الحريات الكافرة والظلم

4 فبراير، 2017

ناصر سفان

ينقسم موقف المجتمع الأميركي، والغربي عمومًا، من المسلمين والإسلام. وتتزامن حدّة الانقسام مع وقوع عمليات إرهابية في قلب أوروبا، تجري باسم مسلمين، وبشعارات إسلامية متطرفة.

استغل اليمين الغربي تلك العمليات؛ لإثبات صحة ادعاءاته من أن المهاجرين، وليس المسلمين فحسب، يمثلون قنابل موقوتة. إلا أن المسلمين باتوا على رؤوس الرماح.

تكثف الظاهرة الترامبية الحالة العامّة التي يعيشها الغرب تجاه المهاجرين عمومًا، والمسلمين منهم خاصة، على الرغم من مظاهر الاحتجاج التي نراها في أميركا وبريطانيا، كونهما تمثلان أكثر المجتمعات ممارسة لجميع أشكال الحريات، وخاصة الدينية منها.

المتابع للشأن العام في الغرب، يستشعر أن هناك ميولًا مجتمعية بدأت تتشكل، وباتت تميل إلى اليمين السياسي، وتتداول ذرائعه ضد المهاجرين، وتدعم سياسة الانكفاء المحمول على العرق والانتماء، وقد تمظهر ذلك في “البريكست”.

لا يمكن القول إن هذه الروح الغالبة على اليمين تمثل العمق الثقافي والدستوري لهذه المجتمعات، والدليل أن هذا اليمين ما زال قاصرًا وضعيفًا في تثبيت ذرائعه بقوة القانون والدستور.

يتحمل المسلمون جانبًا مهمًا في دفع هذا الخطر إلى مستويات أعمق، ربما تصل تداعياتها إلى إحداث تغييرات في القوانين والدساتير الغربية التي لازالت تمثل الروح الحديثة والمعاصرة.

الجماعات الإرهابية التي تمارس قتلها باسم الإسلام، تجد قبولًا في بعض أوساط الإسلاميين الذين لا يرون في أفعالها سوى الحقيقة؛ ما قد يدفع إلى تشكّل حاضنة داعمة لهذه الجماعات. الخطورة أن قسمًا لا بأس به من هذه الحاضنة يعيش في الغرب عيشة منعزلة، خائفة، متوجسة وكارهة لثقافة لم تستطع هضمها والتعامل معها، بسبب متلازمة الخوف من “الحريات الكافرة”.

لكن العدد الأكبر من هذه الحاضنة يعيش في بلاد “الظلم”، وذرائعه جاهزة ومسوّغة، بسبب الظلم المستعصي عن الحل الذي مورس باسم “علمانيات مزورة” سلطوية مستبدة، وجدت فيها الجماعات الإسلامية ضالتها، لتسوّغ تشددها، ولتقدم نفسها بديلًا وصاحبة حق إلهي.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]