتها لفتح الشام إسمياً"، في حين أنها لا يخافون في كثير من الأحيان لرفع رايات جند الأقصى سابقاً على مقراتهم وحواجزهم المنتشرة في ريف حماة"، وأضافت المصادر أنه سبق لعناصر الجند داخل مدينة سرمين مؤخراً خروجهم في تظاهرة يحملون رايتهم السابقة وهتفوا بشعارات مؤيدة لتنظيم الدولة، وهذا ما يؤكد تعاطفهم وصلاتهم مع التنظيم".

يشار أن "فتح الشام" أعلنت قبولها بيعة فصيل "جند الأقصى"، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ضمن شروط ، وأبرزها أن الانضمام جاء "بعد قبولهم بمحكمة شرعية، وتسليم المتورطين ومن ترفع دعوى ضدهم، وحل الجند واندماجهم كاملًا داخل فتح الشام وتبني سياستها كاملة".

وجاءت البيعة على خلفية الاقتتال مع "أحرار الشام" والذي راح ضحيته عشرات القتلى والجرحى، وعزم الأخيرة وفصائل أخرى تابعة للمعارضة محاربة "الجند" واستئصالهم وعرضهم على محاكم شرعية للوقوف على جرائم اتهموا بها.

احتقان شعبي

وخلفت الأحداث الأخيرة حالة من الاحتقان لدى الأهالي، رفضاً للاقتتال الدائر بين الفصائل، حيث تناول كثيرون حادثة استشهاد الطفلين وأمهم، محملين الفصيلين مسؤولية استشهادهم، مطالبين بوقف الاقتتال والتوجه إلى مجابهة النظام.




المصدر