هل على دي مستورا أن يلوح بالاستقالة
2 شباط (فبراير - فيفري)، 2017
جيرون
يبدو أن المبعوث الأممي الخاص إلى سورية ستيفان دي مستورا، يعمل وفقًا للطقس، وهو يريد أن يمارس دوره الأممي المفترض، تبعًا لدرجات الحرارة السائدة في العلاقات الدولية الثنائية.
ركز دي مستورا، في مؤتمره الصحافي الأخير، الذي عقده بعد أن قدم تقريره إلى مجلس الأمن الدولي مساء الثلاثاء الماضي، على ما جرى في مؤتمر أستانا الذي أشرفت عليه روسيا بضمانة روسية- تركية مشتركة؛ لتثبيت هدنة، ليؤكد أن إيران تعدّ طرفًا ضامنًا أيضًا.
قدّم دي مستورا أمام مجلس الأمن، شرحًا حول التحضيرات لمؤتمر جنيف القادم، الذي طلب تأجيله إلى 20 شباط/ فبراير الجاري، وعد التأجيل “سيمنح الفرصة للنظام السوري كي يقدم بعض التنازلات”، بينما على المعارضة العمل لتشكيل وفد موحد.
وأوضح أنه سيتجاوزها ويعمل على تشكيل وفد للمعارضة بنفسه، في حال فشلت في تشكيل وفد موحد وشامل عادًا أن “هذا الأمر ضمن صلاحياته”.
وأشار المبعوث الدولي، بحسب “رويترز”، إلى أن الدعوات سيجري توجيهها في 8 شباط/ فبراير الجاري.
من الواضح أن بعض أعضاء مجلس الأمن، ينظرون بريبة وقلق إلى تركيز دي مستورا على مخرجات مؤتمر آستانا، مقابل غضّه الطرف عن مخرجات جنيف وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة. وعبّر ماثيو ريكروفت، مندوب بريطانيا إلى “الأمم المتحدة”، عن “قلق بلاده من احتمال تأجيل وتمييع أسس المفاوضات”، وأكدّ وجوب أن تكون المفاوضات مستندة إلى القرار 2254 وبيان جنيف.
كما لفت ريكروفت، إلى ضرورة وضوح دور الأمم المتحدة في ذلك، وقال: “نحن قلقون لأن (الأمم المتحدة) لم تكن في مقدمة ووسط التحضيرات الدبلوماسية لمفاوضات جنيف، ونحن بحاجة إلى التأكد من أن (الأمم المتحدة) تلعب هذا الدور”.
هذا ما أشار إليه أيضًا المندوب الفرنسي، فرنسوا دولاتر، بقوله: “يجب أن تكون الأمم المتحدة في صلب العملية السياسية”، وأوضح أنه على الجميع احترام إعلان جنيف الذي يدعو إلى مرحلة انتقالية، وقد “وافقت روسيا عليه”.
إضافة إلى ذلك أكد أولوف سكوغ، مندوب السويد، الذي تسلمت بلاده، الشهر الحالي رئاسة مجلس الأمن خلفًا لإسبانيا، أنه “من المهم جدًا الحصول على تأكيد أن (الأمم المتحدة) ستقود الجولة المقبلة من المفاوضات”.
تلك التصريحات، وإن بدت موجهة ضمنًا إلى روسيا، بعدما أدارت بالتعاون مع تركيا وإيران مؤتمر أستانا، تدل على وجود تشكيك في دور دي مستورا، إذ من المفترض أن وجوده يعني وجود المنظمة الدولية، ولكن مع التأكيد على ضرورة حضور المنظمة، يصبح السؤال موجهًا إلى دي مستورا: هل هو مبعوث روسيا والنظام ومخرجات أستانا، بحسب تقريره الأخير لمجلس الأمن؟
في حزيران/ يونيو 2016، أعرب دي مستورا عن أمله في الإعداد لدعوة مفاوضات السلام، لكن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، انتقده بقوله: “إنه قلق حيال تخلي الموفد الدولي أخيرًا عن مسؤولياته”، وأضاف: “إن دي مستورا لم يوجه الدعوة لجولة مفاوضات مقبلة بين السوريين”.
كما أوضح لافروف سبب انتقاده للمبعوث الدولي بقوله: “دي مستورا يقول: إذا اتفقت روسيا والولايات المتحدة فيما بينهما حول سورية، عندئذ ستنظم الأمم المتحدة سلسلة جديدة من المفاوضات بين السوريين”، وأضاف لافروف معلقًا “هذا ليس النهج الملائم”.
يذهب دي مستورا اليوم باتجاه أن التفاهم الروسي التركي- الإيراني في أستانا، سيساعده في توجيه الدعوات للسوريين، وهكذا يضع الرجل مهمته رهن تفاهم دول، وليس ضمن سياق مهمته مبعوثًا دوليًا مكلفًا من مجلس الأمن، ويجب أن تكون محورية عمله القرارات الدولية ذات الصلة، ليأتي من جديد ويستثني ما اتُفق عليه وفدًا للمعارضة السورية في مؤتمر الرياض في كانون الأول/ ديسمبر 2015، إذ شارك فيه أوسع طيف ممكن منها وبغطاء دولي، وخرجت بوفد موحد للتفاوض تحت اسم “الهيئة العليا للمفاوضات”، ليعمل دي مستورا الآن على تجاوزها تجاوزًا تامًا، وليعيد من جديد استعمال تلك المقولات التي رافقت مسيرة الثورة السورية، عندما أراد المجتمع الدولي التخلي عن واجباته، بإلقاء اللوم على المعارضة وعدها مفككة وذات مرجعيات مختلفة.
إن الجهد الذي يبذله دي مستورا، يصب في إعادة تأهيل النظام بشخص بشار الأسد، واستثناء خيارات الشعب السوري، وإن أي جهة تفاوضية تطالب بمرجعية بيان جنيف، لجهة وجود هيئة حكم انتقالية، وبضمانات حازمة لوقف إطلاق النار، وإطلاق سراح المعتقلين، وفك الحصار عن المناطق المحاصرة، وإدخال المساعدات بناء على القرارات الدولية دون أي شرط، كل هذا لا يروق للمبعوث الدولي، وعليه؛ فإنه مستعد لتشكيل وفد معارض سقفه التقاط الصور.
ربما كان من الصواب أن يقول دي مستورا للصحافة، إنه يعتزم الاستقالة من منصبه، إذا لم يقم مجلس الأمن بدعم مؤتمر جنيف المقبل بخطوات إيجابية، وإلزام النظام السوري وإيران وجميع القوى المعتدية والغريبة بالخروج من الأرض السورية، عوضًا عن أن يقول: إن لم تشكل المعارضة وفدها سيشكله هو، هكذا كان ممكن عده مبعوثًا دوليًا يتحرك ضمن مبادئ القانون الدولي، وفي حدود قرار تكليفه الأساسي الصادر عن الأمين العام للأمم المتحدة.
[sociallocker] [/sociallocker]